هل تعلم من أنت؟ أنت من أحبك الله وأودع فيك أسرار الوجود، ووهبك قدرات بلا حدود، فلا «تحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر».

أن كل ما في الكون الواسع موجود فيك أيها الإنسان، في عوالم متداخلة، باب الدخول إليها هو عقلك وقلبك.

لو طلبنا من رسام أن يرسم مليون صورة لفيلٍ، فإنه سيحتاج إلى مكان بحجم ملعب كرة القدم ليضع فيه اللوحات، ولكن بالتصوير الحديث (الديجتل)، يمكن وضع مليون صورة في «فلاش ميموري» حجمها بحجم أصبع اليد.

فاللوحة مادة، وعندما تحول هيئة الفيل (مادة) إلى لوحة فنية (مادة)، فإنك ستحتاج إلى مساحات واسعة، ولكن إذا حوّلت هيئة الفيل (مادة) إلى عالم آخر وهو عالم الديجتل أو النانو، فإنك ستحتاج إلى مساحة أصغر.

مثال آخر، يمكن أن يتم تحويل متر مكعب من النفط إلى طاقة كهربائية توضع في بطارية لا يتجاوز مساحتها قدماً واحداً (فوت)، فالنفط عندما كان على شكل هيئة مادية سائلة كان يأخذ مساحة كبيرة، ولكن عندما تم تحويله إلى عالم آخر وهو عالم الكهرباء تقلصت مساحته. وكذلك بالنسبة إلى الغاز، عندما يمكن تقليص حجمه 650 مرة، عن طريق تبريده وتحويله إلى سائل.

فالحجم والمساحة يمكن تصغيرهما أو تكبيرهما من خلال التحوّل من عالم إلى عالم آخر، وعدم قدرتنا على ذلك يرجع إلى أننا لم نتوصل إلى العالم الذي يؤهلنا إلى ذلك، وليس لأن ذلك مستحيل.

والكون موجود في الإنسان كعوالم مختلفة، فالإنسان عندما يأكل تفاحة، يحوّلها الجهاز الهضمي إلى طاقة للجسم، والجسم يستفيد من هذه الطاقة لتجعله يتحرك وينفذ خططاً لزراعة التفاح. فالتفاحة أنتجت طاقة، ومن ثم الطاقة أنتجت تفاحة، هذه التحولات جرت بواسطة الإنسان. لكن هل التفاحة الأولى التي أكلها الإنسان نفسها التفاحة الثانية؟

ويمكن للإنسان استخراج العوالم من روحه، إذ يبدأ بعالم الفكرة، يفكّر كيف يمكن أن يتحدث مع شخص في بلاد أخرى، هذا الفكر يصله إلى عالم آخر وهو عالم الحدس والإلهام، وهذا العالم يصله إلى عوالم آخر، فيكتشف هذا الإنسان الهاتف والإنترنت. فيحوّل الفكرة من عالمها الموجود في العقل إلى عالم مادي وهو جهاز الهاتف.

فكل الاكتشافات والاختراعات والابتكارات الماضية والحالية والمستقبلية موجودة داخل الإنسان، ولكن على الإنسان أن يصل إلى المرحلة التي تؤهله لإخراجها من عالمها غير المرئي إلى العالم المادي. والمرحلة الأولى لذلك هو عالم الفكر عبر تشغيل آلة العقل والقلب، حتى يستطيع أن يصل إلى عالم الحدس والإلهام، ومن ثم الدخول إلى العوالم الأخرى التي تختزن الكون الواسع.

والعظماء والعباقرة الذين غيّروا مجرى الحياة الإنسانية للأفضل، ليسو أفضل منك، هم بشر مثلك ولهم القدرات نفسها، والفرق بينك وبينهم هو أنهم قاموا بتشغيل آلة العقل والقلب والدخول إلى عالم الفكر والانتقال إلى عالم الحدس والإلهام والعوالم الأخرى التي رأوا فيها الحقيقة، وأخرجوها على شكل اختراعات وابتكارات وما يفيد البشرية.

فتوماس ايديسون، لم يخترع المصباح ببساطة، بل أجرى آلاف التجارب الفاشلة، وكان عقله وعقل مساعديه يفكّر 24 ساعة دون توقف، يأكل وهو يفكر، ينام وهو يفكر، يسبح وهو يفكر، يذهب إلى المختبر وهو يفكر، ونتيجة الاهتمام المستغرق والتفكير المستمر دخل إلى عالم الحدس والإلهام إلى أن وصلوا إلى اختراع المصباح.

جرّب، إذا كان لديك شيء، مثل شراء سيارة وأنت لا تمتلك مالاً، اجعل عقلك يفكّر 24 ساعة كيف تحصل على مال لشراء سيارة، فخلال فترة ستجد نفسك تتوصل إلى أفكار تعود عليك بالمال لشراء السيارة.

فكل شيء موجود فيك أيها الإنسان، «تحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر»، ولكن ما عليك إلا أن تؤمن وتثق بنفسك، وتبدأ بتشغيل آلة العقل والقلب. فأنت أيها الإنسان أكبر معجزة في هذا الكون السحيق، وهبك الله قدرات لا حدود لها.