ليعذرني السادة قراء «الوسط»، فقد اغتالت السلطات، الأمنيات والأحلام بوطنٍ حرٍ وشعب سعيد، ولم تعد أسباب التفاؤل قائمة، فاستحال موضوع الحلقة الثالثة من المقالة الأصلية، من طرح السيناريو الثالث المُحتمل، إلى معالجة الواقع المقضي.
واسمحوا لي أيها الكرام، أن أغلظ في القول لأصحاب الشأن، فقد بات يقيناً بالعقل، أن الدعوة للحوار الثالث، بإدارة الديوان الملكي، لم تكن غايتها إلا الوقوف على آخر مستجدات الموقف الشعبي، خصوصاً من بعد الإجراءات القمعية المفرطة للحراكات الشعبية، طوال الثلاث سنوات الماضية، وازدياد أعداد الشهداء والمعتقلين والمطاردين داخل الوطن وخارجه، ومن بعد كل ما ألمّ بإخوة لنا في الوطن، من إثكال وتيتيم وحسرة على فقد عزيز وغياب معتقل، ها هي السلطات، إثر وقوفها على صمود الحراك واستمرار المطالب، تباغتنا بشهيدٍ نزفه، وببيان اتهام أنه أصيب أثناء صد قوات الأمن لمحاولته دهسها بالسيارة، على رغم الشواهد والمعطيات المادية، جراء إصابته في الساق والرأس من الخلف، فالسائق سواءً انطلق إلى الأمام أو إلى الخلف، فلابد لوجهه أن يقود مَرْآه باتجاه سيره، فإصابة الساق من الخلف لا تكون والشهيد على كرسي سياقة السيارة، بل بملاحقته جارياً، ومأساة القتل.
إن لم تكن إنتقاماً من صموده، أو تنفيذاً لغلٍّ في النفوس.
ثم أتبعتها السلطات، بالحكم القضائي بحل المجلس الإسلامي العلمائي للطائفة الشيعية الكريمة، وهم إخوة للآخر في هذا الوطن، بنوه سوياً رغم اختلاف المذاهب، وتسمية العلمائي هي إختصاص فقهي بشئون المذهب الديني، مثلها مثل دائرة الأوقاف الجعفرية في اختصاصها بأوقاف الطائفة، وكذلك الأوقاف السنية والمحاكم الشرعية للمذهبين، فلكل مذهب فقهه وأحكامه، وكلها مستمدة من الدين الإسلامي حسب اختلاف الاجتهادات.
ما ضرّ المجلس الوطني، لكي يوصي بحل المجلس الإسلامي العلمائي، وما ضرّ الدولة لكي تستجيب؟ والطرفان واحد، بدعوى أن خطباء الشيعة مارسوا السياسة، أفلم يمارسها خطباء السنة أيضاً؟ وبدعوى أخرى أن خطباء الشيعة قد دعوا إلى ممارسة العنف، استناداً إلى قول لعالم شيعي في خطبة الجمعة، «من رأى منكم من يتطاول على عرض إمرأة في الشارع، فاسحقوه»، أفليس مثل هذا الفعل، «التطاول على عرض إمرأة» من المنكر، ليغيّره من رآه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان، فلِم الدولة شديدة العقاب على الشيعة، غفورة رحيمة للسنة، حتى في تنفيذ أحكام القضاء، فطفل هنا يُحبس، ونقابي آثم هناك يرفل رقصاً على أنغام طبل «الليوة».
رغم أني من الداعين لفصل منبر الدين عن منبر السياسة، إلا أن للدين القويم مكانةً، وعالم الدين حين يحفظ العرض، فلا تثريب، بل التثريب على من يُكَفِّـر الآخر لاختلاف مذهبه، ويمس عرضه، فأين الدولة من هذا وذاك؟
فإن كان مسعى الدولة من حل المجلس الإسلامي العلمائي الشيعي، فصل الدين عن السياسة، فلتفعل للسنة ذات الفعل، ونكون من الشادّين على يديها، أم أن في الأمرِ أمراً لا يراه الناس بمثل ما يراه «الشيوخ»؟، ثم أن صفعة على الوجهِ تؤلم النفسَ، إلا أنها قد تُغْفَر، أما الصفعتان فتثيران الغضب وتستوجبان الرد، فدعوة الدولة للحوار والمصالحة بين مكوني المجتمع باطلة، ما لم تكن الدولة قاضياً نزيهاً.
الواضح اليوم في العام 2014، بأوضح مما كان، أن الدولة تعمل على إشغال الناس والمعنيين محلياً وفي المجتمع الدولي، بالحوار، كما شغلتهم لمدة ثلاث سنوات مضت، بوهم العنف والإرهاب والتدخلات الإيرانية، وتشتغل هي بإتمام مستوجبات التقرير الشهير، خصوصاً أنها ملكت إرادة «أفراد» من الطائفتين، مناصرين لها، وملكت إرادة غالبية المتربعين على كراسي المجلس الوطني لقاء ما هيأته لوصولهم المضمون، عبر التعيين وعبر ترسيم الدوائر الانتخابية، وكذلك بعض القضاة، وسلكت ما رسمته باطمئنان، من تجاوزات الدستور والقوانين المحلية والدولية، وفتحت الأبواب على مصراعيها، لمواليها أن يعيثوا في الأرض فساداً، وأغلقتها في وجه المصلحين وحافظي أمن الوطن، فكانت البداية بفرض اجراءات القمع، تصدياً للمطالبات الشعبية، من بعد ما حرّكت أولئك بالتوجيه لتهيئة المسببات الوهمية، ثم بإطلاق اليد للتجاوزات الأمنية، وحفظت لهم الإفلات من المحاسبة والعقاب، واتهمت من تصدى لتجاوزاتهم بالقول والفعل، بالخيانة والتعدي على رجال الأمن، وكلما استشهد مواطن برصاص الأمن في الشارع، أو أثناء وضعه رهن الإعتقال، بَثَّت البيان أنه أصيب أثناء تعدّيه على رجال الأمن.
رجال الأمن في العالم لا يكتسبون الاحترام والحصانة، كونهم لابسي الزيّ الأمني، أو لحملهم السلاح، بل متى ما حفظوا للناس حقوقهم، دون مَيْلٍ لِملّةٍ أو طائفة، وبإلإعتبارٍ للمواطنة والإنسانية.
والحوار ليس بين مكوّني المجتمع، بل هو بين الحكومة وبين المتضرّرين من اجراءاتها وسياساتها من المواطنين، عبر ممثليهم. وليس مَن يعارض الحق في العدالة والمساواة، بطرفٍ للحوار، بل المتوجَب أن تتصدى له الحكومة، لتكون حقاً حكومةً ترعى مصالح المواطنين على قدم المساواة.
وللحوار بين الحكومة ومعارضيها أبجديات، تبدأ بالتهيئة للحوار، وكسب ثقة الأطراف فيما بينها، وليس بزج قيادات أحد طرفي الحوار في السجون، وملاحقة قواعده الشعبية، بالاعتقال وكَيل تُهم الخيانة، فليس مَن في السجون السياسية من قام بفعل جرمي من اغتيال أو تفجير أو إرهاب أو مسٍ بعرض، بل هو الحراك والعمل السياسي بأرقى أدواته وهي السلمية. وهم، أي القادة، هم الضامنون للسلمية، والحكومة لن تكون جادةً في السعي لحل الأزمة عبر الحوار، ما لم تتوقف عن منع المواطنين الجبري، من التعبير عن مطالبهم الجماعية، وما لم تسحب قواتها الأمنية من الشوارع، وإذا كانت تخشى مواطنيها أن يستولوا على مقار عملها من وزارات ومواقع حيوية وما شابه، فلتُمركز قوات الأمن فيها، بعيداً عن الميادين والقرى والشوارع العامة، ومن يعتدي عليها هناك فلتواجهه بالرصاص وتتهمه بالإرهاب، ولتُوقِف كل أعمالها المفرطة القوة ضد مواطنيها، ولتُعلن أنها رهن مخرجات الحوار، وفق المبادئ والقوانين الإنسانية في الدولة المدنية الحديثة، ولتُنفذ النص الدستوري «الشعب مصدر السلطات جميعاً»، والحَكم هو التصويت الشعبي السري، بالصوت المتساوي لكل مواطن، وليس جلجلات من يعارض مبادئ العدالة والمساواة بين المواطنين، على معيار الفرقة الناجية بين المذاهب، إن كان يهمها نظام المملكة الدستورية.
إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"العدد 4166 - السبت 01 فبراير 2014م الموافق 01 ربيع الثاني 1435هـ
God, I feel like I s
God, I feel like I shloud be takin notes! Great work
نعم من حقي
من حقي وحقنا جميعاً تقرير مصيرنا ومنصورين والناصر الله
حسبي الله على بريطانيا و أمريكا
و نقول للمشككين و لابد لليل أن ينجلي و لابد للقيد أن ينكسر
أحسنت
بهذه الأقلام الشريفة والنزيهة ،، نعرف الأمل،،،،
كما أننا نعرف ونعلم .. أن الله يُمهل ولا يُهمل
مواقفك سيسجلها التاريخ لشخصك الكريم
وفيت وكفيت يا بو يوسف
كثر الله من أمثالك بهذا الوعي والدراية والإلمام بجذور ومخارج المشكلة
لك منا كل التحية والتقدير
ص ل
مقال رائع احسنت أستادي الجليل تحياتي لك من أرض الكنانة وقاهرة المعز
ص ل
تحياتي لك استادي الجليل من ارض الكنانة وقاهرة المعز
وطن الجميع
السلطه محتاجة لرجل جريئ يوزن الامور بميزان العقل ويضع مصلحة الوطن فوق مصلحة العائله او القبيله , البحرين تنزف وتغرق ولا توجد بوادر حل ورحم الله من اظهر لي عيوبي يجب ان ترحب به السلطه وتشكرة , لا ان تضايقه وتفصله وتسجنه , واذا غرقت البحرين سيغرق الجميع والجميع مدعواً للتسابق في فعل الخير من اجل الوطن وليس لاجل المصالح الخاصه انه وطن الجميع
قطعت جهيزة قول كل خطيب
شكرا يا استاذ يعقوب ، وطني بحق .
بل ظلمات بعضها فوق بعض تغشى هذا الوطن
خاصة بعد ان اصبح فسّاد القوم في المناصب العليا والشعار الاول هو اذا بليتم فاستتروا واصبح المدانون في قضايا الفساد والتعذيب بمأمن من العقاب فوا ويلاه لهذا الوطن من ظلمات احدقت به
اشكرك. لملامستك الوجدان
اعتقد انك رفعت كل اللبس والشبهات لمن يتعلق بخيال النظام ومن على شاكلته، وأننا بحاجة لمواقف أكثر جرءه وثبات.
آ ه يا وطني
استاذنا الفاضل انت تجبرنا باسلوبك الهادئ على قراءة مقالاتك المعتدله , لقد كفيت و وفيت وتكلمت بلسان حال غالبية شعب البحرين الحر الذي يرفض العبوديه واعطيت شرحا مفصلا يغني حتى عن الحوار ونتمنى من مستشاري الملك ان يوصلوا المقال الى القصر الملكي ليصدر اوامرة بالتغيير لان شعب كشعب البحرين يستاهل كل الخير وليس مكانه السجون والمحاكمات و 3000 معتقل واكثر من 6000 جريح و154 شهيد في البحرين لهو شيئ كبير ويشوه سمعة النظام
سلمت يا أبن سيادي
كل كلمة في مقالك تبكي الانسان الانسان وتستحق على هذا المقال الجميل المكتوب بأنامل أنسان عاش الزمن الجميل كل تحية وتقدير وجزاك الله خيرا
رجل وطني بامتياز
يحس القارئ بحرقة قلبك بين سطور المقال رحم الله والديك. لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.
وضوح الشمس
لكم نتمنى أن يكون هناك من يقرأ ويستشرف المستقبل بحس وطني . كتبت فأبدعت وشرحت فكفيت ووفيت
بو محمد
شكرا لقلمك الحر النزيه .. وبارك الله فيك وفي موقفك هذا الصلب أمام الأقلام الكثيرة المتهاوية .. والسريعة الركض لحطام هنا وهناك .. لقد نضح قلمك سحرا ونطق حقا .. دون تعصب او تخوف .. فالى المجد في زمن كئيب الوجه
كما قال الشعر فاروق جويدة
دعني وجرحي فقد خابت أمانينا
هل من زمان يعيد النبض يحيينا
يا ساقي الحزن لا تعجب ففي وطني
نهر من الحزن يجري في روابينا
كم من زمان كئيب الوجه فرقنا
واليوم عدنا ونفس الجرح يدمينا
جرحي عميق خدعنا في المداوينا
لا الجرح يشفى ولا الشكوى تعزينا
كان الدواء سموما في ضمائ
اغتيل كل شيئ
فقد اغتالت السلطات،الأمنيات والأحلام بوطنٍ حرٍ وشعب سعيد، نعم اغتالت السلطات المواطنة والحب والوئام والدفء والحرية وكل شيئ جميل وليس الأمنيات والأحلام فقط ، نحن نعيش غربة في وطننا،نعامل في وطننا كالعبيد وليس كمواطنين يحق لهم ما يحق لغيرهم.
بصريح العبارة السلطات لا تريد للحوار أن ينجح وتستخدم مواليها لمعارضة اي حل ممكن مقترح ، الموالون لديهم فوبيا من إيران والتي زرعها النظام في نفوسهم وكتاب الصحف الصفراء يبصمون على ذلك دون وعي منهم ، وهو ما يدعوهم إلى عدم قبولهم بالتغيير لأن ذلك فيه خسارة لهم.
شكر للضمير الحي
لقد تمتعوا بالحرام و يصعب ترك الحرام
شكرا لك
انصفت فأبدعت..... نحتاج هذه الاقلام الوطنيه ... شكرا استاذي
الواقع المرير المتكرر
بارك الله فيك اخي على قول الحق في وقت قل ناصريه اعتقد ان النظام غير جاد في الحوار وانما يستخدمه للعلاقات العامه وهو يلعب على عنصر الوقت وعنصر التمييز فكلاهما بحسب اعتقاده قد يحققان ما يصبو اليه، فهل ينجح في ذلك؟
حرارة في القلب
سيدي الفاضل لقد قرأت مقالك كلمة كلمة وحرفا حرفا وأنا لا اكتب بصيغة الخيال أو الإنشاء بل بصيغة الإحساس والوجدان كل كلمة في المقال تمس القلب وتلهبه حرارة لا أدري كيف أعبر لقد خانني الكلام لقد هزتني التفاصيل المؤلمة وأنا أسال هل مات الشعور والإحساس هل كتب على طائفة بعينها أن تذوق المرار بدون ذنب ولكن فقط أتوجه لله تعالى يا رب أنت القادر أنت المغيث أرفع الظلم إنك على كل شيئ قدير ولك منا كل التحية
كلام في الصميم
شكرا لكم
بوحسن
سلمت
في الصميم
بورك قلمك
هذا المقال الرصين ففيه إجابة شافية لتغريدات أحد قيادات الفاتح السابقين المستهزئة بالفكر الشيوعي لوقوفه ضد حل المجلس العلمائي .
مقال بمثابة تقرير مختصر لواقع
تحفظ كوثائق للتاريخ و الاجيال القادمة تلاها مؤمن بالوطن لا الطائفة و ان هو من محبين طائفته و لكن العدل احب اليه. متى يتعلم المحمود ان الظلم هو ابغض الافعال و الاقبح ان يدعى ان الظلم عدلا
اتمنى ان أنام وأصحى وارى منتهكي حقوقنا مسجونون
كل ماذكرته في مقالك واقع وصحيح الم يحن الوقت بالتصعيد النوعي السلمي لفرض واقع جديد على الارض الا توجد أفكار سلمية تجبر الجهات الرسمية إيقاف الانتهاكات أليس بوسعنا ان نعتصم امام بيوت نواب الغفلة سلميا لضغط عليه وخاصة من فازوا بالملحق ومحسوبين على دوائر المعارضة وهم موالين حتى النخاع