مرّ صيف العام 2009 كعادته حاراً رطباً على البحرين، ولكن صاحبه قرار شخصي مني بالبدء في برنامج حمية غذائية من أجل السيطرة على عدة كيلوات غير مرغوب فيها، ومضت ستة أشهر إلى أن ظهر مفعول برنامج الحمية. كان هذا سبباً لتحسّسي بانتفاخ في منطقة البطن، ما أدخلني في شك من أمري.

ذهبت إلى أحد الأصدقاء الجرّاحين في عيادته للكشف، وكعادة الأطباء في طلب الفحوصات، فعملت الأشعة التلفزيونية حيث كشفت وجود ثلاثة أورام في البطن، ولهذا عملت الأشعة المقطعية في صباح اليوم التالي، وكان جسدي مليئاً بها من الرقبة إلى منطقة أعلى الفخذ، مروراً بالصدر والبطن والحوض، الأمر الذي جعلني أعمل العيّنات في حينها.

مرّت أصعب ثلاثة أيام في حياتي بانتظار النتيجة، كان يوم الأحد في يناير العام 2010، ولم أذهب للعمل لأن حدسي كان ينبئني بسماع أخبار غير جيدة، وهذا ما حدث بالفعل يومها، حيث مررت بسوادٍ قاتمٍ يلفّ الساعات التي أصبحت بطيئةً جداً. وبعد ثلاثة أيام فقط، بعد التشخيص الذي كان سرطان العقد الليمفاوية في مرحلته الأولى، ولكنه كان منتشراً في مرحلته الثالثة في جسدي.

صباح اليوم الرابع كان عقلي جاهزاً لاتخاذ قرار حاسم بشن حملة مقاومة وحرب ونضال من أجل هزيمة هذا العدو الفتاك. وأخذت القرار اعتماداً على مبدأ أن السرطان لا يعني نهاية الحياة، وأنني قادرٌ على هزيمته، الأمر الذي جعلني أنشر الخبر لأهلي وأصدقائي، وتناولته في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مباشر وواضح وصريح.

وبدأت رحلة العلاج التي كانت الولايات المتحدة الأميركية أولى محطاتها، وتحديداً «مايو كلينيك» في مينيسوتا، وأتممته في بلدي البحرين، وذلك للتكلفة العالية جداً للعلاج. وهنا وجب أن أذكر الدعم المعنوي والمادي من قبل جمعية «وعد» في شخص الصديق العزيز إبراهيم شريف (فرّج الله عنه)، والذي كان يتكوّن من جلسات من الأدوية الكيماوية القاتلة للخلايا السرطانية، ولكنها قاتلةٌ أيضاً للخلايا الطبيعية، وهذا يؤدي إلى حدوث العوارض الجانبية للعلاج، ومنها نقص المناعة إلى مستوياتها الدنيا.

استمر العلاج قرابة السنتين، ولقد أثبتت الفحوصات هذا العام أنني قد قضيت على العقد السرطانية، ولا يوجد أية انتكاسات لحد الآن، الأمر الذي قد يحدث في أيّ وقت، لهذا وجب عمل الفحوصات الدورية.

محاربة مرض السرطان لا تكمن فقط في العلاج الكيماوي أو الجراحي، ولكن الأهم من ذلك هو العلاج التكميلي الذي يجب أن يبدأ منذ اتخاذ القرار بالبدء في المعركة، وأهمها على الإطلاق هو أن يغيّر الإنسان نمط حياته وأفكاره وغذائه وسلوكياته، واتباع نظام غذائي يساعد على قتل الخلايا السرطانية، وتغيير الأفكار بحيث يتم تنمية وتدريب العقل الباطن على زرع الأفكار الإيجابية والتسامح وحب الحياة والبعد عن الكراهية والحقد والتوتر، وممارسة الرياضة اليومية. وبالنسبة لي، اخترت أن أتعلّم ممارسة التأمل من أجل خلق انسجامٍ بين عقلي وجسدي وروحي.

الدعم الداخلي للمصاب بمرض السرطان يلعب دوراً حيوياً ولذا وجب العمل الجاد والمكثف لتقوية هذا المحور، والدعم الخارجي أيضاً مهم من جانب الأهل والأصدقاء الذي يجب أن يكون إيجابياً.

هذا جزء موجز من تجربة شخصية أكتبه في هذا اليوم، الخامس عشر من سبتمبر/ أيلول، اليوم العالمي لزيادة الوعي بسرطان الدم والعقد الليمفاوية ولمن يرغب في المزيد فلا يتردد بالتواصل معي عبر الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أسست مجموعة دعم مرضى سرطان العقد الليمفاوية على الفيس بوك، وبدأنا الاحتفال باليوم الوطني للناجين من مرض السرطان في السبت الأولى من شهر يونيو لأول مرة هذا العام، ونعمل على تطويره من الآن للعام المقبل والذي سيكون السبت 7 يونيو 2014.