العدد 3950 - الأحد 30 يونيو 2013م الموافق 21 شعبان 1434هـ

متى ستفهمون؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

متى ستفهم «المعارضة» أن الديمقراطية مشروعٌ يحتضن الجميع على أساس بناء التوازنات الجيولوجية في مجتمع متنوع التكوين؟

متى تستوعب «المعارضة» أن التطور الديمقراطي بالأساس عملية داخلية جيوبوليتيكية يتم إنجازها عبر صيرورة تاريخية ديناميكية، وليست عملية استاتيكية برجوازية غير متفاعلة ولا متأقلمة؟

متى تدرك «المعارضة» أن إرساء قيم الديمقراطية وخلق مؤسسات فاعلة ورأي عام جمعي، لا يمكن أن يحدث في شكل قفزات بهلوانية في الهواء، وإنّما هو عملية تدرجية تنويرية وتدويرية حسب نظرية الارتقاء والتطور.

الغريب أن هؤلاء المعارضين، مع أن فيهم سياسيين ومتعلمين ودكاترة ومثقفين وخريجين جامعيين، إلا أنهم يتصرفون وكأنهم لم يقرأوا نظرية دارون، وينسون أن الإنسان أصله قرد، وتطوّر تدريجياً حتى أصبح إنساناً. بل إن بعض المحللين العلميين يقولون إن أصله كان تمساحاً صغيراً زاحفاً، وتحوّل بفعل التطور الديناميكي إلى غراب، ثم تحوّل فجأة إلى زرافة، ثم انقلب إلى قرد. كل هذه المراحل الطويلة اجتازها ليتحوّل أخيراً إلى إنسان، فكيف تطالبون مباشرةً بالتحوّل الديمقراطي في عشر سنين؟

ثم ما هي مشكلتكم مع الديمقراطية الحقيقية؟ كل دولةٍ ولها مسارها التاريخي الخاص، ولا توجد ديمقراطية حقيقية وأخرى غير حقيقية، كلها ديمقراطية وتمشّي الحال، فلماذا هذا التحكم ومحاولة فرض رأيكم على بقية مكونات المجتمع التي لا تريد الديمقراطية من الأساس؟

ثم ألم تسمعوا عن خصوصية المجتمعات؟ كل مجتمع له خصوصيته الخاصة، لكن طبعاً يجب أن لا تؤدي إلى إلغاء الفكرة الديمقراطية أو تشويهها، أو الحد مما هو جوهري فيها، مثل مبدأ المواطنة المتساوية ودولة القانون والمؤسسات واحترام حقوق الإنسان، وعدم تعريضه لأصناف التعذيب كالحرق والصعق بالكهرباء والحرمان من الطعام في المعتقلات، والمنع من الصلاة والاعتداءات والتحرشات الجنسية والتهديد بالاغتصاب. كما أن الخصوصية لا تمس الحريات العامة والخاصة وحرية المسيرات أو التظاهرات في العاصمة وغيرها، دون اعتقالات أو إطلاق مسيلات الدموع، كما لا تتعارض حتماً مع مبدأ المشاركة السياسية في القرار وان «الشعب مصدر السلطات جميعاً»!

ثم إن الديمقراطية تحتاج إلى أسس وقواعد وثقافة وفكر ومسرح ورسم وسينما ومطبخ وصالونات تجميل، وليست لعب عيال. كما تحتاج إلى إرساء مبادئ التعددية في الفكر والتنظيم، والاهتمام ببناء دولة المواطنة والرفاه والبحبوحة الاقتصادية، والحمد لله أغلب هذه المستلزمات متوفرةٌ لدى عامة المواطنين، فلماذا لا تحمدون ربكم وتتركون عنكم «البربرة» والقيل والقال؟

إن من المؤسف حقاً أن تقوم المعارضة بالانحراف بالعمل السياسي، وتعتمد على فكر أحادي مبني على الإقصاء والتمييز، ما يؤدي بنا حتماً إلى الدخول في نفق التقسيمات الطائفية والتشطيرات الاجتماعية والانهيارات الأرضية، فضلاً عن هدم المساجد ودور العبادة ومؤسسات أداء الصلاة!

إن على المعارضة أن تكون واقعيةً، فليس من الجائز أن تتبنى قضايا تخالف مفهوم التطوير والعمل المشترك وتدمر الثقة بيننا، مثل الدعوة لتطبيق تجربة اليمن في الحوار، فنحن دولةٌ مستقلةٌ ولا يجوز استيراد تجارب الدول الأخرى، ونعتبر ذلك استعماراً جديداً وتبعيةً للدول الأخرى!

وأخيراً... لابد لنا كمجتمع متنوع بتكوينه الاجتماعي والسياسي والطائفي والثقافي والرياضي والفني، من الاستمرار في جولات الحوار، من أجل تحقيق مزيدٍ من التوافق في مجال التطوير السياسي والانسجام السيكولوجي وزيادة اللحمة الوطنية، للوصول إلى مستوى الديمقراطيات العريقة.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3950 - الأحد 30 يونيو 2013م الموافق 21 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 9:07 ص

      أحلى شيء في المقابلة الصيرورة التاريخية!!!!!!

      يقول في تصريحه اليوم بأنه مقتنع من الوصول إلى توافقات ترضي الجميع وتحافظ على التوازنات.عجل مثل ما قلت سيد أنها توزنات جيوبولتكية في صيرورة تاريخية.

    • زائر 9 | 8:51 ص

      من هو المتخلف عقليا

      يفتي بضرورة عدم مخالفة ولي الأمر حتى لو كلن مخطئا...من اين أتيت بهذا الزعم المغلوط،روح اقرأ القرآن جيدا لتعلم أن الخروج على الحكام الفاسدين الفاسقين المتعاملين مع الصهاينة وأعداء الدين واجب شرعي محق

    • زائر 8 | 8:29 ص

      زين والله

      اكتشفنا اليوم خلاصة تصريح الوزير أن المعارضة هي المتسبب في هدم المساجد وازالة دور العبادة. عشنا وشفنا.

    • زائر 7 | 4:23 ص

      معارضه متخلفه عقليلاً وطمبورياً

      ألا تعلم المعارضه بأن معارضة ولي الأمر حرام حرام وشركٌ بالله الواحد الأحد!! ألا تعلم المعارضه بأن الوطنيه والمساواة والحق والعدل من الكبائر التي تدخلهم النار!! المعارضه تعرف جيداً أنها هيَ هيَ من هدم المساجد وحرق القرآن الكريم وتسوي روحها ماتدري!! المعارضه البحرينيه تكاد أن تعارض نفسها لا لشيء بس عن الملل!! وتباً للعقول المتخلفه العنصريه الطائفيه القبليه لمغبره.

    • زائر 6 | 3:24 ص

      التقسيم السياسي هو ما هو واقع الآن

      المناصب العليا كلها حكرا على فئة معينة ولا يتم التعيين بكفاءة. واقصاء طائفة معينة والتعامل الفج مع هذه الطائفة

    • زائر 3 | 12:51 ص

      ما ينعرف دين تقليد أو تجاري لكن وين الأصلي يعني

      إن المساجد لله..وخذوا زينتكم عند كل مسجد.. وإذا كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر بس هذه لا تتوافر. يعني واحد يرد عليك تحية الاسلام سلام، بس ما تسلم لا من عينه ولا من لسانه بس تتباعد عنه صار يعقر فيك. مو هذه فحشاء أو منكر يسون ، وألأدمر بعد أخلاق من وين جايه. لا تجسسوا.. ولا يغتب بعضعم بعض.. لكن عاد شوف المجتمع كل واحد ما يصدق يحصل على معلومة تسيئ الى غيره الا نشرها وعينه على كل صعيرة وكبيره مع أن الله قال غضو أبصاركم .. كما لا يحب الجهر بالسوء.. لكن ويش سوء على مهلك سوء ولا تروح السوء وتودي

    • زائر 2 | 12:48 ص

      هاني العلوي

      إياك أعني واسمعي ياجاره!

    • زائر 1 | 12:41 ص

      مجتمع مشطر و دين مغلوط وطلاة عاد ما يندره على من يصلون

      يقال الفهم للفطين بينما المعرفة والتعرف أولي وليس لمن لا يفهم. يعني إذا واحد حاط في أذن طين والثانيه حاط فيها عجين منوين توصل له معلومة يتعرف عليها. لكن مقيوله ليس كل جديد دخيل ولا كل قديم أصيل.. والأمثله في مجتمع البحرين تكفي وتدلل على الرجوع الى ما قبل التاريخ والتعود والادمان على عادات باليه ومهترأه لا يقبل بها عاقل أن تكون في القران الحادي والعشرين. بس السؤال ليش مخدرين الشعوب بالسياسه والتجاره ودين ليس دين الله.. دين عند الله الاسلام. وقد قال لهم لا تقربوا الصلاة.. بس لا يعلمون لكن يجمعون

اقرأ ايضاً