منذ الصفحات الأولى للرواية يتضح مغزى عالية ممدوح من إطلاق اسم «المحبوبات» على روايتها، إنهن محبوبات سهيلة «أسماء، بلانش، تيسا، كارولين، سارة، نرجس، وُجْدْ....».
سهيلة ممثلة وراقصة عراقية تعيش في باريس مع ابنها الوحيد «نادر» الذي تزوج فيما بعد وسافر إلى كندا. تدور الرواية حول علاقة أم وابن: جاسوسان، أحدهما يتجسس على الآخر، في أي وقت، وسط الجماعة، وكل على انفراد، علاقة بين نعم وكلا، بين التعلق بالأم والرفض لرغبة التملك لديها، أم تعامل وحيدها الذكر على انه الابنة الأنثى التي كانت تريدها بدلا منه لذلك كانت دائما تناديه ثريا «الثريا، سأناديك الثريا بدلا من نادر».
تبدأ أحداث الرواية بشريط الذكريات يمر أمام نادر وهو في طريقه من كندا إلى باريس، حيث ترقد سهيلة إثر اصابتها بغيبوبة، ومعها يبدأ ظهور المحبوبات وتجسيد لعوالم أنثوية مختلفة الثقافات والأجناس يجمعها حب سهيلة العراقية التي تفتح قلبها وعقلها وبيتها لهؤلاء المحبوبات كتعويض أو بديل عن الوطن البعيد والجريح الذي تنقله معها حيث تنتقل «تجلب بغداد دائما إلى كل مكان عشنا فيه لكي تحتمل، لكي تبقى ولا تموت. إذا كان ثمة شيء صرع سهيلة فهو بغداد».
هؤلاء المحبوبات يتبادلن الألم والسعادة والحب بشقاوة المراهقات، ويشاركن سهيلة في حب وتدليل وحيدها نادر: «هل بلغت سن الرشد أمام محبوبات سهيلة وصرت مواطنا سويا كي أنال رضاهن عني». وككل الروايات العراقية تضج بالعاطفة والوجع الممزوج بالهيل كما الشاي العراقي والحنين إلى ذلك الوطن الذي اصبح مرضا لا شفاء منه: «لا شفاء لي من العراق إذا. حتى السموم لن تشفيني منه».
هذا الوطن الذي ظلت سهيلة وفية له تسمع أغانيه وبكاءه وتتعلق بأستاره: «بقيت ترسل إلي تسجيلات أغان عراقية قديمة جدا، قدم منها ومن أجدادها»، كانت هي الانتماء في حين أن نادر هو رمز «الشتات العراقي» يبقى متأرجحا بين نسيان العراق والاندماج في جنسيته البريطانية «تفحصني بنظرات ثابتة: شاب عراقي، كل ما يريده موطئ قدم، قدمين لكي يستحق حظوة الجنسيتين اللتين سيحصل عليهما عما قريب»، وبين أمه سهيلة التي تشده إلى عراقها: «كنت لا أزال متشبثا بالنبتة. كأنما هي صلة وصل بيني وبين ما انقطع من جذوري. كنت امسكها برفق، كأنما فيها بعض من روح أمي ووطني الذي غبت عنه طويلا».
في المستشفى حيث ترقد سهيلة تجتمع خلطة من عدة ثقافات تمزجها سهيلة بالعراق، فكارولين الغربية لا علاقة لها بالشرق، تبدو مثل بلانش العراقية ونرجس اللبنانية، ووجد وأسماء تجلس على الأرض، وتتبارى مع بلانش في تدخين النارجيلة وتأكل بيدها مثلهن ولاسيما ثريد البامية والباقلاء اليابسة، أسماء العراقية التي تظهر في الرواية كطيف عراقي أصيل بلهجتها العراقية الدافئة. الصبر عملها الإضافي الذي يبدأ منذ الصباح الباكر حتى اليوم التالي تبحث عنه، وإذا ما عثرت عليه تغمر به الجميع، توزع حنانها العراقي في كل مكان كما توزع خبز العباس مع الشاي بالهيل: «أخرجت رغيفا لايزال دافئا، تفوح منه رائحة البهارات العراقية. الفطيرة كلما هبت في وجهي أسرعت بي إلى هناك. شعرت بأنني عراقي له قيمة ما، حتى لو كانت مختبئة ومعجونة في رغيف خبز يزيد من وحشتي، ويجعلني ارقب الطريق ما بين سهيلة وبغداد وهذه المضيفة الكريمة».
أسماء التي لا تبدو بوضوح في الرواية لكنها أعطتها نكهة عراقية مميزة، وكتبت مقاطع ظهورها بمهارة فائقة في حين نجد أن بعض المقاطع كتبت بشيء من التصنع والعبارات المقحمة والمقززة والتي كتبت بفجاجة لغوية غير مبررة تتضاءل معها حبكة الرواية وتتفكك، وأحيانا تتماسك وتترابط لكن ينفرط عقدها في الفصلين الأخيرين حين تبدأ بيوميات سهيلة ورسائل محبوباتها، إذ تصبح الرواية بلا هدف أو قيمة أدبية يشعر معها القارئ أن عليه أن يتثاءب أو يدع قراءة الرواية جانبا