العدد 3999 - الأحد 18 أغسطس 2013م الموافق 11 شوال 1434هـ

خارطة الطريق للعمل البيئي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

حدّد المجلس الأعلى للبيئة في مملكة البحرين الرؤى الرئيسة لرسم السياسات والممارسات البيئية الفعالة، بهدف الحفاظ على صحة الإنسان والكائنات الحية والموارد الطبيعية ومقومات الأمن البيئي على الصعيد الوطني. ويجسّد ذلك التوجه النهج العالمي الذي جرى التوافق عليه في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية عام 1972 حيث يجرى التأكيد في المبدأ (1) على انه «للانسان حق أساسي في الحرية والمساواة وفي ظروف عيش مناسبة في بيئة تسمح نوعيتها بالحياة في ظل الكرامة وبتحقيق الرفاه».

ويؤكد المبدأ (2) على انه «يتعين الحفاظ، لصالح الجيل الحاضر والأجيال المقبلة، على الموارد الطبيعية للأرض بما في ذلك الهواء والمياه والتربة والحيوانات والنباتات، وبالخصوص العيّنات النموذجية من النظم الايكولوجية الطبيعية، وذلك بواسطة التخطيط أو الإدارة بعناية، على النحو المناسب».

وتفعيلاً لذلك النهج، يؤكد المبدأ (13) على أنه «بغية زيادة ترشيد إدارة الموارد، وبالتالي النهوض بالبيئة، ينبغي للدول أن تعتمد نهجاً متكاملاً ومنسّقاً لتخطيطها الانمائي بحيث تضمن التوافق بين التنمية والحاجة إلى حماية وتحسن البيئة البشرية لصالح مواطنيها». ويشدّد المبدأ (14) على ضرورة أن «يشكل التخطيط الرشيد أداة أساسية للتوفيق بين متطلبات التنمية والحاجة إلى حماية البيئة وتحسينها».

وتعضيداً لنهج العمل الدولي البيئي في صون الأمن البيئي للإنسانية، يجري التأكيد في المبدأ (201) من الوثيقة الختامية لمؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة- ريو+20 العام 2012 أن المجتمع الدولي «يؤيد تعميم مراعاة الآثار والمنافع الاجتماعية والاقتصادية المتصلة بحفظ التنوع البيولوجي ومكوّناته واستخدامهما بصورة مستدامة، وبالنظم الإيكولوجية التي توفّر خدمات أساسية، في صلب البرامج والسياسات ذات الصلة بالموضوع على جميع المستويات، وفقًاً للتشريعات والظروف والأولويات الوطنية».

إن رزمة القرارات والتوصيات النوعية التي اعتمدها المجلس الأعلى للبيئة وتصدرت المشروع الاستراتيجي للبيئة والتنمية في مملكة البحرين، تتوافق في مضمون جوهرها مع الاستراتيجية الدولية للبيئة وترتكز في منظومة أهدافها ومناهج خططها في العمل على إعداد خطة متنوعة الاتجاهات والبرامج البيئية تفضي إلى اعتماد مشروع استراتيجي يؤسس لبناء خارطة الطريق للعمل البيئي في البحرين، وذلك ما يمكن تبينه في التقرير الإعلامي الصادر عن المجلس الأعلى للبيئة، الذي يشير إلى أن المجلس «سيركز في المرحلة القريبة القادمة على وضع خارطة طريق مدعومة بخطة عمل واضحة، تنقل المجلس الأعلى للبيئة من خلال الطبيعة الجديدة للعمل من طور المؤسسة التنفيذية إلى طور المؤسسة التنظيمية».

القراءة المتمعنة لحيثيات التقرير تمكننا من تبين منظومة حقائق التوجه الاستراتيجي للارتقاء بمنهجيات العمل البيئي للتمكن من انجاز وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك يجعلنا نتبصر مجموعة الأبعاد الاستراتيجية التي تحدد مقومات منهجيات خارطة الطريق للعمل البيئي الذي يتجه المجلس الأعلى للبيئة لاعتمادها ضمن خطط عمله التنفيذية في المرحلة القادمة، وذلك يشكل استجابة فعلية لمبادئ خارطة الطريق العالمية للبيئة والتنمية التي جرى التوافق على مناهج عملها والتأكيد على جوهر آليات عملها التنفيذية ضمن مبادئ الوثيقة الختامية لمؤتمر ريو+20.

الشفافية البيئية تشكل ركيزة محورية في منظومة الابعاد الاستراتيجية لخارطة الطريق للعمل البيئي المزمع اعتمادها، وذلك ما يجري التأكيد عليه في التقرير الاعلامي للمجلس حيث تجري الإشارة إلى أنه «انطلاقاً من مبدأ الشفافية، ارتأى المجلس عرض المشاريع والقرارات على الرأي العام من خلال وسائل الإعلام بصورة دورية ليكون الجميع على دراية وعلم بما يتخذ من قرارات تهم الجميع تجاه البيئة التي يعيشون فيها، والإجراءات التنفيذية المدعومة بالقوانين والسياسات الوطنية التي تصب في المصلحة العامة».

والشفافية منهج حضاري يمكن بفعله ربط الفعاليات المجتمعية بالأنشطة البيئية وتحفيز مدركاتهم بحيثيات مفاهيم الثقافة البيئية وتبصيرهم بحقائق الواقع البيئي ومخاطر تدهور معالم النظام البيئي على واقع الأمن المعيشي والصحي للمجتمع المحلي، وذلك يسهم بشكل تفاعلي في الارتقاء بالعمل البيئي وجودة المنجز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. من هنا كان لمبدأ الشفافية حضوره المتميز في مشروع العمل الدولي البيئي، وهو ما جرى التأكيد عليه في المبدأ (10) من إعلان ريو بشأن البيئة والتنمية-1992 الذي يشير إلى ضرورة أن «تعالج قضايا البيئة على أفضل وجه بمشاركة جميع المواطنين المعنيين، على المستوى المناسب، وتوفر لكل فرد فرصة مناسبة على الصعيد الوطني للوصول إلى ما في حوزة السلطات العامة من معلومات متعلقة بالبيئة، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالمواد والأنشطة الخطرة في المجتمع، كما تتاح لكل فرد فرصة المشاركة في عمليات صنع القرار. وتقوم الدول بتسيير وتشجيع توعية الجمهور ومشاركته عن طريق إتاحة المعلومات على نطاق واسع. وتكفل فرصة الوصول بفعاليةٍ إلى الإجراءات القضائية والإدارية، بما في ذلك التعويض وسبل الإنصاف».

وللتمكن من تحقيق جودة المنجز في بناء خارطة طريق مؤسسة للعمل البيئي، من الطبيعي أن يجري صناعة منظومة من الأسس القانونية والإدارية والرقابية وبرامج التوعية وبناء القدرات وخطط العمل الاستراتيجية والتنفيذية متداخلة الأبعاد والأهداف البيئية التي تأخذ في الاعتبار ضرورات ربط المجتمع المحلي بواقع الحدث البيئي بالاتساق مع الجوهر الفعلي لمتطلبات مبدأ الشفافية البيئية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 3999 - الأحد 18 أغسطس 2013م الموافق 11 شوال 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً