العدد 4010 - الخميس 29 أغسطس 2013م الموافق 22 شوال 1434هـ

خارطة الطريق للعمل البيئي في البحرين (3)

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التوعية وبناء القدرات البيئية مكون رئيس في منظومة الأبعاد الاستراتيجية لخارطة الطريق للعمل البيئي وفق خطة العمل الحديثة التي أعلن عنها المجلس الأعلى للبيئة في مملكة البحرين، وأكد فيها «على أهمية تفعيل ودعم برامج التوعية والتثقيف البيئي بالعمل الوثيق مع المؤسسات التعليمية والإعلامية وتثقيف الرأي العام حول الحقوق البيئية للإنسان».

وتشكل جائزة البيئة التي يعتزم المجلس إنشاءها، مقوّم مهم يمكن أن تسهم في تعضيد خطط العمل التنفيذي للتوعية وبناء القدرات البيئية وبما يسهم في تعزيز ثوابت المسئولية والرقابة الاجتماعية للبيئة وتحفيز الشراكة المجتمعية في العمل البيئي، وذلك يعزّز قدرات وفاعلية الإدارة البيئية، وإحداث التحول النوعي في جهود انجاز أهداف التنمية المستدامة، وفق محددات ثوابت التقرير الاعلامي الصادر عن المجلس الأعلى للبيئة، يتمثل الهدف من انشاء الجائزة في «تشجيع الجميع على التنافس الشريف في المجالات البيئية المختلفة والانجازات المرتبطة بها، وتشمل هذه الجائزة الوزارات والهيئات الحكومية والشركات ومنظمات المجتمع المدني في المملكة».

إن التوجه لبناء خطة استراتيجية ترتكز على أهداف مدروسة وموجهة للارتقاء بالوعي الاجتماعي البيئي هي خطوة مطلوبة لانجاز أهداف التنمية المستدامة، والعمل على نشر المفاهيم والمعارف البيئية بين قطاعات المجتمع، تعتبر من أولويات قضايا العمل البيئي، ومؤشر مهم للتمكن من تحقيق جودة المنجز للمشروع الوطني البيئي، وأن لذلك الموضوع أهميته ضمن أولويات مبادئ المؤتمر العالمي الأول للبيئة الذي عقد في مدينة ستكهولم بالسويد عام 1972.

إعلان ستكهولم للبيئة البشرية يعالج قضايا التوعية والتثقيف البيئي في المبدأ (19) ويشدد على أنه «يمثل تعليم الأجيال الشابة وكذلك الكهول في المجالات البيئية، مع ايلاء الاعتبار الواجب للمحرومين، عاملاً أساسياً لتوسيع نطاق الرأي العام المستنير، والتصرف المسئول من طرف الأفراد والمؤسسات والجماعات في حماية وتحسين البيئة بأبعادها الانسانية الكاملة». ونظراً لما يشكله الإعلام من أهمية في التأثير على مفاهيم وسلوك منظومة المكون المجتمعي خص المبدأ سابق الذكر الإعلام باهتمامه حيث يؤكد على انه «من الأساس أيضاً أن لا تسهم وسائط الاتصال الجماهيري في تدهور البيئة، بل أن تقوم على العكس، بنشر معلومات ذات طابع بيئي بشأن الحاجة إلى حماية وتحسين البيئة بغية تمكين الانسان من التطور في جميع المجالات».

وتشكل قضايا التوعية والتثقيف البيئي محوراً رئيساً ضمن أولويات أهداف الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي لما تمثله من أهمية استراتيجية في الارتقاء بمعارف ومهارات المجتمع للاستفادة منه في إنجاز أهداف المشروع الوطني لصون التنوع البيولوجي، حيث يجري التأكيد في الفقرة (أ) من المادة (13) في الاتفاقية على ضرورة أن تقوم الأطراف المتعاقدة في «تعزيز وتشجيع تفهم أهمية صيانة التنوع البيولوجي والتدابير اللازمة لذلك، وكذلك نشر هذا التفهم من خلال وسائط الإعلام، وإدراج هذه المواضيع في البرامج التعليمية»، والتشديد في الفقرة (ب) على «التعاون، حسب الاقتضاء، مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية في تطوير برامج للتثقيف والتوعية الجماهيرية فيما يتعلق بصيانة التنوع البيولوجي واستخدامه على نحو قابل للاستمرار».

التربية والتعليم البيئي من المناهج الحديثة والفاعلة في بناء مجتمع مؤسس في مفاهيمه وثقافته البيئية، يرتكز على مقومات السلوك الرشيد في العلاقة مع معالم النظام البيئي، ولا يمكن تحقيق الجدوى المطلوبة من برامج التربية والتعليم البيئي، دون توفر سياسة تعليمية موجهة واعتماد خطة تربوية وتعليمية ترتكز على الثوابت المنهجية للتعليم البيئي، يمكن الارتكاز عليها في بناء مجتمع واع لمسالك العلاقة الرشيدة مع مكون النظام البيئي، ومدرك لمسئولياته وواجباته للمساهمة في صون توازن النظام البيئي.

ويمثل ذلك التوجه العامل الرئيس الذي ساهم في تحفيز العديد من الدول في العمل على تضمين مناهجها التربوية والتعليمية بالمفاهيم البيئية، وتبنى غالبية الجامعات في عدد من البلدان سياسة تعليمية جرى بموجبها إدخال المساق البيئي ضمن خطتها الدراسية لعدد من التخصصات، وعمدت بعض الدول إلى اعتماد وثيقة تعنى بمعالجة الأسس المنهجية في إدخال المفاهيم البيئية في المناهج التعليمية، وذلك ما جرى الأخذ به في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وللتمكن من إنجاز أهداف البعد الاستراتيجي لخارطة الطريق للعمل البيئي في مجال التوعية والتثقيف البيئي، ينبغي تبني خطة منهجية تأخذ في الاعتبار اتجاهات العمل المتنوعة في إيصال الرسالة البيئية للقطاعات الاجتماعية الرئيسة الفاعلة في إحداث التحول النوعي في مسار العمل البيئي، وتشمل في منظومة آليات مناهجها الفئات المستهدفة، صناع القرار والمخططين الاستراتيجيين في الشأن البيئي والقطاع المدرسي والتعليمي والجامعي والإعلامي والمجتمعات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الحكومي والخاص، وذلك وفق برامج متنوعة المحاور ووسائل معالجة القضايا البيئية، بما يتلاءم وخصوصية الموقع الاجتماعي لكل فئة، وبما يسهم في تحفيزها للمساهمة الفعلية في دعم مسارات العمل البيئي وإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4010 - الخميس 29 أغسطس 2013م الموافق 22 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً