العدد 4159 - السبت 25 يناير 2014م الموافق 24 ربيع الاول 1435هـ

وزارة الثقافة... تقصير وإهمال أم ضياع أولويات؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

عكست وسائل التواصل الاجتماعي اهتمام الرأي العام البحريني في الأيام الأخيرة بخبر اكتشاف قناة مائية تاريخية قديمة عن طريق الصدفة، على يد عمال إحدى الشركات المكلّفة من قبل وزارة الأشغال، بإنشاء شبكات الصرف الصحي في قرية «القريّة» في المحافظة الشمالية.

العمال أنفسهم تفاجأوا الأربعاء الماضي بوجود القناة على عمق عدة أمتار، حيث تمتد من عين «أبو عليوه» في قرية المرخ إلى الجنبية. ونقلت «الوسط» عن الأهالي قولهم أن وزارة الأشغال لم تراعِ في مشروع تطوير شبكات الصرف الصحي وجود القنوات المائية التاريخية، وبالتالي تعرّضت للتخريب والطمس.

موضوع القنوات المائية تناولته «الوسط» منذ العام 2005، ونشرت عنه استطلاعاً مصوّراً وعدة مقالات، وطالبت حينها وزارة الثقافة والتراث بحمايتها من الاندثار باعتبارها تراثاً وطنياً، خصوصاً أنها تقع في أملاك خاصة ومهدّدة بالردم والزوال. وحين زرنا المنطقة يومها، اطلعنا على بعض الفتحات (الثُقُب كما يسميها الأهالي) على سطح الأرض، بعضها في أرضٍ مسوّرة لأحد التجار، وأخرى داخل بستان كبير لأحد المتنفذين، دخلناه بصعوبةٍ والتقطنا بعض الصور، وكتبنا عنه، في محاولةٍ لاستنقاذ هذا الإرث الوطني وحمايته من الضياع.

ماذا كانت النتيجة؟ وزارة الثقافة وضعت في إحدى أذنيها طيناً، وفي الأخرى عجيناً، وتصرّفت وكأنها غير معنيةٍ بالأمر لا من قريب ولا من بعيد. والنتيجة مرور ثماني سنوات على هذه القضية، ليأتي عمّال أميون أجانب يحفرون مجارٍ صحية، ليكشفوا لنا بالصدفة قصّة خيبتنا وتقصيرنا وتخاذلنا عن حماية إرثنا الوطني. كما كشفوا عن تقصير وتخاذل وزارة الثقافة عن القيام بواجبها الأساسي، وانشغالها بالبهرجات والمهرجانات واستقدام الفرق الموسيقية الأجنبية، التي تنفق عليها بسخاء، بينما تفرّط في واحدةٍ من أهم أوابد الحضارة التي يفخر بها شعب هذه الجزر العربية.

المواطنون في حديثهم إلى «الوسط» تساءلوا كما تساءلنا قبل ثمانية أعوام: «أين وزارة الثقافة؟»، وذكّروا بموقف الوزيرة مي بنت محمد آل خليفة، في (16 أكتوبر/ تشرين الأول 2009) بشأن التعدّي على إحدى قنوات الري الإسلامية التاريخية في مدينة حمد، حيث صرّحت أن «تجريف قنوات الريّ الإسلامية في البحرين انتهاك صارخ لمواثيق وتوصيات وقرارات دولية، وقارية، وإقليمية ومحلية بخصوص الحماية والحفاظ الأثري والتراثي على نحو ما تبنت هذه العهود اليونسكو والمنظمات الدولية المختصة بالشواهد الحضارية للإنسانية»، وتعهّدت بمحاسبة المسئولين. بينما نرى استمرار التعدي على هذه القنوات وطمس وردم الممرات المائية من قبل الجهات الرسمية، وتقصير الوزارة نفسها في الحفاظ عليها.

في سلطنة عمان اليوم، في أي برنامج وثائقي تلفزيوني أو استطلاع صحافي، يجري التركيز على نظام الري التاريخي هناك (الأفلاج)، وتهتم بإبرازه وحمايته وزارة التراث، لأنّه يمثل عبقرية الإنسان العماني في عصر ما قبل البخار والمضخات الآلية. أما هنا فالأمر لا يعني وزارة الثقافة، ولا الإعلام أو الأشغال، ولا حتى البلديات والزراعة.

الباحث البحريني المختصّ بالتراث، حسين محمد حسين، نقل معلومات مهمة عن مذكرات المستشار تشارلز بلغريف، عن هذا النظام، بإشارته إلى وجود غرفة كبيرة تحت الأرض في قرية الشاخورة تستخدم «كصالة للاستحمام، ذات سقف عالٍ مقوّس ذي أعمدة تتشعب من عمود مركزي، ولها سقف خاص وأرضية من الجبس المتين مغطّى بالرمل الأبيض الناعم». وهذه الغرفة ترتبط بقناة تحت أرضية تصل إلى قرى المرخ وبني جمرة والجنبية، حيث ينتهي مصبها إلى البحر.

بعد صمتٍ وإهمالٍ لأكثر من ثماني سنوات... أصبح من الواجب على وزارة الثقافة تسجيل هذه القنوات المائية على قائمة التراث الإنساني، باعتبارها أولى الأولويات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4159 - السبت 25 يناير 2014م الموافق 24 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 3:08 ص

      مدينة حمد

      لقد تم اختيار موقع المدينة و الشوارع المؤدية اليها عبر اراضي تلال المقابر الاثرية التى تعود لحضارة دلمون في عالي و سار؟ لماذا قامت حكومة البحرين بهذا العمل؟ كان هناك اراضي شاسة في المناطق الجنوبية فلماذا هذه الاراضي؟ هذه اثار و شواهد على حضارات ضاربة في القدم و هي مصدر رزق لا ينتهي فلماذا تم هذا الفعل؟ اقولها انه الفكر التكفيري الذي يهدم و يقتل و يسرق و يكذب, نعم كل هذا و اكثر.

    • زائر 5 | 12:16 ص

      تعريف الاثار التاريخية

      الاثار التاريخية عند وزارة الثقافة هي بيت فلان ودار علان الذين لا تتعدى اعمارهم بضع عشرات من السنين!

    • زائر 10 زائر 5 | 2:21 م

      حال الفقير

      اشتريت ارض في مقابة على شارع واحد ودفعت قيمتها اقساط للبنك. جاءت وزارة الكهرباء وبنت محطة وسدت نصف الواجهة، ،راجعتهم ما في فايدة .لكن اشياء تاريخية تزال لانها في ارض متنفذ

    • زائر 4 | 11:42 م

      لا تمت آثار

      مقابر عالي باعوها السواحل والجزر سرقوها مسجد الخميس ينتظرون تطيح منارتيه خب العيون حدث ولا حرج.

    • زائر 2 | 10:18 م

      لانها تمر في اراضي مسجلة بأسماء متنفذين

      من صدقك سيد توقف المشروع وزارة الثقافة بهذا الاكتشاف المهم لو كان هذا الاكتشاف واقصد القناة المائية في اراضي للفقراء لحوطت الاراضي وصودرت او نقول استملكت لكنها تمر في اراضي متنفذين فكيف تستملك فهذا محال

اقرأ ايضاً