استقبلت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مؤخراً صحافيين بارزين من 13 بلداً؛ بقصد تبادل المعارف وتقديم الاقتراحات للتوعية بشأن التعليم من أجل التنمية المستدامة وكيفية تطبيقه.
ورشة العمل هذه، جاءت كتمهيد لمؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة المزمع عقده في آيشي ـ ناغويا باليابان العام 2014. والصحافيون الذين شاركوا في الورشة يمثلون بلداناً متنوعة، مثل: مالي وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر واليابان والصين وفيتنام والفلبين والهند والبرازيل والأرجنتين وشيلي والاتحاد الروسي؛ بهدف تحسين فهمهم للتعليم من أجل التنمية المستدامة ووضع التقارير بشأنه.
يعي المسئولون في منظمة اليونسكو أهمية دور وسائل الإعلام في بلورة وتنمية الوعي التربوي والتعليمي لدى الشعوب، وهذا ما أكدت عليه مديرة قسم التعليم من أجل السلام والتنمية المستدامة سو هانغ شو في كلمتها الترحيبية بأنهم يتطلعون إلى إقامة علاقة غرامية بين وسائل الإعلام والتعليم من أجل التنمية المستدامة.
في اليوم الأول دارت مناقشات حول الوقائع ذات العلاقة بالتعليم من أجل التنمية المستدامة في إطار الشراكات الخاصة وشبكة المدارس المنتسبة لليونسكو (حتى شهر مارس/ آذار 2013 يبلغ عدد المدارس المنتسبة لليونسكو في البحرين 40 مدرسة، منها 30 مدرسة حكومية و10 مدارس خاصة، وتمثل التنمية المستدامة واحداً من الموضوعات الأساسية في تلك المدارس، إلى جانب حقوق الإنسان والسلام العالمي والحوار الثقافي) في جميع أنحاء العالم، كالتهديدات التي يفرضها التغيّر المناخي وتعزيز الوعي المجتمعي بالمخاطر الناجمة عن الكوارث الطبيعية وسبل تعبئة الموارد الوطنية والدولية، وتحديد الأولويات، وكذا الاستفادة من أفضل الممارسات للحد من مخاطر الكوارث الطبيعية على العالم.
اليوم الثاني من ورشة عمل الصحافيين كان مهماً للغاية، حيث قام الصحافيون بزيارة ميدانية إلى مدرسة المرحلة الابتدائية من التعليم الثانوي «ميشال شال ديبيرنون»، وهي إحدى المدارس الفرنسية الناشطة والمنتسبة لشبكة اليونسكو، التي بدأت بتطبيق التعليم من أجل التنمية المستدامة من خلال مواد تعليمية متنوعة، مثل الرياضيات والعلوم واللغة الإنجليزية والفنون وحتى في المقصف المدرسي، واعتبار «المياه» المحور المعتمد في المدرسة للعام 2013، كدعمٍ للسنة الدولية للتعاون في مجال المياه 2013.
ولأن مدرسة «ميشال شال ديبيرنون» تمارس عملها واختصاصاتها بمهنية وبرؤية واضحة، فإنها تحرص على تبادل نتائج بحوثها التحليلية ذات الصلة في منطقتها مع مدرسة أخرى في بوركينا فاسو، وذلك من خلال التعاون الدولي القائم في إطار شبكة المدارس المنتسبة لليونسكو.
كما قام الصحافيون بزيارة مركز الدراسات والبحوث المتصلة بصناعة الإسمنت (CERIB) للتعرف على كيفية تعاون هذه المنطقة مع مدرسة «ميشال ديبيرنون»، ضمن الشراكة القائمة بينهما في مجال التنمية المستدامة والتعليم، وكيف أن القطاع الخاص يتمتع بمسئوليته المؤسسية باستضافة الطلبة والمعلمين للتدريب أثناء التعلّم، إذ يعملون على مشروع تربوي بعنوان «ماربوريتوم» الذي يعالج مسائل التنوع الحيوي (BIODIVERSITY) وهو التنوع في أشكال الطبيعة الحية، لقياس مدى صحة الأنظمة البيولوجية.
جاءت توصيات ورشة العمل لتؤكد على توثيق التعاون بين اليونسكو ووسائل الإعلام؛ بهدف تعزيز التعليم من أجل التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، من خلال إدراجه في خطة عمل وسائل الإعلام لتوصيل الرسائل بلغة سهلة ومفهومة وغنية بالمعلومات والتركيز على الوقائع بعيداً عن المفردات العلمية التخصصية، وعرض الأمثلة الحسية والقصص الإنسانية ذات العلاقة بالتعليم من أجل التنمية المستدامة والتوقعات المتزايدة بأن من شأن هذا التعليم أن يُحدث تغييراً في العالم.
فمن ضمن ما تمّ عرضه في ورشة العمل الفيلم الوثائقي «أعجوبة كامايشي» الذي يبيّن كيفية الجهوزية والتدابير اللازمة عند الكوارث، والتي استطاعت إنقاذ حياة 184 طفلاً في اليابان بفضل التعليم، وذلك عندما ضربت موجات التسونامي الناتجة عن الزلزال ساحل شرق اليابان الكبير بشكل عنيف.
في الخامس من يونيو/ حزيران 2006 ومع احتفالات الذكرى الستين لتأسيس «اليونسكو»، تمّ إطلاق نص إعلامي مهم متوافر على الشبكة العنكبوتية، وهو ليس وثيقة من وثائق اليونسكو الرسمية، بقدر ما هو مجرد تقديم على سبيل الإعلام لموضوع «التعليم من أجل التنمية المستدامة»، وما تبذله اليونسكو من جهود من أجل ترويج وتحسين جودة التعليم، في إطار مسئولية عقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة (2005 ـ 2014).
وقد عرّفت الوثيقة التعليم من أجل التنمية المستدامة بأنه تعليم يمكّن الدارسين من اكتساب ما يلزم من تقنيات ومهارات وقيم ومعارف لضمان تنمية مستدامة لكي ينتفع منه الجميع بمختلف مستوياتهم، بغض النظر عن السياق الاجتماعي (البيئة العائلية والمدرسية، وبيئة مكان العمل، وبيئة الجماعة)، وهو تعليم يعدّ مواطنين يتحملون مسئولياتهم، ويشجّع على الديمقراطية من حيث يمكّن جميع الأفراد والجماعات من التمتع بكل حقوقهم إلى جانب قيامهم بجميع واجباتهم، ويدخل ضمنه التعلم مدى الحياة، بشكل يحقق التوازن لكل شخص.
وتتمثل المحاور الرئيسة الأربعة للتعليم من أجل التنمية المستدامة في: تحسين جودة التعليم الأساسي، وإعطاء المناهج التعليمية توجهات جديدة، والعمل على تحقيق فهم أفضل للقضية وعلى توعية الجمهور، وتأمين أنواع التدريب اللازمة.
يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت في ديسمبر/ كانون الأول 2002 القرار 57/ 254 المتعلق بعقد الأمم المتحدة للتعليم من أجل التنمية المستدامة (2005 ـ 2014)، وعيّنت اليونسكو وكالة مسئولة عن الترويج لهذا العقد؛ لبناء عالم تتاح فيه لكل شخص فرصة الانتفاع بالتعليم، واكتساب القيم، وأنماط السلوك وأساليب العيش، وكل ما يلزم من أجل بناء مستقبل قابل للاستمرار وتحويل المجتمعات من أجل تحقيق عالم أفضل.
هذا، وتسعى اليونسكو في مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة إلى مساعدة القادة السياسيين على اتخاذ القرارات الجيدة من أجل بناء عالم قابل للاستدامة، وتعميق الروابط بين الدول الأعضاء التي أعدت سياسات أو برامج بحث في مجال التعليم من أجل التنمية المستدامة، والدول التي تحتاج إلى مساعدة في هذا المجال، وهو ما يتوقع طرحه في المشاورات والاجتماعات للتعليم من أجل التنمية المستدامة فيما بعد 2015.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 4103 - السبت 30 نوفمبر 2013م الموافق 26 محرم 1435هـ
بلوى
والله بلوى