لم تكن العلاقة بين أميركا وإيران، منذ قيام الثورة الإسلامية، علاقة طبيعية، بل يمكن وصفها بالعاصفة، وبشكل خاص في المرحلة التي أعقبت سقوط شاه إيران. لكن ذلك لم يمنع الطرفين من التنسيق بينهما، حول قضايا كثيرة، لعل أهمها الحرب العراقية -الإيرانية، في الثمانينيات من العقد الماضي، واحتلال أميركا لأفغانستان والعراق.
ولذلك يمكن القول إن التقارب الأميركي - الإيراني في الأيام الأخيرة، هو أهم التحولات الدراماتيكية، وذلك بسبب تداعياته المباشرة، على الملف النووي الإيراني، وبالتالي على أمن دول الخليج العربي، بشكل خاص، والمنطقة عموماً.
في المحور النووي، هناك خشية من تكرار سيناريو التهدئة، الذي شهدته هذه العلاقة، أثناء حكم الرئيس محمد خاتمي، بما يؤدي إلى تمييع الموقف الدولي حول هذا الملف، وسيكون من نتائج ذلك تأجيل اتخاذ قرار أممي لنزع فتيله. وفي هذا السياق، هناك طرفان رئيسيان متضرران من حيازة إيران للسلاح النووي، هما دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، والكيان الصهيوني.
وهناك قوى إقليمية أخرى، كتركيا وباكستان والهند، ودول عربية كمصر، لا ترغب في امتلاك إيران للسلاح النووي، لكن تأثير ذلك على أمنها القومي، ليس مباشراً، كما هو على مستقبل أمن الخليج العربي.
فدول الخليج العربي هي التي تقف أمام فوهة البركان، وخشيتها من امتلاك إيران للسلاح النووي ليست افتراضية. وقد عملت هذه الدول منذ فترة طويلة، لكي تكون المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل من المنطقة، بما في ذلك السلاح النووي، الذي يمتلكه العدو الصهيوني. ولا جدال في أن امتلاك إيران لهذا النوع من السلاح سوف يضاعف من تعقيدات الموقف، ويجعل التوصل لنزع أسلحة الدمار الشامل من المنطقة أكثر صعوبة.
أما الكيان الغاصب، فإنه تفرد لفترة طويلة بامتلاك هذا النوع من السلاح، ويرى أن امتلاك إيران له يعني كسر احتكاره له، وهو ما لا يقبل به. والنتيجة أن العرب، ودول الخليج العربي، بشكل خاص، هم من سيدفع ثمن التطور الجديد في العلاقة الأميركية- الإيرانية.
وبديهي أن تحسن العلاقة بين أميركا وإيران، سيؤثر في علاقة حلف الناتو بطهران. وبذلك تنتقل العلاقة بين طهران وأنقرة من شكلها الصراعي، إلى الشكل التكاملي، وسيكون لذلك إسقاطاته المباشرة، على الأوضاع المتفجرة في سورية والعراق، حيث ستتحول أدوار طهران وأنقرة فيهما إلى علاقة تكاملية.
في ظل هذه التطورات، لن تقدم الإدارة الأميركية، على أي عمل عسكري نحو إيران، لكن ذلك لا يعني أن الملف النووي سيظل مجمداً، وأن إيران ستبقى بمأمن عن أية عقوبات. فهناك احتمال إقدام الكيان الصهيوني، على تنفيذ ضربة عسكرية محدودة، على الأماكن التي توجد فيها المنشآت الإيرانية. والأقرب أن ترد إيران على «إسرائيل» بقصف صاروخي محدود. يتدخل مجلس الأمن الدولي، على إثره بزعامة أميركا لإيقاف القتال بين الجانبين. وتستثمر الإدارة الأميركية حرب التحريك هذه، وتقوم بالوساطة لفك الصدام العسكري بين إيران والكيان الغاصب. وسيكون من نتيجة هذه الحرب تعزيز أكبر للعلاقة بين إيران وأميركا.
من المستبعد، في ظل التحولات الإيجابية، في علاقة واشنطن بطهران، أن تتعرض إيران للمصالح الأميركية في منطقة الخليج العربي. لعلمها أن ذلك سينسف المكاسب التي حققتها عالمياً في الأيام الأخيرة.
من جانب آخر، يتوقع أن تتصاعد الصراعات بين المعارضة المسلحة في سورية. وسيكون الجيش الحر، وبالتالي الائتلاف الوطني، الطرف الأضعف في الصراع. وفي هذه الحالة، سيجبر الائتلاف على الالتحاق بمبادرة جنيف لحل الأزمة السورية، بشروط أقل مما يطلبها الآن. وسيجري التنسيق بين الروس والأميركيين والإيرانيين والأتراك للدفع بعملية جنيف للسلام، بحسبان أنها ستمكن جميع الغرماء للتصدي لاحقاً لإرهاب القاعدة وجبهة النصرة، و«دولة العراق والشام الإسلامية».
بدأت ملامح هذا السيناريو في التشكل مؤخراً، بإغلاق المعابر السورية، على الحدود التركية، التي تسيطر عليها «داعش». كما أن البرلمان التركي، مدد للقوات التركية، حق التدخل العسكري في سورية لمواجهة أي تهديدات محتملة، وللدفاع عن الأمن الوطني. وقد شهدت الأيام الأخيرة، سقوط عدد من الصواريخ، على الأراضي التركية عبر الحدود مع سورية. وعلى الحدود الأردنية، منعت الحكومة المسلحين السوريين، من استخدام الأردن قاعدةً للانطلاق على النظام السوري، وأصبحت ترفض الاعتراف بأية وثائق لا تصدر عن الحكومة المركزية في دمشق.
بل إن التوقعات تذهب إلى ما هو أبعد من هذه التطورات، فتشير إلى احتمال مشاركة الجيش الحر، مع الجيش النظامي، بتنسيق إيراني- تركي في معارك ضد التكفيريين. وإذا حدث ذلك، فإننا أمام دراما مختلفة، تستعيد روح حلف بغداد، الذي شكلت أنقرة وطهران وبغداد وعمان، إضافة إلى باكستان أهم أضلاعه.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومآلاتها، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إن حكومته قد تقدم على تقديم تنازلات صعبة بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وإذا ما تحقق ذلك، وتم اعتراف «إسرائيل» بالدولة الفلسطينية، فسيكون ذلك مشروطاً بعلاقات كونفدرالية مع الأردن، تعيد إلى الواجهة مشروع رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيغال ألون، في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وتنظيرات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في أوائل التسعينيات عن شرق أوسط كبير، تكون «إسرائيل» قطب رحاه وقاعدته، والضفة الغربية نقطة الوصل فيه إلى شرقي الأردن، حيث ترتبط شمالاً بسورية، إلى تركيا، وشرقاً إلى العراق، ثم طهران، وجنوباً إلى جزيرة العرب.
تلك هي احتمالات المستقبل القريب، ما لم تحدث مفاجآت سريعة. والمؤكد أن المنطقة حبلى بتحولات دراماتيكية، وعلى العرب أن يختاروا بين الوقوف على هامش التاريخ، بانتظار المزيد من الانهيارات، أو صياغة استراتيجية عملية لأخذ مكانهم اللائق في عالم ليس فيه مكان للخائرين والضعفاء.
إقرأ أيضا لـ "يوسف مكي "العدد 4059 - الخميس 17 أكتوبر 2013م الموافق 12 ذي الحجة 1434هـ
( المتغيرات العالمية و الاقليمية )
لا أستغرب أن يكون هذا السيناريو قيد التنفيذ من قبل الولايات المتحدة الامريكية في الشرق الاوسظ و سوف يكون العرب و الكيان الصهيونى قى خبر كان.
ماهو الاخطر
الاخطر هو ضرب ايران وانتقال الحرب ونفايات الحروب والسموم لدول الخليج لا نتمن ولا نفرح اذا ضربت ايران كالسبق في حرب العراقيه الايرانيه لان اثارها مدمره للكل
كلها مصالح
بين ايران وامريكا مصالح مشتركة ولكي توخوف دول الخليج من ايران تقوم امريكا ببيع اسلحة بالمليارات حتي تقول لهم عدوكم ايران بينما الحقيقة العدوا هواسرائيل ومن اجل بيع الاسلحة لدول الخليج يتم تخويفهم بايران كدلك ايران تتفق مع امريكا في هدا الموضوع الدليل احتلال امريكا للعراق حيث قال الايرانين لولا ايران لما دخلتوا افغنستان والعراق ادا المصلحة واحدة والشاطر هو الدي يلعب وايران بمصالها لعبت صح والعرب نايمين بضرب شعوبهم وانتهاك حقوقهم والانظمة التقدمية اسقطتها امريكا باسم الديمقراطية كما هو في العراق