العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ

أمتنا العربية... أهلاً بالدمار

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

ولأنني ضد الحروب، وضد العنف، وضد الغرب حين يبحث عن ثغرة عربية - وما أكثرها- لكي يدس أنفه في كل صغيرة وكبيرة نعيشها حتى ونحن في بيوتنا حول موائدنا أو في غرف نومنا، وكي يدخل إلينا بحجة حمايتنا من أنظمتنا وظالمينا، ولأنني لا أؤمن بالخلاص الذي يجيء من خارج أسوار أنفسنا ودولنا، فيحال عواصف ونيراناً تحرق الأخضر وتذرو كل جميل مع الريح... أقف منتظرةً ما سيحدث غداً للوطن العربي، وقلبي يخفق ألماً حين أقرأ عبارات الأصدقاء في مصر وسورية والعراق ولبنان وتونس والجزائر وليبيا ودول الخليج العربي باختلاف توجهاتها الدينية والايديولوجية والسياسية.

أقف مجروحةً وأنا أجد أن اللغة الغالبة على هذي الخطابات هي لغة الشتم والسباب والتخوين والتكفير والرغبة في أخذ الثأر ممن لا علاقة له بالناقة أو الجمل سوى أنه عربي من هذا البلد أو ذاك، سوى أنه شيعي أو سني أو علوي أو قومي أو رأسمالي أو اشتراكي... وقد نسي كثيرٌ منهم أنه يجب أن يكون إنساناً لا غير في مثل هذه الظروف ومثل هذه العواصف التي سيكون هو وأسرته من ضحاياها قبل أن يكون غيره كذلك، لاسيما وأن أكثر أصدقائي هؤلاء هم من الكتاب والمثقفين والشعراء والفنانين والإعلاميين الذين يجب أن يكونوا بحكم حساسيتهم تجاه الآخر وكل ما يتعلق بالمشاعر والمصالح الإنسانية، هم الأكثر اهتماماً بمستقبل الأمة العربية، ويحاولوا بكل ما أوتوا من عقول وكلمات وقوة أن يغيّروا واقع بلدانهم، لأنهم اختاروا أن يكونوا قادة رأي بما يحملونه من رسالات وفكر وأقلام قادرة على إحداث هذا التغيير حين تريد.

أعلم أن الفرد منهم لا يملك قوى سحرية، وأعلم أن جميع الدول اليوم تعوّل على الشباب العربي في حراكها ضد الدكتاتورية والظلم، وأعلم أن كثيراً من المثقفين خذلوا شعوبهم وأوطانهم حين صفّقوا للظلام وهلّلوا للظلم ووقفوا مع الأنظمة القمعية في بلدانهم، لكنني أعلم أيضاً بأن التاريخ مليء بالقصص والحكايا التي كان للمثقف دور رئيس في تغيير أنظمة كاملة وتغيير تفكير من حوله باتجاه الخير والحرية، وهو من كان لا يمتلك ما نمتلكه نحن اليوم من وسائل وإعلام وتسهيلات لهذه المهام الجسام.

لأنني ضد الحروب الغربية على المنطقة، أقف اليوم خائفةً على سورية والدول العربية، وأترقب دور العدو الصهيوني وهو ينتظر بعين المنتصر الشامت اللحظة التي يبحث عنها وقد شارفت على التحقق؛ فها هي مصر تعاني التمزق الداخلي، وها هو العراق لا يكاد يهدأ من صدمة تفجير حتى يدخل في آخر وكأن الأمر أصبح من أساس مكونات اليوم كالذهاب للعمل، وها هي سورية تتمزق على أيدي نظامها ومعارضيها وجيرانها، وها هو لبنان يقف بانتظار دوره، ودول الخليج العربي تسعى وتخطط وتوقع شيكاتها.

كأني أرى العرب اليوم يقولون للدمار أهلاً وهم يدفعون لأعدائهم أثمان خراب ديارهم، ويزينون لهم ما لديهم من أراضٍ وثرواتٍ نفطية وسياحية وزراعية وجغرافية، والأهم يعطونهم السلاسل كي يكبّلوا ما تبقى من كرامتهم ومقاومتهم ورفضهم للتصهين والغزو.

لستُ مع أي دكتاتور، وسأبقى كما كنتُ دائماً أمجّد الثورات الشعبية ضد الحكام القتلة في كل الدول مهما كان انتماؤها ودينها وجنسيتها، لكنني لستُ مع أيّ تدخل صهيو-أميركي في المنطقة، لأنني أعرف تماماً أنهم ليسوا أصدقاء، ولن يكونوا يوماً.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 1:13 م

      هذه هي الحقيقة المرة

      وها هي سورية تتمزق على أيدي نظامها ومعارضيها وجيرانها، وها هو لبنان يقف بانتظار دوره، ودول الخليج العربي تسعى وتخطط وتوقع شيكاتها

    • زائر 6 | 6:22 ص

      تبا لها من شعوب

      شعوب أضل من الهائم للأسف يصفقون للظلم والجور والحاكم الظالم . هذا دليل على مرض عقولهم اي عقول أمة بأكملها وسيستمر هذا الحال حتى قيام الساعة ما دامت البعران تحكم الدول العربية والإسلامية

    • زائر 3 | 3:08 ص

      محللون لا يحرمون ولا يتوبون وعالم أول خايف أو مخفي؟

      قد يكون من الحلول التي توصل اليها محللوا الانظمة لإنقاد ما يمكن إنقاده لكن إقتصاد إسراف وتبذير وترف وخرف فيه. ليس من الأسرار عمليات تفكيك ثم إعادت تركيب الشركات كما حدث لعمليات دمج البنوك وأمثله أخرى، اليوم جاري كما جرت العادة لكن لم يكسر قيودها أحد فلذلك فكروا أن يفتتوا المفتت من المجتمعات ويفككوها – نشر فتن إحتراب .. الخ. يعني هالعالم اليوم شركة من شركات عالم أول مستقر في أوربا أو عرقهم من عروق ساميه جمال أو العم سام سميث تدار بأجانب لكن الاستهلاك محلي. هل سينجحون أو سيرسبون في الامتحان؟

    • زائر 2 | 1:35 ص

      للاسف حالنا مأساوي

      صدقتي استاذة الحياة الان صارت مقيتة بوجود هؤلاء العرب الاشرار

    • زائر 1 | 12:30 ص

      ياامة

      ياأمة ضحكت عليها الأمم وكيف وهى من الأقزام تحكم والى الأستعمار تتطلب فيها أن يعيد حكمه وأن تكون هى مجرد طرور يلبى ماتأمره ولو على حساب دينه وقيمه.

اقرأ ايضاً