العدد 407 - الجمعة 17 أكتوبر 2003م الموافق 20 شعبان 1424هـ

العلاقات السورية الأميركية في دائرة التداعيات

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

لعل أهم الخطوات التصعيدية في مسار العلاقات الأميركية - السورية، قيام الكونغرس بغالبية كبيرة باقرار مشروع قانون محاسبة سورية الذي اقرته لجنة فرعية حديثا، قبل ان يتخذ الكونغرس قراره الاخير، وما يجعل لهذا القرار اهمية متزايدة في تردي العلاقات بين واشنطن ودمشق، احتمال قيام الرئيس جورج بوش بالتوقيع عليه بعد عرضه على مجلس الشيوخ، ليصير قانونا نافذا.

وعلى رغم ان مستوى وحجم العلاقات الأميركية السورية محدود على المستوى الاقتصادي، وعلى صعيد علاقات التعاون العلمي والتقني والتجاري، اضافة الى محدودية العلاقات السياسية، فان الآثار السلبية لقانون «معاقبة» سورية في جانبيها المباشر وغير المباشرة في آن معا ستكون كبيرة، إذا انه واضافة الى العقوبات التي ستفرضها واشنطن على دمشق، فان بعضا من الدول وربما مؤسسات اقتصادية دولية واقليمية، ستنحو نحو واشنطن في التعامل مع دمشق سواء في خطوات هي تعبير عن حسن سلوك تقدم لواشنطن في الموقف من دمشق، او نتيجة قيام واشنطن بالضغط على دول وشركات للمضي نحو مقاطعة سورية وفرض عقوبات عليها. ويذكر في هذا الخصوص ان تجارب كثيرة في علاقات واشنطن مع دول تعارض سياساتها سارت في هذا الاتجاه، كما هو حال العراق قبل احتلاله، وحالتا كوريا الشمالية وايران.

ان الاساس في التصعيد الأميركي ازاء سورية، هو محاولة دفع الاخيرة الى احداث تغييرات في سياستها الخارجية، ولاسيما في موضوعين اساسيين، اولهما الموقف السوري من الصراع العربي الاسرائيلي والتطورات الراهنة للقضية الفلسطينية، والثاني يمثله الموقف السوري من احتلال العراق. وفي الموضوعين هناك حضور أميركي قوي وفعال، يساهم الى جانب «اسرائيل» في رسم ملامح المنطقة في اطار استراتيجية أميركية عالمية. ولحظ قانون محاسبة سورية ذلك بالقول، إن القانون يهدف الى عقوبات تحرم سورية من القدرة على مواصلة «سلوكها اللامسئول»، وعدم تنفيذه يتطلب افادة من الرئيس الأميركي جورج بوش بان «سورية لا تقدم دعما للارهاب الدولي، واوقفت دعمها لكل النشاطات الارهابية داخل العراق، وسحبت كل قواتها من لبنان، واوقفت انتاج أو تطوير أو نشر أو امتلاك أو نقل اسلحة دمار شامل وصواريخ باليستية بعيدة المدى، وقدمت تأكيدات يعتد بها بأن سلوكا كهذا، لن يعتمد في المستقبل، ووافقت على السماح للامم المتحدة ومراقبين دوليين آخرين بالتحقق من هذه الاجراءات والتأكيدات».

وتفرض دلالات وآثار «قانون محاسبة سورية» الأميركي على الدبلوماسية السورية القيام بحملة مركزة لدى الدول العربية والاسلامية ودول العالم الاخرى بما فيها الدول الكبرى، لكشف عدم قانونية القانون الأميركي واهدافه السياسية، وخصوصا لجهة اعتباره سلوكا يمكن لواشنطن ممارسته ضد أي من الدول التي تعارض سياستها، او تعترض عليها، ما سيكون له تأثير سلبي على العلاقات الدولية، ودفعها للدخول في نفق سياسة الاكراه والاجبار والقوة بدلا من سياسة الحوار والتوافق في اطار الشرعية والقانون الدولي وتحت غطاء الامم المتحدة.

ولاشك في ان ثمة حاجة لتحرك دبلوماسي نشط في اوساط الرأي العام الأميركي، يسهم في كشف اهداف المشروع ومراميه، التي ستدفع الولايات المتحدة الى فتح بوابة جديدة لتدخل أميركي فج ومكلف على نحو ماهي عليه التدخلات الأميركية، التي حدثت في افغانستان والعراق وغيرها من بلدان عارضت او اعترضت على سياسات القوة والاكراه الأميركية الكثيرة والمرشحة للتزايد حتى في الدول الصديقة لواشنطن، كما في المملكة العربية السعودية التي تزايد التوتر في علاقاتها مع واشنطن في العامين الأخيرين.

ان مسار العلاقات السورية الأميركية يزداد تعقيدا وتوترا، لكنه ومع هذا الاتجاه، فان الرئيس الأميركي مازال يملك امكان وقف تدهور علاقات البلدين، لان قرار الكونغرس، حتى بعد تمريره من مجلس الشيوخ لن يكون نافذا الا بموافقته، التي وان كانت مؤكدة، فقد تؤثر عليها حملة دبلوماسية واعلامية سورية وعربية ودولية نشطة، تشمل اوساط الرأي العام الأميركي، وهو ما يطرح سؤالا عن امكانات حدوث مفاجأة كهذه

العدد 407 - الجمعة 17 أكتوبر 2003م الموافق 20 شعبان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً