عاش شعب البحرين بكل مكوناته الدينية والمذهبية والعرقية، مسالماً متآلفاً ودوداً نابذاً للعصبيات غير الرشيدة، ومعارضاً لكل الأفكار الهدّامة، ورافضاً لكل النداءات الطائفية البغيضة، وميالاً للعدل والمساواة والإنصاف.
لقد عاش البحريني كارهاً للظلم بكل مسمياته، ومحباً لكل الأصوات التي تقدر الكرامة الإنسانية، ساعياً إلى كل ما فيه خير وصلاح البلاد والعباد طوال حياته. ولكن في الأزمة السياسية التي بدأت في 14 فبراير/ شباط 2011 وجد تحركاً مريباً للنفوس الطائفية المريضة، بهدف تشويه حراكه السياسي السلمي، ولتخريب كل ما هو خيّر بين المكوّنين الأساسيين الكريمين في المجتمع ثانياً. وقد اتضحت سريعاً لكل عاقل واع في هذا الوطن الطيب ماهيتها الحقيقية التي كانت تخفيها عن الناس سنوات طويلة، وكانت تشيع في أوساط المجتمع أن كل الصداقات والعلاقات الاجتماعية والإنسانية والوطنية التي كانت سائدة بين أبناء الوطن ما هي إلا سراب.
وقد زادت المصيبة خطورةً عندما سمح لأصحاب الثقافات السلبية التي تدعو إلى البغض والكراهية والانتقام من الآخر، بنفث سمومها الطائفية في أوساط الناس بكل حرية ومن دون مراقبة عبر مختلف الوسائل الإعلامية الرسمية وشبه الرسمية، وعبر بعض منابر الجمعة. وكانت تعمل بكل جد من أجل تحويل المجتمع إلى أشلاء مذهبية متناثرة، لتكون لا حول لها ولا قوة، وتراهم يغضبون كثيراً وتنتفخ أوداجهم وتحمر عيونهم وتقشعر أبدانهم وترتعد فرائصهم على كل شخص منصف غيور على وطنه يحاول إفشال مخططاتهم غير الإنسانية التي تريد تقطيع أواصر المحبة بين الناس.
إن هؤلاء ما أن يسمعوا عن مبادرة حتى ولو كانت غير واضحة المعالم وليس لها مؤشرات ودلائل جلية على أرض الواقع، تجدهم يشنون عليها هجوماً وقائياً عنيفاً، حتى لا يسمحوا لها بأن تتحول إلى حقيقة، فيخسرون كل ما كسبوه من إشعالهم للفتن الطائفية. فهم يريدون للعباد أن يعيشوا دائماً في ظلام دامس، لا يرون إلا الأشباح الوهمية ولا يسمعون إلا أصوات النشاز التي تنادي بالفتنة. يخافون كثيراً من الناس الذين خدعوهم ومارسوا معهم الدجل بكل أنواعه، وقاموا بتحذيرهم طوال ثلاث سنوات من عدو وهمي ليس له وجود إلا في أذهانهم البائسة، لأنهم يعلمون مدى خطورة كشف حقيقتهم إلى الناس، وتأثير ذلك المباشر على واقعهم الاجتماعي والسياسي والإنساني.
مثل هؤلاء النفر ينظرون إلى الثقافة الواعية البصيرة من ألد الأعداء لهم، فلهذا تراهم يبذلون الجهود الكبيرة من أجل حجب الناس عن المعرفة الواعية بكل الوسائل والطرق المتاحة لهم، فتجدهم يرتاحون كثيراً إذا ما سادت الأمية السياسية والحقوقية والقانونية في أوساط المجتمع، ويغيظهم الإنسان الواعي الذي يميّز بين الغث والسمين، ويحاولون دائماً أن يعطوا لأنفسهم ميزةً مصطنعة، بأنهم وحدهم الذين يمثلون الشعب وليست قوى المعارضة الوطنية الديمقراطية. وهم وحدهم العالمون والفاهمون بخبايا الأمور، وعامة الناس لا يعلمون إلا بظواهر الأشياء، فلهذا يجب عليهم أن يتبعوهم كالإمعات من دون أن يسألوهم إلى أين يتجهون. ويجتهدون في بناء الجدر السمكية بين مختلف مكونات الوطن من خلال استخدام بعض المفاهيم والمصطلحات المذهبية التي يقومون بتأويلها حسب أمزجتهم غير السوية، والتي ليس لها وجود إلا في عقولهم البالية.
الشيء الجيد أن الناس الذين صدّقوهم في أول أيام الأزمة السياسية أصبحوا يدركون أن هؤلاء الأشخاص الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة، والذين استطاعوا في عام 2011 أن يجمعوا آلاف الناس عبر خداعهم وتدليسهم وأكاذيبهم، قد أصبحت أصواتهم نشازاً في هذه الأيام، فلا أحد يعير لهم أدنى اهتمام.
ولا شك أن هذا الصد من الناس جعلهم يتوجسون كثيراً على مستقبلهم، وكأنهم لم يسمعوا الوعد الإلهي الذي أورده الله في كتابه الحكيم: «فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره» ( الزلزلة، 7و8). وكل عاقلٍ واعٍ يعلم علماً يقينياً أن الذين يشيعون الفتن المذهبية بين الناس ويعملون على تشتيتهم وإضعاف علاقاتهم الاجتماعية والإنسانية، إنما يعملون ضد الإرادة الإلهية التي دعت إلى الاعتصام بحبل الله، ونهت عن الفرقة.
إن هؤلاء يرتكبون إثماً عظيماً بحقّ مجتمعاتهم ووطنهم ودينهم. فلهذا ننصحهم بالاستماع إلى صوت العقل والمنطق، ويكفوا عن فعل الشر قبل وقوفهم أمام محكمة العدل الإلهي التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصتها، وقبل مثولهم في اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. والله نسأل أن يحفظ وطننا الحبيب وأهله الكرام من كل إنسان يريد لهما الشر والسوء.
إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"العدد 4155 - الثلثاء 21 يناير 2014م الموافق 20 ربيع الاول 1435هـ
الطائفية البغيضة
هناك فهم مغلوط عند البعض أن الذي ينتقد ممارسات الطائفين ينعتوه بالطائفي ،ولهذا نتمنى مراجعة فهمهم حتى لا تكون الطائفية منهج في تعاملهم مع الآخرين
محمد
الشعوب لا اتهش ولا اتنش الحكومات تصنع الاديان وتتحكم ابه وهي اتحرض طائفة على طائفة
تعليق على رقم واحد
أعتقد بأن الكاتب هو دائما من الماربين ضد الطائفيه وليس من دعات الطائفيه والتميز العنصر الحاصل .فاعتقد عليك انت مراجعة مقالته السابقه وليس هو. وكما انت وانا نفهم جيدا من هم دعات الفرقه من اجل مصالحهم الشخصيه لأنهم بوحدة المجتمع البحريني كما كنا و بدون بحراني وهولي ,وأنت وانا نحصل على مانستحقه كلأ حسب كفائته وعلمه وخبرته. في التوظيف والسكان وغير ذلك.وما اقول الأ الله يحفظ البحرين واهلهاء.
المرونة الرائعة .
لن نجد قيادة مرنة مثل قيادتنا فى البحرين لذا علينا أن نشكر الله تعالى فكثير من الدول تعانى شعوبها من الديكتاتوريات أما نحن فننعم.بقيادة أفردت مساحة كبيرة للحرية ونبذ الكراهية فيا عجبا كيف يتجرأ البعض على قيادتنا ..الله يهدى الجميع للحق والصواب .
منذ الأزل !
هذا الأمر راسخ في قلوب كل البحرينيين منذ مئات السنين
التكفير هو العتبة الأولى للطائفية
أول رفض للطائفية و الكراهية ينبغي أن يُصوَّب تجاه التكفير! التكفير الشيعي للسنة؛ و التكفير السني للشيعة! ولا يكون عبر رؤساء الأحزاب و الجمعيات؛ ولا الصحف و المصقات! بل من كبار المراجع من المذهبين. و أي مرجع يحجم عن إصدار ذلك باللغة الواضحة؛ فهو الطائفي التكفيريي البغيض ... الذي يجب أن يفضح، لأنه أساس الطائفية و الكراهية!
ابراهيم الدوسري
انت تتحدث عن الطائفية راجع مقالتك السابقة
انا راجعت مقال الاستاذ واتحداك ان تأتي بفقرة فيها طائفية
هل تعلم يا دوسري ما هي مشكلك امثالك؟ لقد صنفتم الشعب الى معزب وحاشيته ولهم كل شيء و القسم الاخر يفترض يقدمون الخدمات للفئة الاولى واذا تحدث شخص عن جور وقع عليه اتهم الطائفية . تصور نفسك ان ولدك ولاسباب قبلية يرفض ان يوظف في الجيش و الامن و الجوازات و المالية و الجهاز المركزي للاحصاء و التربية بحدود ضيقة و البلدية فيها تطهير واذا تحدثك انك واقع تحت التمييز و التهميش كونك دوسري اتهمك من يقصيك انك تثير النعرات القبلية ماذا سيكون موقفك