السياسة كما هي الدنيا والحياة دوّارة لا تبقى على حال، فكما في الحياة قد ينقلب الغني فقيراً، والسعيد تعيساً، والمتفائل متشائماً، والصحيح عليلاً، والعكس بالعكس. فكذاك هو حال السياسة التي تقلب العدو صديقاً، والصديق عدواً، والضعيف قوياً بين يومٍ وليلة، بل وفي غمضة عين!
لذلك فما يصلح من حكم ومواعظ في الحياة يصلح أيضاً للسياسيين، وحينما يقال «إياكم والفجور في الخصومة»، فهي مقولةٌ يصح توجيهها إلى عموم الناس، ولكنها أكثر صحةً عندما يخاطب بها السياسيون تحديداً.
في البحرين، ومنذ بدء الأزمة في فبراير/ شباط 2011، وانقلاب الأمور في شهر مارس/ آذار وما تلاه، ظنّ البعض أن الوقت حان للتشفي على مكوّنٍ كبيرٍ في المجتمع، بسبب تغليب الحل الأمني على المعالجات السياسية، وأوغلوا في الفجور في الخصومة، فكانت حملات الكراهية والحقد والفصل من الأعمال والوظائف تتم وفق أدنى القيم الإنسانية، مصداقاً بشعاً لهذا الفجور، على أساس أنه لن تقوم قائمةٌ لهذا المكوّن في البلاد، وأنه حان الوقت لإظهار كل العقد النفسية على الناس، فكان البريء قبل المخطئ عرضةً للفصل والعقاب والإساءة بحقه من قِبَل دعاة الكراهية ومريديها.
بعد عامين من كل ما جرى على الناس، أدرك الجميع أن البحرين لا يمكن أن تسير بجناحٍ واحد، ولا بمكوّن واحد، ولا بفئةٍ واحدة، حتى أولئك الذين كانوا يدندنون ليل نهار على طائفية الحراك الوطني الديمقراطي، انقلبت الأمور لديهم رأساً على عقب، وأصبحوا من خطباء التعايش السلمي والإخوة، إلا من شذّ منهم، ممن يقتاتون على انقسامات الناس ويستلذون بالكراهية وبث عقدهم من الأحقاد.
صحيحٌ أن الحل الأمني مايزال في ذروته، فلم تتوقف المداهمات والاعتقالات، والإفلات من العقاب، ولكننا ندرك أن دوام الحال من المحال، وأن سنة الله في أرضه وخلقه هي أن تتحقق تطلعات الشعوب في العدالة والحرية والكرامة والمساواة.
على من يظنون أن النزوع نحو إذلال مكوّن رئيسي من الشعب، في البحرين أو حتى غيرها، من شأنه أن يبقي التمييز والفساد الذي ينخر في البلاد على حاله، فأولئك يعيشون حالة وهم واسع، وهواة سياسةٍ من الدرجة الأولى، الشعوب تنحني لكنها لا تنكسر.
قد يتوهم البعض أن موازين القوى محلياً تسير في اتجاه استمرار غلبة الحل الأمني على الحل السياسي، وأن الأمور تسير في معركة كسر للعظم، فإما أن تفوز بكل شيء وإلا لا شيء، فيما يرى البعض علامات تحولات إقليمية كبرى تسير في الأفق، وأن ما عجز عنه الداخل يمكن أن يحققه الخارج، ولكننا كبحرينيين نؤمن أن الحل الأنجح لنا هو الحل السياسي الحقيقي الذي يتوافق عليه أبناء شعبنا جميعاً، على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، وأن الكل منتصر.
ويبقى أن نذكر أن السياسة دوّارة، غير أن العلاقات بين البحرينيين هي الباقية، يتحول السياسيون ويتبدلون ويتلونون، ولكن يبقى البحريني الأصيل بقلبه الأبيض وطيبته وشيمه العربية والإنسانية لا يتبدل ولا يتغير، مهما اشتد دعاة الكراهية في بث أحقادهم على البحرينيين.
إقرأ أيضا لـ "حسن المدحوب"العدد 4100 - الأربعاء 27 نوفمبر 2013م الموافق 23 محرم 1435هـ
الحال
دوام الحال من المحال كما تدين تدان..
المكون الرئيسي على صخرة الصمود ...وذاكرة حية لن تنسى الجرائم
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ï´؟ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ï´¾....
نحن نعد الأيام ويعلم الطرف الاخر "الشرفاء" إننا على ولاية امير النحل وليس من عادات هذا المكون الانتقام والثأر...ولكن لن تجري الامور كالماضي ...ذاكرة شعبنا مليئة بالصور وملونه بلون الدم ومصحوبة بكثير من الالم....
لا تكره . .
لا تكره الشخص لذاته أو لفكره أو لعقيدته أو لانتمائه المذهبي . . ولكن إكرهه لأعماله وما تفعله يداه .