الرقم «13» علامة شؤم لدى العديد من الشعوب، وتعمد العديد من البلدان والمؤسسات في بعض الدول إلى استبعاده وتجاوزه من إشارات العناوين والمداخل في صالات الاحتفالات والملاعب الرياضية والمباني ومقاعد الطائرات. وتحرص بعض الشعوب وخصوصاً الشعوب الأوروبية على عدم إقامة حفلات الزواج ومناسبات الأفراح في هذا اليوم من الشهر. ويشكل الرقم 13 مؤشر شؤم للشعب اليمني لما تركته أحداث 13 يناير 1986 من آثار مأساوية على واقع المنظومة المجتمعية، وتهتك مقومات نسيجه الاجتماعي وتسببها في سلسة الأحداث المتواترة التي يعاني تبعاتها المأساوية بسطاء الشعب اليمني.
عندما احتفل العالم برأس السنة لعام 2012 كانت المخاوف تحيط بأجواء الاحتفالات في شأن ما يخبئه العام الجديد 2013 من مجهول، وعلى الرغم من ذلك كان الأمل والتطلع لآفاق أكثر إشراقاً بولوج عام جديد تسعد فيه البشرية هو الطابع العام الذي أكد حضوره في مزاج ونفسيات الجماعات المتباينة في معتقداتها ومرئياتها. بيد أن ذلك الطموح عصفت به الأحداث المأساوية المتواترة طوال أيام العام الماضي المتداخلة في مكوناتها وأهدافها وآثارها الإنسانية التي شهدتها العديد من البلدان في مختلف بقاع العالم، وأحدثت حالة كارثية بالنسبة لعدد من الشعوب.
وللأحداث البيئية موقعها البارز في قائمة الأحداث العالمية للعام 2013، وتشير التقارير إلى سلسلة الكوارث الطبيعية التي شهدها العالم وتركت آثارها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وتسبّبت في وفاة عدد كبير من الأفراد، وإحداث دمار في المنظومة البيئية لعدد من الدول. ومن أبرز الكوارث الطبيعية التي شهدها العام الماضي إعصار «هايان» في الفلبين، وزلزال «سيشوان» في غرب الصين، وجفاف بحيرة «تشاد»، وإعصار «أوساغي» الذي ضرب مدينة «قوانجدونج» في شمال الصين، وإعصار «ايلا» في منطقة «باتواكالي» في بنجلاديش، والفيضانات التي اجتاحت جزيرة «مينداناو» في الفلبين، والزلزال الذي ضرب إقليم «يونان» جنوب غربي الصين، وفيضانات «بوينس آريس» في الأرجنتين، والجفاف في «ناميبيا» وفيضانات «هوبي» و»قانسو» و»سيتشوان، و»شين» في الصين.
الصراعات العرقية والطائفية كانت الأكثر مأساوية في أحداث العام 2013، مقاربةً لما خلفته من دمار إنساني، والتسبب في تصاعد جيش المهاجرين والمشردين، وزيادة وتيرة الفقر والمجاعة في العالم. وكان لتلك الأحداث أثرها البيّن في الواقع العربي، حيث تسبّبت في تفتيت وحدة المكوّن الاجتماعي وتهتك نسيجه المجتمعي، وإحداث الخلل العميق في بنى منظومة القرار الجمعي العربي.
الإرهاب بمختلف منابعه وتجلياته وأشكاله، يشكّل الحدث الأكثر مأساويةً في خارطة الأحداث للعام 2013 في وطننا العربي. وتشير مظاهر الإرهاب إلى مشاهد النهج الدموي في حل الخلافات، وما رافقها من أساليب القتل الجماعي والبربري الذي تعرّض إليه قطاعٌ واسعٌ من المجتمعات العربية، وتسبّب ذلك في تصاعد مستوى الضحايا من الأبرياء وإحداث العاهات المزمنة لأعداد كبيرة من الضحايا في البلدان التي تعرّضت لموجة الإرهاب المنظم والممنهج، وبروز شريحة من العناصر التي تتبنى وسيلة القتل والإجرام، إلى جانب إحداث الخلل النفسي والهلع والخوف لدى شريحة واسعة من المجتمع، على مستقبل حياتهم وحياة الأجيال المقبلة لمجتمعاتهم.
يقابل ذلك الخلل والانقسام العميق الذي أفرزته الأحداث في قطاع المثقفين المتمثل في مواقف بعض الكتاب والمفكرين غير المدروسة وتقييمهم غير المتعقل لواقع الأحداث، إلى جانب بروز فئة تميزت بنهجها الأصفر في معالجة واقع الأحداث، وما كان يعرف عنهم بسماسرة أو مرتزقة الحركة الثقافية. وترك ذلك المنعطف في الحراك الثقافي العربي أثره السلبي على واقع منجزات الحركة التنويرية وإضعاف قدراتها على المساهمة في تشكيل قوة مناهضة لثقافة العنف، وصون وحدة النسيج الاجتماعي، وعدم تمكنها نتيجة ذلك المنعطف من الدفاع عن القيم التي كانت تنادي لتكريسها الحركة الثقافية والفكرية العربية في المفاهيم القيمية لثقافة المجتمعات العربية.
عام جديد بدأنا نسير بحذر في دروبه غير المعروف منعطفاته، يرافقنا في ذلك الأمل والطموح لمستقبل رحيم في أحداثه ومنجزاته، أكثر رأفةً في خطواته ومؤشراته، بيد أن المنجز الايجابي لذلك الطموح في حاجة إلى توفر مقومات داعمة أكثر صدقاً ومسئولية. إنه في حاجةٍ إلى مبادرات قادرة على أن تحدث منعطفاً تاريخياً ذا بعدٍ إنساني قادر على إحداث التحول النوعي في مسار الواقع العربي المتردي.
مجتمعنا العربي من مشرقه إلى مغربه، يطمح ويأمل بأن يبادر الحكماء في مجتمعاتنا إلى العمل على جرف أكوام المعوقات والحواجز النفسية المصطنعة، وتعبيد الطريق لصناعة واقع جديد يمكننا من إعادة وحدة النسيج الاجتماعي وتنظيف مجتمعاتنا العربية من ملوثات العصر، وتمكينها من العيش في أمن وسلام، وذلك ما يتمناه الجميع في العام الجديد.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 4136 - الخميس 02 يناير 2014م الموافق 29 صفر 1435هـ
الى زائر-2
يسمح لي الكاتب بالرد على الزائر -2
المقال لايعالج قضايا فقهية بل يعالج قضايا مجتمعية هي حديث الساعة وتبين لي من خلال قراءة افكار المقال انه اراد ان يساهم في دعم رسائل الكتاب التي تدعوا الى نبذ العنف وتعزيز اتجاهات الوحدة
ما يخص بتفسيراتك للعام والسنة يبدو لي ليس فيه صواب، فالعام والسنة لهم دلالة ومعنى واحد ذلك من تبينا معانيه من رد الهيئة العامة للشؤون الاسلامية والاوقاف في دولة الامارات على سؤال أحده:ماهو الفرق بين كلمة (عام) وكلمة (سنة) في القرآن الكريم بالأدلة لو أمكن؟
مع شديد اعتذاري للكاتب
قاعدة
مع احترامي للكاتب العزيز. يجب علينا أن نفرق بين كلمة عام وبين سنة. العام فيه الخير والسنة فيها عكس ذلك، فلو رجعنا للقرآن الكريم لوجدنا: سبع سنين دأبا، سبع شداد، حتى إذا بلغ أربعين سنة، فلبث في قومه الف سنة إلا خمسين عاما، وحمله وفصاله في عامين. جمعة مباركة
محمد
الله يسمع منك وايكون عام جديد لكل البشرية