العقيلة الطاهرة التي لم تخرج من بيتها إلا وأبوها وأخوتها يحيطون بها، حتى إذا ذهبت إلى زيارة قبر جدها رسول الله (ص) كان الإمام علي (ع) يصل إلى القبر قبلها فيطفئ سراجه أو يخفّف من نوره، كي لا يلمح خيالها رجل، وهي التي لم يرها أو يسمع صوتها أجنبي قط.
زينب بنت علي وفاطمة، هذه المصونة التي عاشت في دلال أهلها وفي كنفهم، وعايشت حروب جدّها وما تبعها من عناء؛ ثم ما لحق بأمها الزهراء من أذىً بعد وفاة أبيها وشاهدت وسمعت والدتها وهي تواجه مناوئيها وتدافع عن حق الخلافة؛ ثم معاصرتها لخلافة أبيها أمير المؤمنين علي (ع)، وما رافقها من حروب ومشاكل، فشهادتها على آلام أخيها الحسن الذي قتل مسموماً أمامها، إلى أن وصلت إلى كربلاء، حيث ظهرت قوتها وشجاعتها وصلابتها، وكأنها عاشت كل هذه الأحداث لتكتسب الخبرة التي تمكنها من المقاومة والثبات أمام كل ما ستلقاه من أحداث وكربات في تلك الواقعة وبعدها من مواقف، ابتداءً من هرولتها نحو ساحة المعركة بعد مقتل أخيها الحسين وأنصاره بحثاً عن جسده الطاهر الذي وجدته مثخناً بالجراح، ملطخاً بالدماء، فظنها القوم هالكة، لكنها رفعت جثمانه الشريف وخاطبت بارئها قائلةً: «إلهي تقبّل منا هذا القربان»، غير عابئة بمن يحيط بها من أشباه الرجال الواقفين بسيوفهم ونبالهم ورماحهم؛ مروراً باضطرارها جمع أهل بيتها من أطفال ونساء بعد حرق خيامهم وترويعهم وفرارهم من نيران العدو، وصولاً لسبيها وابن أخيها زين العابدين ومن معهما ودخولها الكوفة وسط شماتة الشامتين، فوصولها مجلس ابن زياد الذي أراد إذلالها بعد أن ترفّعت عن الرد عليه حين سأل عمّن تكون. فجاءه جوابها صادماً حين قال لها متشمتاً: «الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم»، فأجابته بشموخ آل البيت، وعزة وكرامة أهل الرسالة: «الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (ص) وطهّرنا من الرجس تطهيراً. إنما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا..».
ثم تجيبه بما هو أشدّ وأعتى حين يريد أن يستمر بشماتته قائلاً: «كيف رأيتِ صنع الله بأهل بيتك؟» فتجيبه بصمود أهل بيتها الذين تربّت في كنفهم: «ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قومٌ كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتُحاجّ وتُخاصم، فانظر لمن الفَلَجُ يومئذٍ».
هذه المرأة التي لم يُسمَع لها صوتٌ أو يُرى لها ظل، تقف بعد ذلك بشموخ وقوة وصبر وصمود، لتقول كلمة الحق في وجه الحاكم الظالم، غير آبهةٍ بقوته وبطشه، ولا بجنده وعتاده، لتدافع في مجلس الطاغية عن ثورة أخيها، ببلاغتها وشجاعتها، وهي التي رأت كل ما رأت وعاشت كل ما عاينت في واقعة كربلاء، التي لم تبقِ لها من رجالها غير الإمام السجّاد. تسمع يزيد بن معاوية يغنّي أبيات الشماتة وهو محاطٌ بحرسه، جالساً على عرشه:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا
جزعَ الخزرجِ من وقع الأسل
قد قتلنا القرمَ من ساداتكم
وعدلنا ميلَ بدرٍ فاعتدل.
فتقف أمامه بعظمتها لتخطب خطبتها الشهيرة التي مازالت نبراساً يضيء طريق الواقفين في وجه الظلم، برغم كل ما بها من آلام وأحزان.
فكم هي شامخة هذه الحوراء، وما أجمل أن تكون مثلها قدوةً للثائرات على الباطل، الباحثات عن الحرية، المناضلات في وجه الظلم.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4086 - الأربعاء 13 نوفمبر 2013م الموافق 09 محرم 1435هـ
كعبة الصبر
فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد وجمعك إلا بدد كلمات نابغة يا كعبة الصبر لا تخرج الا من لسان فصيح تربى على العز والاباء سلام الله عليك يا ام المصائب يا زينب
وحش أو طاغيه أو شيطان لكن أمه هاويه لكونه ولد معاويه لكن
السلام على الحسين وعلى علي بْن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليهم السلام. ونخص هنا سلام الله على زينب الكبرى كما على خديجة الكبرى وفاطمة الزهراء وفاطمة بنت أسد يعني أم أبو الفضل العباس عليه السلام. فهنا النساء أو يقال لهن أمهات المؤمنين بالله عز وجل- يعني ثلاث فواطم منهن الزهراء فاطمه والكبرى خديجة أم فاطمة الزهراء إبنت أبيها محمد عليه وعلى أله أفضل الصلاة والسلام. ويش صار هذا يزيد يعني تعدى على الشجرة النبيه ولم يخاف الله فيهم؟
مأجورين
يعطيك العافية ع المقال الطيب والمؤثر ... مأجورين بذكرى واقعة الطف وإنتصار الدم ع السيف !!!!
أعظم إمرأة
كلما قرأت عن تضحيات و أفعال العظماء و قدرتهم، لم أجد أعظم من زينب بنت على إبن أبى طالب. كيف تمكنت من الوقوف و جمع ما بقى من أفراد عائلتها و تحمل كل المشاق و أخيرا الوقوف أمام الظالم و إفحامه بجرأة فريدة و لربما وحيدة فى تاريخ الإنسانية. عظيمة إنتى يا زينب.