التطورات الأخيرة في الجنوب اللبناني وما أثارته من مخاوف، لم تمنع بعض المعلقين من محاولة رصد انعكاسات الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وما تلاها من حوادث شهدتها الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، على ملف تبادل الأسرى بين «حزب الله» من جهة و«إسرائيل» من جهة أخرى، لا سيما ان جدلا إسرائيليا يدور بشأن القضية فيما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، بحسب معلومات الصحف الإسرائيلية، خلال جلسة عقدتها اللجنة الفرعية لشئون الاستخبارات في الكنيست الإسرائيلي، تمسكه بإنجاز الصفقة. بينما أشارت معلومات الصحف الإسرائيلية ان رئيس الطاقم الإسرائيلي لشئون الأسرى الجنرال ايلان بيران، أكد خلال شهادته أمام لجنة الكنيست، ان لا صحة البتة لما سبق ونشرته صحف إسرائيلية من تعرض العقيد ألحنان تيننباوم للتعذيب على أيدي «حزب الله» أثناء التحقيق معه في الأسر. وقال ان الأنباء التي أشارت إلى اقتلاع أسنانه خلال التحقيق هي أنباء عارية عن الصحة تماما. لكن بيران، أبدى خشيته من ان التصعيد بين «إسرائيل» وسورية قد يؤثر على صفقة التبادل. في وقت أكدت عائلة الطيار الإسرائيلي المفقود رون اراد، في مؤتمر صحافي، ان تقرير فينوغراد يشير الى وصول معلومات في الأعوام الأخيرة عن مكان احتجاز رون أراد وانه لم يزل على قيد الحياة. وفي هذا إشارة، إلى مزيد من التعقيد في الملف لأن عائلة اراد تضغط لعدم الإفراج عن الحاج مصطفى الديراني، لإبقائه ورقة مساومة في يد الدولة العبرية. هذا في وقت نسب ديفيد إغناطيوس في واشنطن بوست، كلاما لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، أكد خلاله ان الحزب قد تمكن بواسطة الوسيط الألماني من التوصل إلى صفقة أولية مع «إسرائيل» تقضي بالإفراج عن 400 معتقل فلسطيني وما بين 50 إلى 60 معتقلا عربيا مقابل عدد قليل من الرهائن الإسرائيليين. ودافع نصر الله عن شرعية الصفقة قائلا ان أخطر الأعداء في العالم قد أجروا صفقات مماثلة. غير انه لفت إلى انه غير واثق من ان ارييل شارون، سيمضي قدما في هذه الصفقة. وأهمية حديث نصر الله تكمن في انه أتى بعد التصعيد الإسرائيلي على الحدود اللبنانية وسقوط جندي إسرائيلي واستشهاد طفل لبناني، علما بان التطورات مازالت في حكم المجهول. وفي معلومات مثيرة أوردتها «المحرر العربي» (السورية) نقلا عن دبلوماسي ألماني واكب عن كثب إحدى حلقات التفاوض بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين بين «حزب الله» و«إسرائيل» ان ثمة سؤالا يطرح، ماذا إذا أعلن «حزب الله» ان الجنود الثلاثة الذين تم أسرهم منذ ثلاث سنوات ما زالوا على قيد الحياة؟ لافتا إلى ان «إسرائيل» من دون أن تستند إلى معلومات قاطعة باستثناء وجود بعض الدم في الأماكن التي خطفوا منها قد أعلنت ان الجنود قضوا. وقال الدبلوماسي انه يبدو ان هذا الكلام غير صحيح فالذين يعرفون ما وراء شفتي هذا المسئول الحساس أو ذاك في «حزب الله» يقولون انه لا يعقل أن يكون الثلاثة في عداد الموتى. وأضاف ان الثابت هو ان ثمة من هو حي.
لكن الحملات على الصفقة تتوالى في الصحف الإسرائيلية وبات الذين يرفضونها أكثر بكثير من المتحمسين لإتمامها فقد تطرق يوئيل ماركوس في «هآرتس» إلى صفقة تبادل الأسرى بين «إسرائيل» وحزب الله. واستغرب حساسية «إسرائيل» المفرطة تجاه موتاها لا سيما وانها تدفع أحياءها ثمنا لاسترجاع جثث الموتى من الإسرائيليين. وأكد ماركوس، ان سياسة «إسرائيل»، في استبدال جنودها بأعداد كبيرة من الأسرى والمعتقلين لم تعطِ ثمارا في الماضي ولن تعطي اليوم أية ثمار. ونقل في هذا السياق عن مسئولين سابقين في الجيش الإسرائيلي وعدد من المعلقين ان على «إسرائيل»، أن تتبع مبدأ الأسير مقابل الأسير والجثة مقابل الجثة. وتابع ماركوس، موضحا ان «إسرائيل»، تقدر قداسة الحياة الإنسانية وتعتبر إعادة الإسرائيليين إلى «الوطن» واجب عليها القيام به مهما كان الثمن، مشيرا في هذا السياق إلى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون هو من أشد الإسرائيليين حساسية في هذا الموضوع لافتا إلى ما أوردته إحدى الصحف الإسرائيلية من انه بكى خلال لقائه بإحدى أسر الجنود الإسرائيليين المفقودين. وأكد ماركوس، انه من الخطأ الفادح أن تحوّل «إسرائيل»، نصر الله (من دون أن يذكر لقبه أو منصبه) إلى زعيم إقليمي بارز وإلى مدافع عن حقوق الفلسطينيين، وأن تحول كل إسرائيلي إلى مشروع قابل للاختطاف. وختم بالقول ان صفقة التبادل هي مسألة يجب أن تعمل فيها العقول النيرة وليس العواطف الجياشة أو «حقيبة شارون المليئة بالدموع»، وأن يكون شعارها «جثة مقابل جثة، معلومات مقابل معلومات، ومعتقل مقابل معتقل» ولا شيء أكثر من ذلك.
في المقابل، وفي تقرير تحت عنوان «أصابع الساعة الأخيرة في ملف التبادل» نقلت «المحرر العربي» (السورية) عن دبلوماسي ألماني واكب عن كثب إحدى حلقات التفاوض بشأن تبادل الأسرى والمعتقلين بين «حزب الله» و«إسرائيل» ان المفاوضات التي جرت هي بالتأكيد أكثر تعقيدا من أي مفاوضات عقدت بين العرب والإسرائيليين حول السلام. وأضاف المصدر ان الوساطة كانت تصل أحيانا إلى الطريق المسدود. فجأة يعطي أحد الطرفين بصيصا من الضوء فتعود الدوامة إلى العمل. وعلى هذا الأساس، فالكلام الإسرائيلي عن تجميد الوساطة لا يعني انها ستتوقف فالمعروف ان ضابط الموساد ألحنان تننباوم الذي يتناوب الإعلام الإسرائيلي على التهجم عليه هو في وضع صحي حرج والأطباء الذين يتعاطون معه يؤكدون ان الرجل بحاجة إلى معالجة بالأشعة وإن كان «حزب الله» شديد الاهتمام بوضعه الصحي. وقال الدبلوماسي، ان ثمة سؤالا يطرح، ماذا إذا أعلن «حزب الله» ان الجنود الثلاثة الذين تم أسرهم منذ ثلاث سنوات ما زالوا على قيد الحياة؟ لافتا إلى ان «إسرائيل» من دون أن تستند إلى معلومات قاطعة باستثناء وجود بعض الدم في الأماكن التي خطفوا منها قد أعلنت ان الجنود قضوا. وقال الدبلوماسي انه يبدو ان هذا الكلام غير صحيح فالذين يعرفون ما وراء شفتي هذا المسؤول الحساس أو ذاك في «حزب الله» يقولون انه لا يعقل أن يكون الثلاثة في عداد الموتى. وأضاف ان الثابت هو ان ثمة من هو حي.
وأجرى ديفيد إغناطيوس في «واشنطن بوست» مقابلة مع أمين عام «حزب الله» في مكتبه في بيروت، وتركز الحديث على قضية تبادل الأسرى بين «حزب الله» و«إسرائيل» وعن القضية الفلسطينية. وفي بداية المقابلة استبعد نصر الله أن يتماشى الوضع في الأراضي الفلسطينية مع المشروع الإسرائيلي ومع طبيعة الزعماء الإسرائيليين وأن يوافق الفلسطينيون على تسليم أسلحتهم. وأضاف انه منذ اتفاقي أوسلو، دار نقاش فلسفي بين الفلسطينيين بشأن إمكان عقد اتفاق سلام مع «إسرائيل». وشدد على ان المفاوضات السلمية لم تحل المشكلة الفلسطينية مؤكدا ان دعم الشعب الفلسطيني الواسع لحركتي «حماس» والجهاد الإسلامي نابع من فشل الخيار السياسي. أما في ما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى بين حزبه و«إسرائيل»، فقد أكد نصر الله ان الحزب قد تمكن بواسطة الوسيط الألماني من التوصل إلى صفقة أولية مع «إسرائيل» تقضي بالإفراج عن 400 معتقل فلسطيني وما بين 50 إلى 60 معتقلا عربيا مقابل عدد قليل من الرهائن الإسرائيليين. ودافع نصر الله عن شرعية الصفقة قائلا ان أخطر الأعداء في العالم قد أجروا صفقات مماثلة. غير انه لفت إلى انه غير واثق من ان رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون، سيمضي قدما في هذه الصفقة. وشدد نصر الله، على ان «إسرائيل» لديها مشكلة كبيرة تتمثل في عدم قدرتها على خرق المجال الأمني لحزب الله. وأوضح ان حزب الله استطاع أن ينصب كمينا لألحنان تننباوم، الذي اعتبره أمين عام حزب الله، «كولونيلا» في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي بينما تصر «إسرائيل»، على اعتباره رجل أعمال وحسب. من جهة أخرى، أكد نصر الله ان سياسة حزبه تقضي بتفادي المس بالمدنيين الإسرائيليين، غير انه رفض انتقاد المنظمات الفلسطينية على استهدافها للمدنيين مكتفيا بالقول ان هذه المنظمات تملك الحق في الدفاع عن نفسها ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وتتواصل الإثارة في هذا الملف الشائك، خصوصا ان وسائل الإعلام العبرية، كانت قد انتقدت الحكومة الإسرائيلية لعدم إعطاء الأردن «جائزة» الأسرى الأردنيين بدل أن تجيّر مكاسبها لحزب الله وأمينه العام. وأكد الناطق السياسي بإسم الحكومة الأردنية وزير الإعلام نبيل الشريف، في تصريح إلى «النهار» (البيروتية) ان الحكومة تتابع باهتمام شديد ملف الأسرى الأردنيين في «إسرائيل» الذي تعتبره ملحا ولا يحتمل التأجيل. وأفاد الشريف، ان وزارة الخارجية تتابع منذ فترة طويلة هذا الموضوع وان القائم بالأعمال الأردني في تل أبيب على اتصال مباشر مع الجهات المعنية هناك للوصول إلى حل جذري لصالح المعتقلين والأسرى. وعلى رغم قوله انه لم يطرأ أي جديد على الموضوع إطلاقا سوى ان «إسرائيل» أطلقت أحد الذين انتهت محكوميتهم قبل أيام وان هناك عطلة الآن بسبب الأعياد اليهودية، فإنه عبّر عن تفاؤله في سماع خبر طيب قريب في هذا الخصوص لكنه لم يفصّل. وردا على ما تناقلته وسائل الأعلام عن ان «إسرائيل» ستفرج عن عدد من هؤلاء الأسرى في إطار صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله، قال الشريف، انه لم يصلهم شيء في هذا الخصوص. إلى ذلك نقلت «النهار»، عن مصادر مطلعة ان وفدا تقنيا أردنيا سيتوجه إلى تل أبيب في الأيام المقبلة للبحث في ملف الأسرى والمعتقلين الأردنيين غير ان أحدا من المسئولين لم يؤكد أو ينفي هذا الخبر
العدد 403 - الإثنين 13 أكتوبر 2003م الموافق 16 شعبان 1424هـ