«لكي تتمكن من التغلب على تعاطي المخدرات... إحقن نفسك، لا تخف... دع الجرعة تتسرب إلى كل شرايينك حتى تنجو وتعود من موتك إلى الحياة من جديد»... هذه العبارة، كتبتها قبل عدة سنوات لكتيب صغير متواضع بالتعاون مع مجموعة من الشباب البحرينيين والخليجيين ضمن حملة لتوعية الأطفال والناشئة والشباب من مخاطر تعاطي المخدرات.
ومناسبة هذا الحديث، في ختام الشهر الفضيل، أعاده الله علينا وعليكم ونحن في أحسن حال، هو تجديد فكرة العمل للتوعية ضد أخطار المخدرات التي انحسرت إلى درجة كبيرة في السنوات القليلة الماضية! لكن، إلامَ ترمي تلك العبارة؟، وكيف يحقن المدمن نفسه لكي ينجو؟ الفكرة أيها الأحبة، هي أن نركز على التأهيل النفسي وتقوية الإرادة والإصرار في نفوس المدمنين؛ ليتخلصوا من أسر تلك العادة المدمرة... أن يحقن المدمِن نفسه بتعاليم الدين والأخلاق... أن يأخذ جرعة من الحب والأخوة والسلام في كل وقت... أن يشعر بأننا معه وسنأخذ بيده فيعود من موته المحقق إلى الحياة من جديد وقد تعافى من ذلك السم المهلك.
وكم كان العرض المسرحي الذي رعاه محافظ الشمالية علي الشيخ عبدالحسين العصفور تحت عنوان: «أنا الجاني»، والتي قدمتها فرقة المسرح بمركز شباب الشاخورة أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي مشجعاً في هذا الاتجاه، ولاسيما أن المركز استطاع أن يستقطب فئات المجتمع العمرية المختلفة للحضور والتفاعل، ولعل الجانب المهم على هامش تلك الفعالية، هو رغبة الكثير من الشباب من الجنسين في القيام بأعمال وأنشطة وبرامج توعية تتعاون فيها مختلف القطاعات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني في كل مناطق البلاد، وألا تقتصر على مناسبة اليوم العالمي لمكافحة المخدرات بل تتواصل طيلة العام.
ظاهرة تعاطي المخدرات لاتزال تمثل خطراً كبيراً جدّاً! ولهذا، أنا شخصيّاً من الناس الذين يركزون على استهداف أولياء الأمور من آباء وأمهات واستهداف التوعية الأسرية قبل كل شيء، ذلك أن هناك الكثير من الأسر، ومع شديد الأسف، تهمل مراقبة أبنائها ولا تمتلك القدرة على متابعة أوضاعهم واكتشاف أية متغيرات تشير إلى سيرهم في طريق التعاطي المهلك، وأتذكر بضع تجارب مهمة ليتها تستمر، كتجربة (المدمن المجهول)، والمبادرات الفردية التي يقوم بها بعض الشباب والناشطين الاجتماعيين، وكذلك تجارب مميزة كتجربتي قرية باربار وبوري، وهما تجربتان انطلقتا من أساس مجتمعي بمشاركة كل الجهات في التصدي لهذه الظاهرة، لكن، لانزال في حاجة إلى جهود اجتماعية أكبر.
الكثير من وسائل الإعلام والباحثين مع شديد الأسف، لا يبذلون الجهد في مواجهة هذه الآفة، التي كلما أهملناها تضاعفت مخاطرها... وقد أذهلني أحد الشباب الذين أخذوا مبادرة ذاتية للعمل مع المدمنين، سواء الراغبين منهم في التخلص من الإدمان، أم أولئك الذين يحتاجون إلى من يشجعهم ويأخذ بيدهم... «باسم»، شاب بحريني استطاع أن ينجح إلى حد كبير في أن يحظى بدعم مجموعة من الشباب ليعملوا معاً من أجل توجيه قبضة في وجه إدمان المخدرات، وخصص منزلاً صغيراً كان بمثابة الحضن الدافئ الذي يأخذ بيد الشباب الذين تعافوا من الإدمان أوممن يملكون قراراً نابضاً بالحياة للتوقف عن الإدمان وتخليص أنفسهم من ذلك الأسر، ويبدأ العمل بإحداث تغييرات إيجابية في شخصية المدمن وإعادة بنائه وتأهيله من الجانب القيمي لديه، وتقديم البرامج التأهيلية والتثقيفية والنفسية لإكساب المدمنين القدرات التي تمكنهم من أن يكونوا عناصر صالحة في المجتمع.
مثل هذه المبادرات والبرامج لا يمكن أن تستمر ما لم تحصل على الدعم من الجهات الحكومية والأهلية، ومن منظمات المجتمع المدني، ومن الإعلام الذي يعد ركناً مهمّاً في تعريف الرأي العام بمثل هذه المبادرات المهمة... بودي أن يلتفت أولياء الأمور إلى أبنائهم، وألا يتهاونوا في حال ابلاغهم من جانب أصحاب المبادرات بضرورة التعاون معهم لإنقاذ أبنائهم... وقد وجدتُّ شخصيّاً أن بعض أولياء الأمور لا يقبلون بمثل هذا التنبيه، ويعتبرونه إساءة لهم! والحال، أن الشباب حين يتابعون أوضاع المدمنين ويتواصلون مع ذويهم، فإنهم يريدون إنقاذهم لا الإساءة لهم... فالإدمان على المخدرات والعقاقير هو طريق إلى فقدان شباب في عمر الزهور... فلننتبه.
عزيزي المدمن... احقن نفسك بالإرادة ونحن معك.
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 3983 - الجمعة 02 أغسطس 2013م الموافق 24 رمضان 1434هـ
يحيا لكم استاذ سعيد
لفتة جميلة . تحياتي ابو سيد حسين