لفت انتباهي مقال لأحد كتاب الأعمدة المرموقين في أميركا وهو يتحدث عن تراجع شركة «مايكروسوفت» من قائمة امبراطوريات الشركات الرقمية، وكيف أن نظرية ابن خلدون تنطبق على هذه الشركات تماماً، كما تم شرح هذه النظرية في «مقدمة ابن خلدون» التي ألِّفت في العام 1377م (قبل أكثر من ستة قرون). مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون كان قد كتب أن «العصبية القبلية» تأتي من خارج الحواضر والمدن وتتسلم الأمور في المناطق التي فككها الفساد والخمول والتحارب بين أطرافها، ولكن هذه العصبية الصاعدة في بداية عهدها تخفُّ وتتفكك مع البذخ والخمول الذي يزداد مع الزمن، وبالتالي تبدأ عملية التراجع في دورة الحياة.
التعليقات من كل جانب لم تتوقف منذ إعلان الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت» ستيف بالمر بشكل مفاجئ في (23 أغسطس/ آب 2013) اعتزامه التقاعد لإنهاء فترة رئاسة، وهو ما أفرح الذين اعتبروا بالمر مسئولاً عن تراجع هذه الشركة العملاقة من مرتبتها الأولى إلى مستوى منخفض جداً مقارنة مع العمالقة الجدد في شركات التكنولوجيا الرقمية وهم «غوغل، «أمازون»، «أبل»، «فيسبوك»، الذين تبلغ قيمتهم السوقية بصورة مجتمعة أكثر من تريليون (مليون مليون) دولار (وهذا أكبر بكثير من الناتج المحلي لأي دولة من دول الشرق الأوسط).
في العام 2000 كانت شركة «مايكروسوفت» تتربع على عرش شركات التكنولوجيا الرقمية، ولكن «ستيف بالمر» لم يلتفت إلى اختراع شركة «أبل» للهاتف الذكي (آيفون)، وله تصريح في العام 2007 قال فيه «ليست هناك فرصة للهاتف الذكي (آيفون) لأن يحصل على أي حصة كبيرة في السوق». ونحن الآن في 2013 ونعلم أن الصغار والكبار يستخدمون الهواتف الذكية في كل مكان وفي كل وقت من حياتهم اليومية، وأن الحاجة للحاسوب (الكمبيوتر) الذي يحتوي على برامج «مايكروسوفت» لم تقل، ولكن شيئاً آخر دخل في حياة الناس ليست له علاقة بالحاسوب الذي تسيطر على سوقه «مايكروسوفت»... وهذا ما جعل استقالة الرئيس التنفيذي (لهذه الشركة العملاقة سابقاً) يرفع من أسهم شركته التي كانت تهبط في قبالة العمالقة الجدد. وفي تصريحه الأخير قال بالمر إن استقالته تعني أن شركة «مايكروسوفت» ستدخل في «عملية انتقالية» من كونها شركة برمجيات بشكل أساسي إلى شركة للأجهزة والبرمجيات على حد سواء، بمعنى أن «مايكروسوفت» ستسعى إلى منافسة العمالقة الجدد في الأجهزة الذكية التي يقدمونها للمستهلك.
وعوداً إلى ما ذكره «ابن خلدون»، فإن الحياة (حياة الأمم... والآن نعلم أن حياة الشركات أيضاً) لها دورة صعود وهبوط، وأن الصعود له مسبباته والهبوط له مسبباته، ولا ينفع الإنسان أن ينكر ذلك، كما كان يفعل ستيف بالمر، لأن عدم الاعتراف بالمشكلة لا ينفيها ولا يعالجها، وإنما يعزز من أمرها ويجعلها تستفحل بما قد يجعل أمرها مستعصياً.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 4009 - الأربعاء 28 أغسطس 2013م الموافق 21 شوال 1434هـ
هل مشكلة قلت قراءة أو زيادة تعلق بالدنيا؟
من المؤكد – يعني لا ريب فيه أن الجنون ليس فن وليس له علاقة بالفن ولا فن الممكن في السياسة. فكن ويكون بين الكاف والنون. إبن خلدون عند ما وألف وكتب و أسمي تعبه وجهده الذي خلد إسمه في مقدمة إبن خلدون التي تتألفت من 13 مجلد ألفها كما يقول التاريخ في خمسة أعوام.فيها من تاريخ البشريه والهمجيه كما فيها من الأسئلة مثل فسلفة, أصول,نشيء كما عند داروين والكائنات أو جزء من كل كما في المجتمع كنظام. فأصل فلسفة - تفكر وحب معرفة لبلوغ حكمة كما قالها اليونانيون الإغريق، بينما اليوم ناس لا تجهد ولا تتعب.
الزبدة في الاسطر الاخيره دكتورنا المميز
كل من يتجاهل مشاكله ولا يواجهها لابد ان تكبر كرة الثلج وتتدحرج لتسقط من اراد ان يتعامى
المشكلة موجودة وتستفحل!!!!
وتحتاج الى الاعتراف بها وعدم تجاهل المطالب لان الامور تتفاقم والوضع ينفجر
فيكفي غرورا وتجبرا
دارة الايام
على الاقل استوعب الدرس ويحاول ان يغير لكي ينافس لكن اللي عندنا مو راضيين يستوعبون ويغيرون تفكيرهم. شكرا على المعلومات.
ذرر يا دكتور
كلامك ذرر يا دكتور.. ياليت في من يسمع ويطبق كنا بخير