يمثل الإستبداد في واقعنا الأصل لكل الجروح والمعضلات. فمن خلاله تم حد تطور الظواهر العربية الإيجابية بكل أشكالها، ومنع بروز حياة سياسية حزبية متزنة، وإضاعة فرص بناء اقتصاد منافس شريف ومؤسسات تعليمية مرموقة. وبسبب الاستبداد اضطهد شرفاء البلاد العربية المعبّرون عن آرائهم بحرية في ظل إضعاف حس العدالة والإنسانية بين العرب.
وقد ساهم هذا الوضع في الطائفية والروح الضيقة والراديكالية ومدارس العنف، إذ لم تكن أساليب الاستبداد والتفرقة بعيدةً عن هذا التردي.
والإستبداد العربي كان ولايزال بلا خطة سوى تلك التي يجيزها الهوس الأمني للحفاظ على سلطة مهزوزة، وهو في هذا سعى لحماية مكاسب شكلية من دون التفاتٍ جادٍ إلى جوهر مصالح ومستقبل شعوب وضرورات تنمية. فالاستبداد العربي بنرجسيته وكسله لم يرقَ إلى درجة من درجات الإنجاز التي ميّزت بعض مظاهر الاستبداد الآسيوي الذي نجح بسبب جديته بإدخال آسيا إلى عصر الحداثة والمنافسة.
الإستبداد الذي تثور عليه شعوبنا العربية، مهتم بصغائر الأمور، يلاحق أبسط تعبيرات الحرية في بلداننا كما ويلاحق المواطن في أبسط احتياجاته ويترك أهم المسائل للصدفة. هكذا لوهلة يبدو وكأنه يمارس السلطة لأجل السلطة، فهو لا يعترف بحدودٍ لسلطته، ولا يخضع لمنطقٍ مقنعٍ في التعامل مع مسئولياتها وتبعاتها. ويخلو هذا الاستبداد من لحظات تفكير ومراجعة أو حسابات للربح والخسارة، ورؤية للنتائج والآفاق. يكفي أن ننظر إلى سجل عددٍ من المستبدين العرب ومنهم القذافي والأسد، وصولاً إلى الوضع المؤسف في سورية لنفهم مدى العبثية التي يمثلها.
ولم يكن بإمكان هذا النمط من الحكم أن يستمر لولا حالة الشعوب العربية التعليمية والمعنوية التي قبلت رداءة سلوكه على مدى عقود طوال. تقديس السلطة حالةٌ عربيةٌ قديمةٌ ساهمت بموت الأمة وتراجعها بالنسبة إلى أمم العالم. فهذا الوضع هو الذي سمح للقذافي بحكم ليبيا لمدة 42 عاماً، وهو نفسه سمح لكل من مبارك والأسد الأب والإبن، وعلي صالح وصدام وغيرهم بحكم شعوبهم لعقود. إنها ذات الحالة التي تجعل أقلية صغيرة غير منتخبة في مواقع القرار تقرّر نيابةً عن أمة وشعوب ورأي عام وسكان، فتخطيء أكثر مما تصيب، ثم تمعن في أخطائها مما يحوّل الطاعة والقبول إلى رفض وثورة، كما حصل في الأعوام الثلاثة الماضية بسبب الثورات العربية الباحثة عن طريق جديد.
لقد جاءت الانتفاضات العربية والثورات من خارج المنظومة والحسابات والأبعاد الملموسة، بل ومن خارج المعارضات التقليدية أكانت مسلحةً أم سلميةً. وقد مثلت الثورات العربية بداية تمردٍ على إرث سلبي عميق ساهم في سبات العرب. إن الوعد بتدشين عصر سياسي ينقل العرب من الحالة السلبية إلى حالة المشاركة وقيم العدالة ومبادئ التداول على السلطة السياسية قائم الآن بسبب التغير الذي أنتجه الربيع العربي.
ولتوضيح الفكرة: لم يسيّس جيل عربي ويمر بممر تاريخي كما هذا الجيل، إنه يتغيّر كل يوم، فتارةً يثور ويتظاهر، وتارةً يحبط ثم نجده ينهض ويعيد المحاولة. وأجزم إنه لم يعش جيل عربي (منذ حروب الاستقلال) على هذا النطاق الواسع عبر الأقطار والأماكن تجربة إنسانية وسياسية بتفاصيلها المربكة والصعبة والأليمة كما يعيش الجيل العربي الراهن.
الجيل الآن في حالة توترٍ مع موروث الاستبداد، وفي حالة بحثٍ عن الحرية والحقوق وأولويات العدالة. حتماً ستتحوّل تجارب الجيل الشاب إلى بيئة حاضنة لإنتاج قادةٍ جدد، ومدارس فكرية وسياسية مجدّدة. إن طريق التغيير ليس ممهداً، لهذا سيتطلب طاقات متدفقة وجداول نابعة ومحيطات شعبية هادرة تفعل فعلها في الواقع العربي. لهذا بالتحديد مايزال التغير العربي في طور التطور. ما شاهدناه حتى الآن موجةٌ أولى ومرحلة افتتاحية في حالة تغيّر تاريخية طويلة.
إن صراع اليوم مايزال يدور في جله حول مكانة الشعوب العربية ودور أجيالها الصاعدة التي حشرت بين المتطرفين بأنواعهم من جهة وبين الاستبداد من جهة أخرى. فالجيل الذي يتشكل اليوم رافض وناقد للإرهاب والتعصب والقتل العشوائي الذي يمثله تنظيم «القاعدة» والأفكار المتأثرة به، وهو على اختلافٍ مع منطق الانغلاق على فئةٍ أو طائفة، ولا هو مع إلغاء الدولة العربية الراهنة بما تمثل من عمق. إنه الجيل الباحث عن فتح الطرق أمام التعبير والحريات، الحقوق والعدالة، المساواة والتداول السلمي على السلطة، بهدف تطوير واقع العرب السياسي والاقتصادي والإنساني.
إن منع حرية التعبير في هذه المرحلة الحساسة يهدف إلى إعادة بناء جدران من الخوف وسط صفوف الجيل، وذلك بهدف تثبيت الاستبداد الذي أدى إلى الفشل العربي بالأساس. وهذا حتماً لن ينجح، بل سيزيد من عمق المشكلة عمق الغضب الكامن في الواقع العربي. فالتعامل التعسفي، على سبيل المثال لا الحصر، مع محمد يوسف رمضان الشاب المصري لذي رفع شعار «رابعة» لدى تتويجه بالميدالية الذهبية في منافسات دورة الألعاب القتالية بروسيا، استمرارٌ لنفس طرق الممارسة في الأنظمة التي أدت بنا إلى الهاوية السحيقة في الأساس. فعندما يعلن رياضي على أعلى مستوى موقفاً سياسياً، نتفق أو نختلف معه، علينا أن نحترم حقّه في التعبير، وعلينا أن نتساءل عن دورنا في دفعه لهذا الموقف. ونتساءل: ألم تكن أحداث رابعة العدوية كارثة على مصر وعلى الضمير المصري؟ أليس من الطبيعي أن يحتج بعض الناس أو الكثير منهم عليها؟ ربما لو لم يقع الاحتجاج علينا أن نتساءل! هذه أسئلة مشروعة أثارها هذا اللاعب الرياضي برمزية موقفه.
ويصب منع برنامج باسم يوسف المبدع والمجتهد في الإتجاه نفسه الساعي لإعادة ترويض الجيل العربي الذي يحاول تثبيت أقدامه في أرض مليئة بالوحول. إن الهدف من إيقاف برنامج باسم يوسف هو بالتحديد الحدّ من روح النقد والإبداع التي تساهم في تفكيك فكر الاستبداد وقدسية السلطة التي لا تتحمل المساءلة. فمن أهمّ ما عبّر عنه برنامج «البرنامج»، اكتشافه لطريقٍ ثالث جوهره نقد السلطة لما تمثله من سيطرة، وفي هذا التوجه ما يسهم بتطوير إعلام عربي هدفه التحوّل إلى سلطة رقابية على السلطة السياسية والنخبة الإدارية. فالإستبداد لن يتفكك إلا عبر بناء سلطات ومؤسسات إعلامية وقضائية ومجتمعية مدنية وحزبية تتمتع بالاستقلالية والحصانة في مسائل التعبير والحريات. وما الاختباء وراء جمل فضفاضة عن هيبة الدولة والقانون وغيره إلا تجديد للغة الاستبداد، فباسم هذه الهيبة انتهى العالم العربي إلى العسكرة والديكتاتورية.
وتمثل محاكمة أول رئيس منتخب في مصر هو محمد مرسي الذي أطيح به في يوليو/ تموز الماضي ضمن وعد بخريطة طريق جزءاً من المأزق الذي يعيشه النظام العربي. لقد ارتكب مرسي سلسلة أخطاء، بينما أطراف عدة مسئولة عن عنف أكبر منه ضد متظاهرين ومحتجين لا تحاكم، ما يشير إلى روح الانتقام التي تميّز العقلية العربية الراهنة في التعامل مع الخصوم السياسيين.
إن ثورات العرب الراهنة وحراكاتهم السياسية نتاج واقع أساسه الاستبداد ونقص الحقوق والعدالة وقيم المساواة. على المدرسة التقليدية العربية بخاصةٍ في الدول والمجتمعات التي لم تتورط بدماء الشعوب، أن تبحث في هذه المرحلة عن طرق مبتكرة لنقل الراية إلى الجيل الجديد، وذلك ضمن آليةٍ لبناء بيئةٍ جديدةٍ تخفّف من الغضب المتراكم وتفتح الباب للتجديد. والجليّ في الوقت نفسه استحالة استيعاب طاقات وتطلعات الجيل العربي الذي يتشكّل اليوم بواسطة الأدوات التقليدية التي قبل بها الجيل السابق.
إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"العدد 4080 - الخميس 07 نوفمبر 2013م الموافق 03 محرم 1435هـ
لا تغالطوا أنفسكم ولا تقفزوا على عقولكم...
محمد مرسي لم يرتكب أخطاء،بل إنه ارتكب إجراما في حق شعبه كرئيس دولة معين بالتزوير،حيث أعلن حربه على فئة مسلمة مسالمة من الشعب المصري ،فكفرهم وشنع بهم وحاصرهم وقتلهم وهم يؤدون طقوس عقيدتهم الإسلامية،فكان هو المحرض علنا وسرا قبل ذلك وكان هو من التزم الصمت والرضى بعد تلك الجريمة،ولا يجوز المقارنة بين تصريحه العدائي الفتنوي الإقصائي كرئيس وبين جندي تسبب في قتل إثر اندلاع مواجهات،شتان بين من ينشر فكرا تكفيريا يخلق منه مجازر في شعبه وبين قتل في مواجهات.
عقول يندى لها الجبين..................................
هناك دول عظمى ودول عربية قد تراجعت خائبة عن إمداد المسلحين السفاحين في سوريا بالسلاح،بل وصفتهم بالإرهابيين والقتلة،أما أنتم فأقلامكم المغبرة منذ عقود بدأت اليوم تنفث سمومها في جسد العروبة،بعد أن أخذتكم العزة بالإثم،وبعد أن أدركتم ما أملتم أنه سراب ووهم،وأنه محال عليكم أن تسلموا سوريا وفلسطين لأيدي الصهاينة،فتحاصروا بذلك ما تبقى من دول الممانعة للغطرسة الصهيوأميركية.
معرفات من فوق أعمدة النهضة يتساقطون ليعودوا نكرات ................
إذا استعديتم الأسد فأنتم تضمرون استعداء لكل دول الممانعة ،،،، بالرغم أن وهلة المعرفات في حقبة النكرات الطويلة لا تعني أي شئ أمام الصادحين بالحق في وجه الاستكبار العالمي ومن لف لفيفهم من الأقزام والأقلام ونعوج السلام والكلام.
استروا على أنفسكم المغلوبة واصمتوا.................
وهل تريدون لسوريا قدرا مثل قدركم الذي لا يمثل إرادتكم في صنع القرار السياسي؟؟وليس ببعيد فلقد قالها الأسد واثقا أن الشعب هو الوحيد الذي بيده انتخاب الحاكم ، وأنه على أتم الاستعداد للتنازل عن السلطة عندما يختار الشعب غيره ، أما أنتم أيها الأتباع فلا تصيبوا سوريا بدائكم العضال والضال.
إن لم ولن تناصروا فلسطين فلا تقتلوها..........
أنتم اليوم أيها الأعراب تساندون وتكتبون وصية فلسطين قبل رحيلها وتسليمها لليهود ، عندما تؤيدون قطع أيادي الممانعة،وتسيرون خلف شرذمة أتت من أصقاع الأرض وهجير البادية تدعي أنها تمثل شعب سوريا،وترفض التصويت الشعبي على شرعية الأسد المستمدة من الشعب الأصيل.تعسا لعقولكم ولعاقبتكم.
عندما يتكلم البريق واللمعان الزائل تصمت القلوب وتتعطل العقول.........
وهل تريدون أن يسقط الأسد ويحكم سوريا من يقتل الشعب السوري اليوم ويسلم أرض فلسطين على طبق من ذهب للصهاينة ؟ هل عميت قلوبكم عن خبث أيادي أميركا وإسرائيل والتكفيريين والأعراب في إسقاط الأسد الممانع المساند من أجل فلسطينكم يا عرب ؟إنكم تعلمون ولكن لا تعلمون! !!!!
رب ارجعوني..................................
المستبدون هم أولئك الحكام الذين لم ولن يقوون على استفتاء شعوبهم،وليس الأسد الذي يتمتع بتأييد شعبي واسع لا يملكه من عميت بصيرتك وكل لسانك عنهم وأنت فيهم وبينهم،المستبد هو من يتنفس بحمايةالأميركان ومن خلفهم من الصهاينة الغزاة لأرضكم وعقلكم ، أما الأسد فهو شريان فلسطين التي باعها أعرابكم مقابل حفظ كراسيهم.