تشهد مدينة كركوك ذات التنوع العرقي حالا من التوتر الذي ينذر بتجدد الصدامات المسلحة بين الاكراد والتركمان والعرب، وخصوصا بعد ان بدأت حال الانقسام بين هذه المكونات تتصاعد بشكل واضح فيما يتعلق بالموقف من إعلان احتمالات انتشار القوات التركية في منطقة كردستان او في المناطق المتماسة مع الأكراد.
ويشعر معظم التركمان والعرب من سكنة هذه المدينة بأن وجود القوات التركية في كردستان او في المناطق المتاخمة لها سيكون بمثابة الضمانة لحمايتهم من هيمنة «البشمركة» الكردية التي فرضت سيطرتها المسلحة على المدينة، ما ادى ذلك إلى اندلاع مجابهات مسلحة أودت بحياة عدد كبير من الاطراف المختلفة.
ويأتي هذا التوتر بعد فترة من الهدوء النسبي الذي أعقب المجابهات التي حدثت بين الاكراد والعرب حينما هاجم عشرات من المسلحين الاكراد مقر عشيرة عربية سنية بالقرب من كركوك في منتصف سبتمبر/ايلول الماضي، في محاولة لاسترداد اراضي تمتلكها هذه العشيرة منذ عقود طويلة من الزمن بادعاء انها اراض لملاك اكراد سيطر عليها النظام واعطاها الى هذه العشيرة.
الاحتكاكات التي اخذت في الآونة الآخيرة طابعا مسلحا بين الاكراد والعرب من جهة والاكراد والتركمان من جهة اخرى لم تقتصر على الصراع على اراضي منحت للعرب من قبل الحكومة السابقة او انها اراضٍ اميرية أصلا ولم تكن نقلت الى الملكية الشخصية منذ العهد العثماني، وبقيت ملكا للدولة العراقية، فالصراعات اليومية انتقلت أيضا إلى جوانب اخرى، ذات امتدادات سياسية وإثنية.
فالاكراد مثلا يصرون على رفع علم «كردستان الكبرى» فوق المباني الحكومية، بديلا للعلم العراقي، وهذا الأمر أثار الجهات المختلفة، بما في ذلك القوات الاميركية التي اصطدمت بالاكراد حينما حاولت انزال هذا العلم ووضع العلم العراقي بدلا منه. كما ان التركمان والعرب يقولون إن اعدادا كبيرة من الاكراد عادوا الى كركوك من مختلف اطراف كردستان وهم يزاحمون سكانها ويهددون المواطنين من الاعراق الاخرى بعدم البقاء في المدينة، الأمر الذي دفع زعماء العشائر العربية، السنية والشيعية في كركوك الى تشكيل «قوة جماعية» لمواجهة «استفزازات» الاكراد وخصوصا «البشمركة المسلحة». وكان ممثل الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في كركوك اعلن أن «الأحزاب الكردية تعتبر كركوك مدينة كردية، في حين ان هذه المدينة عراقية وللجميع حصة فيها».
واعرب عن استعداد «جيش المهدي» الى مساندة العرب والتركمان في مواجهة المسلحين الاكراد الذين يريدون السيطرة على كركوك وطرد الآخرين منها. كذلك بدأت ترتفع نسبة الاصابات في صفوف القوات الاميركية في كركوك.
وتقول مصادر كردية إن سبب اتساع دائرة الاصابات في اوساط جنود الاحتلال هو انتقال مقاتلي «أنصار الاسلام» الى هذه المنطقة بعد ان تركوا مواقعهم في السليمانية جراء القصف الاميركي والهجوم الكردي على تلك المواقع.
وأكد زعيم «انصار الاسلام» ملا كريكر واسمه نجم الدين فرج احمد في تصريح له: «ان اعضاء جماعة انصار الاسلام التي تعرضت قواعدها للهجوم قبل الحرب ما ادى إلى مقتل 253 عضوا في التنظيم سترد على الاميركيين حالما تسنح لهم الفرصة للرد». وقال كريكر الذي يعيش في العاصمة النرويجية (اوسلو) ان انصاره مختبئون في المدن الكردية بعد ان عادوا من مناطق الحدود مع ايران - وانهم سيواجهون الاحتلال الاميركي لأن ذلك من واجب المسلمين
العدد 402 - الأحد 12 أكتوبر 2003م الموافق 15 شعبان 1424هـ