هذه وثيقة تعود إلى أحد أكابر تجار البحرين في النصف الأول من القرن العشرين، تاجر اللؤلؤ المشهور حينها داخل وخارج البحرين، ألا وهو الحاج أحمد بن علي بن خميس. وتاريخها المذكور في أعلاها هو العاشر من شهر شعبان العام 1351 هـ (الموافق 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 1932م)، وهي مرسلة منه شخصيّاً إلى مستشار حكومة البحرين في تلك الفترة، وقد كُتب في أعلاها، كما وصلتني، هذه العبارة بخط جميل وواضح «كتاب الحاج أحمد بن خميس السنابسي: جواباً على كتابنا له».
تقول الوثيقة:
«بسم الله تعالي
في 10 شعبان سنة 1351
الى حضرة جناب الأجل الأكرم المكرم الأفخم مستشار حكومة البحرين المحترم
بسم الله تعالى
بعد السلام والتحية والإكرام غير ذلك خطكم الشريف المؤرخ في 9 الجاري وصل وتلوناه مسرورين بسلامتكم وما ذكرتم صح عند محبكم معلوم سيما عرفتون من طرف الوقف الذي الى الماتم بأنني الحقير لا غير ويدي عليه ذكرتون بيت وحضور وبستان، اما البيت فهو وقف ذرية، وأما البستان فهو دالية (نمون؟) ثمرتها تسوا 30 روبية، وانا اصرف عليها 120 روبية وهذا شي ضاهر كالشمس في رابعة النهار والحضور وقف الماتم المذكور من مدة اربع سنين اعطيهم القاري الذي يقرا في الماتم باجرهم ويقبض الاجار، والحقير ان كان جانبك تذكر يوم جنابك و(كبتن برت؟) عندي في البيت اخبرتكم لاني ما اخفي عليكم واوراق لحضور والبيت وجميع دفاتري واوراقي في بيت الدولة من يوم كان (ميجور ديلي) في البحرين وكشفو عليهم حتى يصير عندكم معلوم اني صادق، ومن طرف الدالية كشفو عليها الآن او في وقت الثمرة وشوفو الصادق من الكاذب، ولحضور في هذه السنة الماضية راحت ستة الآتيه اذا تحبون تقبضونهم الحقير تحت السمع والطاعه ولا هم وقف غيري (بلا وقفين؟) انا واوراق الوثيقة (؟؟) والدالية والبيت فيهم شهادة الشيخ احمد بن حرز وابنه الشيخ اسليمان والشيخ عبدالله المصلي ونفر من غير العلماء.
هذا الذي علىّ ابين لكم والامر راجع الى الله ولكم ودمتم سالمين والسلام
صحيح الاقل
احمد بن علي بن خميس».
تعليقاً على هذه الوثيقة التاريخية المهمة في تدوين تفاصيل تاريخ البحرين المحلي والعلاقة بين السلطات وتجار زمن اللؤلؤ؛ نشير بداية إلى أن الرسالة التي بعثها المستشار (تشارلز بلغريف) بتاريخ 9 شعبان لعام 1351 هـ إلى الحاج احمد بن خميس السنابسي، كما دونته الوثيقة، لا تتوافر بين ايدينا حالياً، وبناءً على الأسئلة والاستفسارات «البلغريفية» التي تضمنتها جاء رد بن خميس المذكور في هذه الوثيقة.
لكن يبدو أن تلك الرسالة قد أثارت عدة جوانب في نفس الحاج أحمد وصل بعضها لبث الشكوك في عمله، وهو الذي قد عُرف بصدقه وإخلاصه ووقوفه مع كلمة الحق بفعله، بين جميع الأهالي في البحرين. وهذا ما جعله يذكر في طيات رده بتأثر واضح مثل هذه العبارات «وانا اصرف عليها (الدالية) 120 روبية وهذا شي ضاهر كالشمس في رابعة النهار»، «يوم جنابك عندي في البيت اخبرتكم لاني ما اخفي عليكم»، «ومن طرف الدالية كشفو عليها الآن او في وقت الثمرة وشوفو الصادق من الكاذب».
كما توضح الوثيقة مدى تغلغل نظام (بلغريف) في تتبع أدق التفاصيل في حياة الناس وأملاكهم الخاصة، والتدخل في شئونهم كافة وخصوصاً المالية منها، ما انعكس سلباً وصار منهجاً يُتأسى به في المراحل التالية له. فالمستشار يتابع أوقافاً خاصة من حر أملاك بن خميس جعلها لمأتم بن خميس في السنابس ليتم السؤال عنها، وعن كيفية إدارتها، وجهة صرف أموالها! مع أن بن خميس من مواطني البحرين قبل وصول المستشار الانجليزي (بلغريف) وغيره.
كما تؤكد هذه الوثيقة بشكل واضح المساحة الواسعة التي حظي بها الحاج أحمد بن خميس في البحرين في تلك الفترة لدرجة أن المعتمد البريطاني، والمستشار يقومان بزيارته في منزله الخاص بقرية سنابس القديمة ليتباحثوا معه في عدة أمور اجتماعية وسياسية واقتصادية. حيث ذكرت الوثيقة هذه العبارة « تذكر يوم جنابك و(كبتن برت؟) عندي في البيت». وإن صحّت العبارة، فلربما هو يقصد (الميجور شارلز جونسون - باريت) المعتمد السياسي البريطاني في البحرين في الفترة من سبتمبر/ أيلول 1926 إلى ابريل/ نيسان 1929، وكان هو من المعاصرين لـ (بلغريف). كما كان (الميجور كلايف كيركباتريك - ديلي) من المعاصرين لبن خميس عندما كان معتمداً سياسيّاً في البحرين للفترة من يناير/ كانون الثاني 1921 إلى سبتمبر/ أيلول 1926، ولهذا تجد بن خميس يذكر أيضاً عبارة جداً مهمة أن جميع ما كان يملكه من وثائق وأوراق خاصة به وكشف بأملاكه مخزنة في مكتب المعتمد السياسي البريطاني آنذاك، بقوله: «واوراق لحضور والبيت وجميع دفاتري وأوراقي في بيت الدولة من يوم كان (ميجور ديلي) في البحرين وكشفو عليهم حتى يصير عندكم معلوم أني صادق».
فهذه الوثيقة تحتاج لدراسة دقيقة بربطها بعديد من الأحداث والمعطيات على الساحة البحرينية في تلك الفترة من تاريخنا لنوثق بالدليل المكتوب جزءاً حيويّاً وناهضاً من تاريخ بلادنا. فقط نشير هنا لذكر شيوخ الحاج بن خميس الذين كان يتبعهم ولا يحرك ساكناً شرعيّاً إلا بمشورتهم الدينية وبتوقيعاتهم، وهم (الشيخ أحمد بن حرز، وابنه الشيخ سليمان بن أحمد، والشيخ عبدالله المصلي).
العدد 4109 - الجمعة 06 ديسمبر 2013م الموافق 03 صفر 1435هـ
اذا تكلم التاريخ فليصمت الجميع
في الحقيقة ان حسينية الحاج أحمد بن خميس جزء لا يتجزء من تاريخ قرية السنابس والبحرين ككل فإذا أراد أي مؤرخ أن يكتب عن هذا الوطن فلا مناص له الا ذكر الحسينية وما قدمته من تضحيات كبيرة في المال والانفس في سبيل الله والوطن سواءً في الماضي أو الحاضر ...ورغم ذلك التاريخ الذي تمتلكة تجدها في غاية البساطة والتواضع
سنابسي
لك كل الشكر استاذي، يرجى منكم مواصلة سلسلتك التأريخية عن الحاج أحمد بن خميس، رجل السنابس الاول