العدد 3975 - الخميس 25 يوليو 2013م الموافق 16 رمضان 1434هـ

التلوث النفطي في الخليج

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التلوث النفطي ظاهرة متواترة الحدوث في الخليج العربي، ولهذه الظاهرة أثرها السلبي على الحياة المعيشية والصحية للشعوب القاطنة على ضفاف حوض الخليج لكون مياهه تشكل مصدراً حيوياً، معيشياً واقتصادياً، وموقعاً استراتيجياً لممارسة الأنشطة المختلفة التي تعودت المجتمعات المحلية ممارستها في مياه الخليج.

ولم تكن هذه الظاهرة وليدة اليوم، وكان لتصدير النفط أثره المباشر في تواتر حالات التلوث النفطي نتيجة عدم التزام الشركات والناقلات النفطية بما هو محدد من التزامات وقواعد ونظم قانونية وإدارية منصوص عليها ضمن منظومة قواعد القانون الوطني والإقليمي والدولي، إلى جانب عدم وجود نظام متطور للرقابة والرصد البيئي في المناطق البحرية يكون قادراً على متابعة ورصد أنشطة البواخر النفطية للتمكن من الحد من هكذا ظاهرة.

إن حوادث التلوث في الخليج صارت ظاهرة مألوفة وليست هذه هي المرة الأولى التي نلامس فيها واقع هذه الظاهرة ومسبباتها وما تتركه من خطر على واقع الأمن البيئي للمجتمع في الخليج. وما دفعنا إلى العودة لمعالجة هذه الظاهرة البيئية ما نشرته صحيفة «الخليج» الإماراتية في عددها الصادر يوم الأحد (1 يوليو/ تموز2013) بشأن حادث التلوث النفطي الذي شهدته المياه الساحلية لإمارة الفجيرة، تحت عنوان «تلوث نفطي يضرب شواطئ مربح وقدفع»، حيث يقول الخبر «تعرضت شواطئ بلدتي مربح وقدفع 15 كيلومتراً إلى الشمال من مدينة الفجيرة، إلى تلوث نفطي، أدى بحسب مصادر إلى تراكم وانتشار البقع الزيتية من النوع الثقيل على طول شاطئ المنطقتين على مسافة تقارب 5 كيلومترات، توقفت على إثره حركة الصيد، وأشار عبدالله الحنطوبي نائب مدير بلدية الفجيرة إلى أن البقع النفطية هي مخلفات السفن النفطية التي تفرغها بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية، تدفعها التيارات البحرية للشواطئ».

إن سواحل المنطقة الشرقية في دولة الإمارات العربية المتحدة والتي تشهد حركة كبيرة وأنشطة متواترة طوال العام للبواخر النفطية دائمة التعرض لظاهرة التلوث النفطي. ومن المفارقة أنه في التاريخ نفسه من العام 2011 تعرضت مدينة خورفكان إلى تلوث نفطي مشابه، وذلك ما يمكن تبينه في الخبر المنشور في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية في عددها الصادر يوم الجمعة (1 يوليو 2011) تحت عنوان «تلوث نفطي يضرب شواطئ اللؤلؤية وزبارة بخورفكان»، حيث أشار الخبر إلى أنه «تعرضت شواطئ منطقتي اللؤلؤية وزبارة في خورفكان إلى تلوث نفطي، ظهر بوضوح على سواحل المنطقتين المتاخمتين للمدينة، وقال سعيد علاي، رئيس المجلس البلدي لمدينة خورفكان أن البقع النفطية التي ظهرت على ساحل المنطقتين، عبارة عن بقايا عمليات غسيل تقوم بها بعض السفن العابرة في المياه الدولية، وجرفتها التيارات المائية والرياح».

ويشكل التلوث النفطي محور معالجاتنا ضمن مقالنا الاسبوعي في صحيفة «الخليج» الاماراتية، «المنبر البيئي» ضمن موضوع «حوادث موسمية» (13 مارس/ آذار 2003) حيث جرى الإشارة إلى أنه «من أكثر ظواهر التلوث البحري شيوعاً والتي شهدنا مظاهرها على الساحل الشرقي لدولة الإمارات، تلك التي تتمثل في ظاهرة جمع مخلفات ونفايات السفن النفطية في أكياس بلاستيكية وإغراقها في أعماق البحر، إلى جانب ظاهرة التفريغ المتعمد والمستمر لمياه التوازن في المياه البحرية».

وفي سياق معالجتنا للأسباب التي تؤدي إلى تواتر حوادث التلوث في مياه الخليج يجري الإشارة إلى أن «بعضها طبيعي نتيجة ظروف المتغيرات والتقلبات المناخية وبعضها نتيجة الإهمال وعدم الالتزام بضوابط الأمن والسلامة، إلى جانب عدم صلاحية ناقلات النفط واستيفائها للشروط والمواصفات الفنية المحدّدة في الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية البيئة البحرية من التلوث النفطي، والتي من أهمها، الاتفاقية الدولية لمنع التلوث من السفن والمعروفة بـ (ماربول ـ 73 ـ 1978»، التي تحدد شروطاً ومواصفات فنية ملزمة لتسهيل التخلص من الرواسب والمزيج الزيتي بالنسبة للناقلات القديمة، واقتراح تصاميم بناء جديدة للناقلات، تكون مجهزة بصهاريج الصابورة المنفصلة ذات سعة كافية للعمل على تشغيل الناقلة بأمان خلال الرحلة البحرية للصابورة، وتزويد تلك الناقلات بأجهزة التنظيف بالزيت الخام، بالإضافة إلى القواعد الملزمة الأخرى. بيد أن الكثير من هذه الحوادث تحدث عمداً، وذلك نتيجة تفريغ مخلفات مياه الصابورة، ونفايات البواخر النفطية في المياه البحرية».

ومن الطبيعي عند معالجتنا لواقع الحوادث النفطية المتواترة في مياه حوض الخليج العربي ألا نغفل حقيقة مهمة تتمثل في أن دول المنطقة تمتلك منظومة قانونية ورقابية في الشأن البيئي بالإضافة إلى ما يتوفر لديها من خطط استراتيجية في مجال حماية البيئة البحرية من التلوث، ناهيك عمّا توصلت إليه دول منطقة الخليج من إنجاز مهم تمثل في التصديق على اتفاقية الكويت الإقليمية لحماية البيئة البحرية لعام 1978 والبروتوكولات المكملة لها، إضافةً إلى إنشاء المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية ومركز الطوارئ البحرية في البحرين التابع للمنظمة، والمؤتمرات العلمية المتواترة التي صنفت منظومة من المخارج للحد من هذه الظاهرة، فأين يكمن الخلل؟

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 3975 - الخميس 25 يوليو 2013م الموافق 16 رمضان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً