كما هي العادة في هذه الفترة من كل عام، تلقيت اتصالاًَ كريماً من مكتب الوجيه عبدالله أحمد ناس لاستلام تبرعٍ مالي لصالح الأيتام البحرينيين. وكعادته رحمه الله وبحسب ما يوصيني دائماً أن يكون ذلك بعيداً عن الإعلام، حتى عندما كنت أود أن أنشر ذلك بين الناس لكي يقتدي به الآخرون كان يرفض ذلك، ويقول: من يريد أن يفعل الخير فليس بحاجةٍ أن يقتدي بي. كان هذا ديدنه ومنطقه في فعل الخير، وكنت أقدّر ذلك فيه ولا عجب! فمن يعرف أبا سمير جيداً يعرف معدنه وطيب خصاله وأخلاقه.
بعد ذلك التبرع السخي بساعات قليلة، تلقيت اتصالاً آخر يعزيني بوفاة عبدالله أحمد ناس رحمه الله. كانت الصدمة كبيرةً جداً بالنسبة لي. لم أكن أتخيّل أن تنتهي حياته بعد ساعات قليلة من القيام بأنبل عمل يقوم به الإنسان، ألا وهو خدمة الأيتام في هذا الشهر الفضيل. في لحظاتٍ قليلةٍ مرّ بخاطري شريطٌ طويلٌ من الذكريات الجميلة والمواقف الإنسانية العظيمة مع إنسانٍ أحبّ وطنه وعشق ترابه، وأحبّ الناس وخدمهم، وأعطى دون أن ينتظر الشكر أو المكافأة.
كان رحمه الله مثالاً للرجل العصامي الذي بنى نفسه بنفسه. بدأ من الصفر حتى وصل إلى القمة بجهده وعطائه وإخلاصه، وعندما نجح لم يستأثر بهذا النجاح له وحده وإنما عمّم الفائدة والنجاح على جميع الناس، فأسّس أول شركة عائلية مساهمة، ليكون للجميع نصيبٌ في هذا النجاح، لأنه آمن بأن النجاح لا يمكن أن يتحقق لولا المجتمع الذي يعيش فيه. وكذلك فإن النجاح لا يمكن أن يستمر إذا استأثر به شخصٌ أو أشخاص دون أن ينفتح على الجميع.
كانت البحرين هي همه الأول، ما أن يرى مصنعاً أو مشروعاً في بلدٍ يزوره إلا وتمنى أن يكون في البحرين مشروع مثله. كان يحلم بأن تكون البحرين بلداً منتجة مصدرة، فساهم في إنشاء العديد من المصانع والشركات والمعاهد العلمية والمشاريع التجارية المختلفة، وعمل بجد وإخلاص وأمانة حتى يحقّق هذا الحلم، فكان أسطورةً في مجاله، ومعلّماً لأجيال جاءت وستجيء من بعده.
كثيراً ما كان يقول أن محبة الناس لا تشترى بالمال، وإن الإنسان مهما بذل من مال من أجل كسب ود الناس لن يحصل على ذلك، ما لم تكن تلك المحبة نابعةً من القلب، فالمحبة المرتبطة بالمصلحة محبة مؤقتة زائلة. وقد تبين لي مدى بعد نظره رحمه الله أثناء تشييع جنازته، فتزاحُم الناس في المسجد واصطفافهم خارجه ووقوفهم تحت أشعة شمس الظهيرة الشديدة لم يكن لمصلحةٍ يرجونها من رجل قد توفي، وإنّما كان حباً لهذا الرجل الذي أحبّوه حياً وشيّعوه بقلوبهم ميتاً، فكان الحضور مهيباً يعبر عن مدى فقدهم له.
ولاشك أن كلّ من حضر الجنازة المهيبة لهذا الرجل الكريم قد سمع من الواقفين بمختلف أطيافهم ومذاهبهم وأجناسهم كلمات الثناء والشكر وذكر مناقبه وأعماله الطيبة والدعاء بالرحمة والمغفرة وجزيل الثواب له رحمه الله تعالى.
كان رحمه الله كريماً في مشاعره كما كان كريماً في ماله، فلم يكن حبّه يقتصر على الناس على المحيطين به فقط من زملاء ومجتمع، وإنما تعدّى ذلك لجميع الناس. ويكمن سر هذا الحب الإنساني الكبير في حبّه لأسرته وأبنائه وعلاقاته المتميزة بهم. فقد أعطاهم الثقة والقوة لإدارة شئون حياتهم وبناء شخصياتهم أولاً، ومن ثم انعكس ذلك على نجاحهم في إدارة المشاريع المختلفة التي يعملون عليها بما يضمن استمرار هذه الأسطورة الإنسانية الكبيرة.
نشأ عبدالله أحمد ناس، في عائلة متوسطة المستوى، لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، ولم يكن طريقه معبداً أو مفروشاً بالورود، وإنّما واجه الصعاب وعصرته الحياة بحلوها ومرها، نجح وسقط فلم ييأس أو يستسلم، وإنما كافح حتى استطاع أن ينجح مرات ومرات، وفي كل كبوة كان يتعلم درساً يستفيد منه في تجاربه الجديدة.
ومن مفارقات الحياة ومصادفاتها الغريبة أنني كنت وبتوجيه من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة،أقوم بإعداد تقرير عن إنجازات ومساهمات فقيدنا الوجيه عبدالله ناس رحمه الله باعتباره من الشخصيات التي ساهمت في بناء مملكتنا الغالية من خلال الشركات والمشاريع الصناعية والتجارية الكبيرة التي أسسها وساهم فيها، وذلك لترشيحه لنيل جائزة (FORBES). وها أنا الآن أتوقف عن الكتابة مؤقتاً لأسطر هذه الكلمات أعبّر من خلالها عن بعض ما يجيش في صدري من أحاسيس وحب لهذا الإنسان الكريم الذي لم تفارقه الابتسامة وفي أصعب اللحظات رغم الألم ولآخر لحظة من حياته. ولا زلت أذكر عندما كنت معه وأحد أبنائه الكرام في لندن قبل يوم من إجراء عملية كبيرة له وعلى مائدة العشاء، حين كنت أحاول أن أقوّي من عزيمته وأشدّ من عضده. كان رحمه الله هو من يقوينا ويشد من عزيمتنا ويعطف علينا، فقد كان رغم المرض والألم إنساناً قوياً محباً للناس ومتفقداً لكل من حوله مهتماً بهم مؤمناً باستمرارية الحياة.
كانت خاتمة أعماله تبرعه السخي للأيتام، وإن من حسن الخاتمة أن توفّاه الله في شهر رمضان الذي هو خير أشهر العام. فهنيئاً لك يا أبا سمير حسن الخاتمة.
رحم الله أستاذنا وحبيبنا عبدالله بن أحمد ناس وغفر له وأسكنه فسيح جناته وألهمنا وذويه الصبر والسلوان.
إقرأ أيضا لـ "مصطفى السيد"العدد 3980 - الثلثاء 30 يوليو 2013م الموافق 21 رمضان 1434هـ
فلان فعل وعلان عمل .. عليكم من أنفسكم .. ويش عليك من فلان وعلان
عن علم وعلماء وكتبوا وتحدثوا فعن فعل الخير ومن ألعمال ما كان في السر وليس في العلن ككفالة يتيم وتبرع لمساعدة المحتاج.. فالفقير ليس فقر دم أو المال وإنما الفقير الى الله. ولو كان الفقر رجل...؟ ففقر المال ليس كفقر الدم ولا فقر الناس وفقدهم الأخلاق والقيم التي لا غنى بدونها. فكما المال زينه.. المال أيضا فتنه.. فكيف تقوم ناس بالتبرع وآخرين بابطاله بعملهم بإعلانات أن فلان قد تبرع أو أعطى. أليس من مبطلات الوضوء أو من مبطلات الصوم البوح والحديث عن ما لا يجوز كشفه ففيه أذى لآخرين؟ أليس كذلك؟
صدق أو لا تصدق هل إغتنموا فرص الخير كما الدعاية عن فعل خير
يا سلام ويا سلام بر وتقوى ,إحسان عبد القدوس لكن برً بوالدتي... ما كو.. وأكو باب من الابواب باب البر والتقوى وليس من أبواب لجهنم. فالتبرع بالمال وإنفاقه سراً أو جهراً قد لا يعني بر.فلن تنالوا البر حتى تنفقوا .. هل حسب ناس يحب مال الدنيا وأنفقه و قال إنسوي دعايه؟ وهل بر سار كمن سر بلقاء ربه عند ما عرف الفرق بين البر والبحر والاحسان والمحسن ورجال لم يصدقوا ما عاهدوا الله عليه وهناك رجال عاهدوا ولم يصدقوا.. فهل عاد وثمود وقارون وغيرهم أشباه رجال لأنهم ما صدقوا؟ اليس فعل الخيرا سرا
وطني
اللهم ترحمه برحمتك الواسعة
لم اعلم من اي الطائفتين هو!!
ليس سذاجة ولا خلطا اعمى للالوان..ولكن الفقيد رحمه الله من القلة الذين لم اعلم من اي الطائفتين هو لانه مثال لحب المواطن الفقير
المواطن الاصيل المواطن المكافح وتكفي قصص من وظفهم في شركاته.. فرحمه الله وطيب ثراه
السلام عليكم ورحمة الله لكم الاجر اجرين