أخيراً، حسمت «جمعيات الفاتح» في بيان رسمي علني نشر يوم الأحد (19 يناير/ كانون الثاني 2013) مصير جمعية الأصالة ووجودها ضمن «ائتلاف جمعيات الفاتح»، وأُعلنت بشكل لا يمكن التشكيك فيه أن «جمعية الأصالة هي الآن خارج مظلة ائتلاف الجمعيات السياسية الوطنية (جمعيات الفاتح)».

منذ مايو/ أيار 2013، ونحن نتحدث عن الصفة التي تبقي جمعية الأصالة على طاولة الحوار، وذلك بعد أن أعلنت جمعية الأصالة وقياداتها في ثلاث مناسبات (بيانين ومقابلة صحافية) انسحابها من الائتلاف، كما قطع أمينها العام النائب عبدالحليم مراد الشك باليقين من خلال مقابلة نشرت في إحدى الصحف المحلية، أكد فيها بشكل قاطع «الانسحاب» من «جمعيات الفاتح».

ولأن «جمعيات الفاتح» والسلطة استوعبتا المأزق السياسي، الذي وقعتا فيه من خلال الإعلان غير المدروس للأصالة بالانسحاب في ظل جملة خلافات نشرت على العلن بين التيار السلفي وجماعة «تجمع الوحدة الوطنية»، عمل الجميع على التحايل، فيما تهربت الأصالة وقياداتها عن أسئلة الصحافيين قبل جلسات الحوار السابق وبعدها عن تبعات الانسحاب، ومصيرهم على طاولة الحوار، إذ كان الجواب من ممثلهم على طاولة الحوار السابقة أنه لا يملك حق التصريح في هذا الموضوع، وأن الأمين العام للجمعية عبدالحليم مراد وحده المخوّل بذلك، وذلك للهروب من مأزق عدم قانونية وجودهم على طاولة الحوار.

بعد ثمانية أشهر من عدم قانونية وجود «الأصالة» على طاولة الحوار، رغم «الحيل غير الشرعية» التي مارستها الجمعية وجمعيات الفاتح للالتفاف على تركيبة طاولة الحوار التي تشترط وجود أربعة أطراف على الطاولة وهي (الحكومة، جمعيات الفاتح، جمعيات المعارضة، والمستقلين من السلطة التشريعية)، ولا مكان لأي طرف خارج مظلة الأطراف الأربعة.

قبل أكثر من 11 شهراً، وبالتحديد في العاشر من فبراير/ شباط 2013، كشفت جمعية الرابطة الإسلامية عن اتصال من وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف تدعوها للمشاركة في الحوار «ضمن أحد فريقين، المعارضة أو جمعيات الفاتح».

شكل بيان جمعية الرابطة «صدمةً» في ذلك الوقت، إذ لم يكن يتوقع أحد أن السلطة قسمت الجمعيات السياسية في البلد إلى قسمين (معارضة، موالاة)، وفرضت واقع الحوار على أربع فرق، وهي (الحكومة، جمعيات الفاتح، المعارضة، والمستقلين من السلطة التشريعية)، ورفضت أن تشارك أي جمعية سياسية خارج نطاق ذلك التقسيم.

جمعية الرابطة، سردت يومها مجموعة من المبررات التي منعتها من المشاركة في الحوار، وأعلنت بعدها رفض المشاركة فيه لدواعٍ رأت أنها جوهرية تكمن في جر البلد لمستنقع الطائفية.

من خلال بيان جمعية الرابطة، وعدم نفي وزارة العدل لما جاء فيه، فإن أي جمعية سياسية تشارك في الحوار يجب أن تكون منضويةً تحت مظلتين، إما المعارضة أو «جمعيات الفاتح» ولا خيار ثالث لها، وليس من حق أية جمعية سياسية الجلوس على طاولة الحوار، ما لم تكن ضمن أحد الفريقين (المعارضة أو الموالاة).

دعوة ومبادرة ولي العهد الجديدة، تأتي بحسب بيان مصدر مسئول بالديوان الملكي في (18 يناير/ كانون الثاني 2014) كمرحلة جديدة لاستكمال حوار التوافق الوطني. (أي بدأت التقسيم والتمثيل).

في الثامن من مايو/ أيار 2013 أعلن بشكل غير رسمي انسحاب جمعية الأصالة الإسلامية من ائتلاف «جمعيات الفاتح» نتيجة خلافات واضحة للجميع بين «الأصالة» وتجمع الوحدة. ويوم الجمعة (10 مايو 2013) نشر عضو الأصالة أحمد المالكي، على «تويتر» بيان انسحاب الجمعية من ائتلاف جمعيات الفاتح، وذكر أن «الجمعية ستستمر في المشاركة في الحوار رغم انسحابها من ائتلاف الفاتح» الذي وصفه بأنه «ائتلاف غير حقيقي، وأداة بيد تجمع الوحدة، ولا يملك مشروعاً وطنياً، ولم يعد يمثل شارع الفاتح»!

مع خشونة البيان «الأول» وسيل الاتهامات بحق «جمعيات الفاتح» بشكل عام وجمعية التجمع بشكل خاص، صدر يوم السبت (11 مايو 2013) بيان آخر عن الجمعية وكان مقتضباً جداً، إلا أنه أكد على أهم نقطة وهي انسحاب الأصالة من «ائتلاف جمعيات الفاتح»! وقد أكدت «الأصالة» في بيانيها «الأول» الطويل و«الثاني» القصير، على أنها باقية في الحوار، ولكن دون أن تحدد تحت أية مظلة ستكون موجودة على الطاولة التي لا يوجد فيها إلا حكومة، وبالتأكيد الأصالة جمعية سياسية، وممثلها ليس وزيراً وليست من المستقلين، وحاشى لله أن تكون «الأصالة» في صفوف المعارضة.

كل ذلك كان من تداعيات الحوار السابق، أما مع مبادرة ولي العهد الجديدة، فقد أصبح اللعب بالمكشوف، وبانت الخلافات علناً، وصدر بيان رسمي من «جمعيات الفاتح» يؤكد فيه خروج «الأصالة» من مظلتها.

بعد كل ذلك، يوجه السؤال للقائمين على الحوار: بأية صفة سيشارك ممثل الأصالة على الطاولة في أي جلسات حوار أو لقاءات ثنائية؟ وتحت أية مظلة؟ ومع أي فريق؟ أم سيعاد ترتيب الطاولة من جديد بحيث سيكون فيها متحاورون غير محسوبين على أي من الفرق الأربعة السابقة، وهل ستوجه الدعوة إلى جمعية الرابطة أيضاً لأنها رفضت من قبل أن تشارك إما مع المعارضة أو مع الفاتح والموالاة.

في الأيام القليلة المقبلة، سنكتشف مدى قدرة من يدير الحوار على ضبط الإيقاع، ورفض التلاعب به من خلال «حيل» مكشوفة لجمعيات الفاتح، وجمعية الأصالة، وبات من الضروري إخراج جمعية الأصالة من أي حوار مقبل، أو إعادة تشكيل الطاولة من جديد، وفق معطيات جديدة ومرحلة متغيرة.