مع نهاية الشهر الماضي (أكتوبر/ تشرين الأول)، أُقيم في العاصمة الفرنسية باريس منتدى اليونسكو الثامن للشباب بعنوان «اكسروا حواجز الصمت، تكلّموا بصراحة».
وكان «الشباب والاندماج الاجتماعي: الالتزام المدني، والحوار وتنمية المهارات» هو محور المنتدى الذي اقتصر على مشاركين من 150 بلداً للتعبير عن آرائهم، ولم يحضره مندوبون رسميون كما جرت العادة.
تمَّ اختيار ستة أشخاص متميّزين ليعتلوا منصّة المنتدى، إذ عرض كل واحد منهم قصة استثنائية يخبرها، بحضور المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا التي أُعيد انتخابها مؤخراً، ونظيرها المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الأيسيسكو) عبدالعزيز بن عثمان التويجري.
في كلمتها، أشارت بوكوفا إلى أن منتدى الشباب لا يقتصر على طرح الأفكار فحسب، بل على إنجاز الأعمال أيضاً، حيث من المتوقع تضمين مرئيات المشاركين كتوصيات في استراتيجية اليونسكو للشباب، وقيام الشباب والشابات باختيار 15 مشروعاً رائداً؛ لوضعها موضع التنفيذ خلال الأشهر القادمة.
ما ميّز هذا المنتدى، أنه ليس كالمنتديات العربية التي توجّه الشباب في الغالب لما ينبغي أن يقوموا به تجاه مجتمعاتهم وقضاياهم، إذ اعتبرت بوكوفا أن الشباب ليسوا موضوع التغيير فحسب، وإنّما هم قادة التغيير الأعظم الذين يتمتعون بأهمّ الأفكار، فهم ليسوا مستفيدين من الدعم؛ لأنهم الشركاء الكاملون في إحداث التغيير لصالح الجميع، داعية إيَّاهم بأن يتولّوا زمام الأمور، وأن يكسروا حواجز الصمت؛ لأن العالم ينصت.
استعرض أحدهم، وهو الشاب نيك دالوازيو تجربته في بيع شركة ياهو تطبيقاً مصمّماً لتلخيص النصوص، وكيف أنه أصبح مليونيراً وهو في سنّ 17 عاماً، واللافت في عرضه نبرة الأمل، حيث بإمكان كل واحد من المشاركين أن يصبح رجل أعمال، من دون أن يظل لسنوات متتالية وطويلة وشاقة منهمكاً في الدراسة!
في مطلع العام 2009 أطلقت جمعية الملتقى الشبابي البحريني «صرخةً» لتغيير الواقع الشبابي، من خلال دعوة الشباب البحريني من الجنسين إلى المشاركة في إنجاز مشروع «تغيير»، الذي هو عبارة عن مظلة لخمس مبادرات، منها بحث ميداني يهدف إلى رصد اتجاهات الشباب وتطلعاتهم وتحديد أولوياتهم.
حينها، طلبت الجمعية من مؤسسات الدولة ذات العلاقة بالقطاع الشبابي ومنظمات المجتمع المدني المساهمة في المشروع، إلى أن حظي بدعم مالي من برنامج المنح المالية التابع لوزارة التنمية الاجتماعية إلى جانب شركة تسويقية. واستقطب المشروع في بدايته نحو 100 شاب وشابة للعمل ضمن اللجان، وكان الهدف إعداد دراسة شاملة عن الشباب البحريني لوضع برامج تتناسب واحتياجات فئة الشباب.
وبالفعل، فقد تجاوب أكثر من ألف شاب وشابة من مختلف المدارس والجامعات والمجمعات التجارية والمدن والقرى، حيث قاموا بالإجابة على 98 سؤالاً، رغم وجود ـ ما اعتبرته الجمعية ـ بعض المعوّقات التي عرقلت عملية نشر النتائج التي تمّ مقارنتها بنتائج دراسات شبيهة في دول أخرى.
للدراسة الشبابية البحرينية أهميتها، كونها من أحدث الدراسات وأكثرها شمولية ـ حسب الجمعية ـ حول واقع شباب البحرين، إذ تمثّل مرجعاً يرجع إليه في المستقبل الباحثون المهتمون بقضايا الشباب، باعتبارها تصف الوضع الحالي للشباب، كما أنها توفر الأساس العلمي المنهجي لدعم واتخاذ القرارات المتعلقة بالشباب، وتعين على توجيه وتقوية الشباب ليكونوا قادرين على خدمة الوطن.
تمّ تحديد سبعة مبادئ للمشروع، وهي: الوحدة الوطنية، التميّز والإبداع، العدالة والشفافية، احترام مبدأ التعددية، المرونة والوسطية، العمل بروح الفريق الواحد، والإيمان بدور الشباب كعنصر أساسي للتنمية. وشملت عيِّنة الدراسة 1028 شاباً وشابة من جميع الأعمار والمحافظات، وتمثل هذه العيِّنة نحو 1 في المئة من مجتمع الدراسة الأصلي.
ما أحوجنا جميعاً إلى المبادئ التي تنادي بها اليونسكو من منبرها الأممي الذي يتجاوز الأطياف والطوائف إلى فضاء إنساني رحب، ويجب ترجمة تلك المبادئ إلى سلوكٍ يومي معاش نلامسه في البيت والمدرسة والحي وكل منابر المجتمع ومؤسساته المدنية.
إنها مبادئ لا تزيدها قسوة الأيام إلا جمالاً وتألقاً!
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 4075 - السبت 02 نوفمبر 2013م الموافق 28 ذي الحجة 1434هـ