(نقلاً عن صحيفة «الشرق الاوسط»)
بداية يتعين القول إن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة يوم الثلاثاء 1 أكتوبر/ تشرين الأول، كان خطابا فريداً من نوعه. ولا أعتقد أن أي شخص آخر في أي وقت مضى - سواء كان رئيساً أو ملكاً أو رئيس وزراء - ألقى خطاباً فيها وذكر- اسم دولة أخرى أو رئيسها أو شعبها أكثر من مئة مرة في خطابه! لقد كان ذلك هو خطاب نتنياهو الذي ذكر – بشكل مباشر أو غير مباشر – اسم إيران 60 مرة، وذكر اسم روحاني 40 مرة. كما أورد أسماء آية الله الخميني وآية الله خامنئي وآية الله رفسنجاني.
استغرق خطابه 33 دقيقةً، ما يعني أن اسمي إيران وروحاني ذكرا في كل دقيقة من خطابه! وكان ذلك فرصة عظيمة لإيران. وبمعنى آخر، قام نتنياهو بأداء دوره على أكمل وجه لإظهار إيران كطرف مؤثر وجدير بالملاحظة. ويرجع السبب في ذلك إلى أن نتنياهو قد بعث برسالة واضحة إلى العالم، بمن في ذلك الفلسطينيون والعرب والإيرانيون والدول الأخرى التي ترى ذلك ضمنياً أن إيران هو العدو الرئيس لإسرائيل. تريد إسرائيل التحضير لشن حرب ضد إيران وحدها! في حين تعد إيران أكبر من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا مجتمعين. وبالإضافة إلى ذلك، تعد إيران أخطر 50 مرة من كوريا الشمالية! التساؤل المهم: ما هو السبب الرئيس وراء الغضب الواضح لنتنياهو؟ كيف توصّل نتنياهو إلى الاستنتاج بأن إيران أكثر خطورة بـ50 مرة من كوريا الشمالية؟
ركز نتنياهو على مسألة السلاح النووي الإيراني. وبناء على ذلك، فهناك تساؤلان بسيطان، السؤال الأول: بما أن إسرائيل تمتلك أسلحة نووية، فكيف يكون من المقبول لإسرائيل امتلاكها، بينما يعد امتلاك غيرها للطاقة النووية كارثة؟ أود التركيز على البعد المنطقي لهذا الموضوع. لقد أعلنت إيران مراراً أنها لا تريد إنتاج أسلحة نووية، وفقاً لما استشهد به أوباما من فتوى آية الله خامنئي في خطابه الذي ألقاه أخيراً في الأمم المتحدة. وعلاوةً على ذلك، تعمل إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعلى الجانب الآخر، يعرف الجميع أن إسرائيل لم تفتح قط الباب أمام المفتشين للدخول إلى «ديمونا».
في فترة وجود الشاه - والتي أشار نتنياهو إليها على أنها فترة حديثة لإيران - كانت هناك اتفاقية سلاح نووي مهمة بين إيران وإسرائيل. ووقع على هذه الاتفاقية من الجانب الإسرائيلي شيمعون بيريس، وزير الدفاع آنذاك، الذي قام بزيارة سرية إلى إيران لأسبوعين. وجرى تنظيم رحلته من قبل منظمة الاستخبارات والأمن الوطني لإيران (السافاك). وعلى حد علمي، تحتفظ إيران بتسجيل فيديو لتوقيع هذه الاتفاقية، وجرى أخذ هذا الفيلم من قبل منظمة خدمات أمنية أخرى خلال حكم الشاه، تحت رعاية الجنرال فردوست. لم تكن «السافاك» متورطة في حادث التجسس هذا. وعليه، فما هو رد نتنياهو على هذا الأمر، وكيف يكون ذلك الأمر بالنسبة لنظام الشاه – حينما كان من الجيد امتلاك رؤوس صواريخ – بيد أنه من غير المقبول ومن الكارثي في الوقت الحالي بالنسبة لدولة إيران الجديدة امتلاك طاقة نووية سلمية؟
عندما عاد روحاني إلى إيران واجه جماعةً متشددةً في المطار، حيث رقد بعض منهم في الشارع أمام سيارته وأغلقوا الطريق، وهتف البعض الآخر ضده وقذف حذاء نحوه. وبالنسبة لهذه النقطة في الوقت الحالي، فإن السؤال الحاسم هو: ما أوجه الشبه والاختلاف بين نتنياهو والجماعة المتشددة في إيران السالف ذكرها، وكذلك أيضاً الجماعات المتشددة في أميركا؟ إنني أريد أن أقول إن المتشددين يعيشون في إيران وإسرائيل وأميركا، ومن الواضح أن لديهم نفس طريقة التفكير. ما يؤسف له اشتياق بعض المتشددين في إيران لشن حرب جديدة. وعلى الجانب الآخر، يعتقد نتنياهو بأنه لا مفر من شن الحرب ضد إيران! يوضح هذا الأمر أن معتقدات الجانبين – على الرغم من تعارضها سطحياً مع بعضها البعض – في الحقيقة تكمل كلٌّ منهما الأخرى، وأن كلا الطرفين سعيد بذلك. ففي خطابه، تحدّث نتنياهو عن قضية الإصلاح، وانتقد روحاني ناعتاً إياه بـ «الكذاب».
وبالنسبة للسؤال الثاني: من الذي يمكن أن يقبل نتنياهو – على الرغم من كل ذلك – كواعظ عصري أو حاخام طاهر ونقي؟! قال نتنياهو «كان أحمدي نجاد ذئباً يرتدي لبوس الذئب، لكن روحاني ذئب يرتدي لبوس الحمل، فهو الذئب الذي يعتقد أنه يمكنه خداع المجتمع الدولي».
إذن، فما هي الحقيقة بشأن طبيعة نتنياهو أو ثيابه التي يرتديها؟ هل تعلم أن هذا المصطلح الجميل «الذئب الذي يرتدي لبوس الحمل» له أصلٌ في التوراة الموجودة الآن، وعلى وجه الخصوص أصل عبري؟ كانت هناك القصة المعروفة حول المنافسة السرية بين إسحاق وعيسو (سفر التكوين، الفصل 27). ويبدو لي أن هذا الأمر هو الأصل في وجود هذا المصطلح.
دعني أقل إنه من المؤسف أن تعتقد إسرائيل - كدولة (وليس اليهود بوصفهم أهم وأعرق أمة) – أن بمقدورها خداع العالم. لكن هذا الأمر غير مقبول ولا حتى لبعض الكتاب والمفكرين المثقفين اليهود مثل إيلي فيزيل ونعوم تشومسكي، وكذلك الساسة الإسرائيليين الجدد البارزين مثل حزب «ميرتس» الذي تترأسه السيدة زهافا غالئون. وجه نتنياهو تهديداً لإيران مرات عديدة بشكل سافر، ولا سيما عندما قال: «أريد إزالة أي التباس بشأن هذه النقطة، لن تسمح إسرائيل لإيران بأن تحصل على الأسلحة النووية. وفي حال اضطرت إسرائيل لمجابهة هذا الأمر وحدها، فسوف تقوم به وحدها».
ما هو لب هذا التهديد؟ ألا يجب أن نقول إن هذا الأمر هو بالفعل منطق ومنهج الذئب؟
ووفقاً للمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، الذي جرى توقيعه في سان فرانسيسكو، بتاريخ 1945، فإنه: «يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة». أعتقد أنه يتعين علينا جميعاً، بما في ذلك نتنياهو، قراءة هذا الميثاق بعناية ودقة مع وضعه في الاعتبار.
وبالإضافة إلى ذلك، لا يوجد في إيران والدول الإسلامية الأخرى - على الإطلاق - شعار «يسقط اليهود». ولا أفهم ما هو سبب رواية نتنياهو لهذه المعلومات المغلوطة. فعلى وجه العموم، يميّز المسلمون بين الصهيونية واليهودية. وليس المسلمون وحدهم هم الذين يفرّقون بشأن هذه المسألة، حيث إننا نرى بعض الحاخامات اليهود المعارضين أيضاً لدولة إسرائيل والصهيونية. وكان ذلك هو السبب وراء وجود نائب برلماني يهودي بإيران ضمن وفد روحاني في رحلته الأخيرة.
إقرأ أيضا لـ "عطاءالله مهاجراني"العدد 4050 - الثلثاء 08 أكتوبر 2013م الموافق 03 ذي الحجة 1434هـ
تمنى لايران والمسلمين اكثر تقدم
انشاءالله ايران تصبح من الدول المتقدمه في كل المجالات وتكون صديقه للعرب والمسلمين
الكذابون كثر ومن أصل واحد
الكذابون شيء يبعث على الغثيان .. مو بس نتنياهو .. عندنا دجالين ألعن منه .. والله التاريخ يكرر نفسه..