العدد 4077 - الإثنين 04 نوفمبر 2013م الموافق 30 ذي الحجة 1434هـ

الشيخ تميم ودول الخليج

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

قبل حوالي ثلاثة وثلاثين عاماً، أي في 21 رجب 1401 الموافق 25 مايو 1981، وُلد مجلس التعاون الخليجي في جو ترحيبي من مواطني دوله الذين تولد لديهم أمل في تحقيق القوة والعزة لهم جميعاً، في ظل ما تحدث عنه قادة دولهم وتطلعاتهم لهذا المجلس الوليد؛ وأيضاً في ظل ما سمعوه من أولئك القادة في اللقاءات الأولى التي عقدوها من أجل إقامة شراكات استراتيجية بين دولهم، تحقّق في نهاية المطاف حياةً جيدةً لكل مواطني هذه الدول، كما تحقّق أيضاً لهم كل نواحي الأمن التي يحتاجونها.

ومضت السنوات الطوال ولم يتحقق ما تطلع إليه المواطنون، ودب اليأس في نفوسهم، بل أستطيع القول وبكل اطمئنان، أن الغالبية منهم ما عادوا يتابعون لقاءات قادتهم في تلك الاجتماعات بسبب كثرة الوعود وقلة ما يتحقق منها! فبعد كل لقاء يسمعون كلاماً يتخذ صفة التعميم، ويكاد يتكرر دائماً من مثل: «إن وجهات النظر متطابقة، وتم التأكيد على عمق الروابط بين دول المجلس، كما تم التشاور حول القضايا المهمة...»، ومثل هذه الجمل التي لا تثبت شيئاً ولا تنفي شيئاً، ولا تفيد المواطن بشئ.

بعد ثلاثة وثلاثين عاما تقريباً من قيام الإتحاد، نرى أن هناك اختلافات جوهرية بين دول المجلس، هذا فوق أن كثيراً مما تطلع إليه المواطنون لم يتحقق منه إلا القليل. وإذا كانت الخلافات لا يتم التحدث عنها إلا في أضيق الحدود، إلا أن المواطنين يعرفون كل ذلك، ففي عصرنا ما عاد هناك أسرار يمكن إخفاؤها طويلاً. أما الشق الآخر الذي يراه الكل فيتضح أنه ما من شيء جوهري تم إنجازه؛ فالإجراءات على الحدود كما هي، والقول أن السفر بالبطاقة إنجاز فهذا غير صحيح، لأن الإجراء هو هو لم يتغير، والإجراءات الجمركية كما هي. كما أن المواطن الخليجي لا يستطيع العمل في الدولة الأخرى ويُعامَل مثل مواطن الدولة الأخرى سواءً بسواء، ناهيك أن الحديث عن توحيد العملة أو القطارات التي تربط هذه الدول وأشياء أخرى ظل حديثاً لا صلة له بالواقع.

والأسوأ من ذلك كله أن الواقع الأمني لدول المجلس بدأ بالتغير؛ فأميركا التي كانت قبلة هذه الدول بدأت تشيح بوجهها عنها، حيث اتجهت إلى إيران، وهي الدولة التي تعاديها معظم دول المجلس خصوصاً بعد أحداث سورية، وهذا يعني أن سورية ستكون إلى جانب إيران والعراق والحوثيين في اليمن أعداء لدول المجلس أو بعضها على الأقل، فكيف ستتصرف هذه الدول في ظلّ اختلافاتها وفي ظلّ ما طرأ على أمنها من متغيرات؟

في ظلّ هذه الأوضاع المعقدة، زارالشيخ تميم عدداً من دول المجلس وللمرة الأولى منذ توليه حكم قطر، وكان قبلها قد زار السعودية وقابل خادم الحرمين وكبار المسئولين في المملكة. وفي زياراته التي تمت الأسبوع الماضي لأربع دول خليجية، قابل فيها كبار مسئوليها وقطعاً بحث معهم ما يتعلق بأمن الخليج وكذلك القضايا التي تسهم في تنمية دوله من النواحي الاقتصادية والاجتماعية وغيرها.

تابعت كثيراً مما كتب عن هذه الزيارات، وقرأت ثناء كثيراً عليها من مسئولين وصحافيين وكتاب رأي، والأمير تميم مؤهلٌ ليفعل الكثير، ولدى قطر من الإمكانات ما يؤهلها لتكون مؤثرةً وفاعلةً على مستوى دول الخليج، وهي بالطبع فاعلة على المستوى العربي كله. وباعتباري مواطناً خليجياً، فإنني آمل أن يكون الشيخ تميم قد حقّق كثيراً مما نصبو إليه، أو هو في الطريق لفعل ذلك أو استكماله.

أمنيتي على المستوى العام أن تلغى كل الإجراءات بين الدول، وتصبح الحدود واحدة كما هي في أوروبا. وأيضاً أن أستطيع العمل في أية دولة وكذلك الآخرون، كما لو كنا في الدولة نفسها، وأن تكون العملة واحدة، وأن يكون بين دولنا قطارات تربطها جميعاً، لأن سهولة الاتصالات تقرّب بين القلوب وهذا هدف في غاية الأهمية. وعلى المستوى العام أتمنى أن تتوحد رؤية قادة هذه الدول نحو العالم الخارجي فيما يحقق مصلحة شعوبهم؛ وأن يشكّلوا وحدة حقيقية بينهم قوامها جيش واحد، ووزارة خارجية واحدة، وتعليم واحد؛ لأن ذلك هو الذي يضمن قوتهم وصمودهم أمام العواصف التي تهدّدهم جميعاً.

هذه الأماني ليست أحلاماً، مع أنني أعرف صعوبة تحقيقها، ولكن الواقع يفترض السرعة في بداية تحقيقها، وثلث قرن على قيام المجلس كافٍ لتحقيق نوع من الوحدة تضمن أمننا وسلامتنا.

الشكر للشيخ تميم قيامه بعمل ما نصبو إليه - هكذا أحسبه - والأمل أن يضع قادة الدول أيديهم في يديه، والأمل أيضاً أن تتلاحم الشعوب، فقوتها في تلاحمها ووحدتها، فالذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 4077 - الإثنين 04 نوفمبر 2013م الموافق 30 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:04 ص

      اعتقد

      اعتقد ان وجود مجلس التعاون واجتماع قادته على الخير كل عام رغم وجود بعض الخلافات التي لو كانت بين دول غيرنا لنشبت حروب ومقاطعات .. فالحمد لله انه رغم تأخر التعاون بين دولنا الا ان الاستمرارية كفيله بتحقيق ما نصبوا اليه جميعا

    • زائر 7 | 1:50 ص

      نحن نعرف لماذا انشأ مجلس التعاون فلا تحاولوا اعطاءه اكبر من حجمه

      لا احتاج لان استرسل في قراءة المقال وارى انها مضيعة للوقت لان مجلس التعاون لا يمثل الشعوب وانما هو مجلس حكومات فقط

    • زائر 5 | 12:21 ص

      مطلب صعب التحقيق

      ما يطالب به الكاتب يكاد يكون مستحيلا وذلك للفوارق الكبيرة بين دول الخليج الأربعة وبين الحياة المعيشية في البحرين وعمان
      الفوارق من حيث الرفاه الاقتصادي والضمان الاجتماعي و الدعم اللامحدود من قبل الدولة للمواطنين يختلف تماماً بين دولة خليجية وأخرى

    • زائر 3 | 10:43 م

      عشم

      عشم ابليس في الجنه.
      ايران الحوثيون العراقيون اللبنانيون السوريون
      هل نسميك طائفي.

    • زائر 2 | 9:55 م

      هل هذا مقال؟؟

      اتصور هذه خطبة للجمعة و ليست مقال سياسي صحفي

    • زائر 1 | 9:22 م

      ضاعت الاندلس والاسباب معروفة

      ذكرت اكثر من 30سنة لم يتفقوا سوى في الأمن الداخلي أما على مستوى السياسات الخارجية لم ولن يتفقوا تخطيط الحدود مشاكلها معروفة اتدري السبب انه عقلية الملك العضود والعقلية الاقصائية والقبلية المتخلفة في إدارة شئون دول واذكرك بأن إحدى الدول لادستور لديها وتمنع المرآة من السياقة والمضحك بأن أمنها الخارجي منوط بامريكا والخوف وليس مستبعدا أن تبيعهم

اقرأ ايضاً