كيف ستتعامل الأنظمة السياسية العربية، والكثير منها تعوَّد على، بل وأدمن الاستبداد والفساد، مع الصورة الجديدة لممارسة الديمقراطية: ديمقراطية الشبكة العنكبوتية؟ فإذا كانت شبكة التواصل الإلكترونية قد لعبت دوراً إبداعياً كبيراً في تفجير ثورات وحراكات الربيع العربي، فهل ستستطيع نفس الوسيلة، بنفس الإبداع والفاعلية، بناء ديمقراطية عادلة؟
تاريخ أنظمة الحكم العربية في التعامل مع مجتمعاتها وفي ممارسة السياسة، يوحي بأن الإجابة على مثل تلك الأسئلة لن تكون سهلة أو حتى واضحة.
لنستعد في ذاكرتنا العربية الجمعية كيف تعاملت أنظمة الحكم العربية المتعاقبة، منذ الاستقلال وحتى أيامنا الصعبة الحالية، مع شتَّى أنواع وسائل ممارسة الديمقراطية. فعندما كانت الوسيلة لا تزيد عن مناشير توزّع، ومهرجانات جماهيرية تقام، أفسدت الأنظمة تلك الوسيلة بقوانين ومتطلبات مناقضة لحرية التعبير والتجمهر، وأضافت عليها شراء الذِّمم وإثارة النَّعرات الطائفية والقبليّة والمناطقّية، ثم أردفتها بتزوير الانتخابات. فكانت النتيجة ديمقراطية صورية كاذبة، تمثّلت في برلمانات مصالح، مؤيّدة لنظام الحكم ومتآمرة على حقوق العباد.
وعندما أدخلت وسيلة الكترونية جديدة في شكل ديمقراطية تلفزيونية هيمنت أنظمة الحكم في الحال على تلك الوسيلة، أولاًً باحتكارها احتكاراً كاملاً من قبل وزارات الإعلام الرسمية، ثم من قبل نظام الزبونية الذي يؤسس محطة تلفزيونية مستقلة بالاسم، ولكنها خادمة مطيعة لتوجيهات رجالات الحكم، فكانت النتيجة أن انقلب التلفزيون من ساحة سجال سياسي موضوعي هادئ شريف بين وجهات نظر وبرامج سياسية مختلفة، إلى أن يكون ساحة غمزٍ ولمزٍ وتجريح وتلطيخ لسمعة القوى المعارضة، وساحة مدح كاذب وتجميل مكياجي رخيص للقوى الموالية لنظام الحكم.
اليوم يدخل العالم، ومعه الوطن العربي، مرحلة وسيلة جديدة لممارسة الديمقراطية تتمثل في الشبكة العنكبوتية وبقية شبكات التواصل الجماهيرية الأخرى، فهل سيكون مصير هذه الوسيلة نفس مصير الوسائل الأخرى؟
الواقع هو أن الوضع والساحة واللاعبين مختلفون، ولكن لن تقف قوى الاستبداد والفساد متفرّجة مكتوفة الأيدي. فحتّى إخراج الشيطان من رضى ورحمة وجنة ربّه لم يوقفه من التآمر على كون الله.
نحن نتعامل مع ساحة عالمية تمتدُّ من زقاق القرية إلى الأجواء العليا، مع وسائل تواصلية تتطوّر يومياً في إمكانياتها وفي التغلّب على سبل منع استعمالها من هذه الجهة وتلك، ومع لاعبين جدد يتمثّلون في جيل شاب جديد.
هذا الجيل الجديد لا يخاف من التغييرات التي تأتي بها الحياة ولا يهاب أية أخطار قد تنتج عنها. إنه جيل يسبح ويطفو على أمواج مياه الحياة، يرحّب باختلافات الآراء وتصادمها، يتفاعل مع كل جديد، يعيش اللحظة ويحاول ضبطها بدلاً من العيش في الماضي أو حتى المستقبل.
هذا الوضع المعقّد الصّعب تدرك أنظمة الحكم إمكانياته الهائلة، وهي تتحرّك في كل اتجاه لتقليم أظافره أو استعماله بانتهازية وخبث، أو بملء مساره بالألغام. فمن خلال عملائها ومخبريها ستخلط الحابل بالنابل في السّاحة العنكبوتية. فالسجالات السياسية سيحاول هؤلاء قلبها إلى سجالاتٍ انفعالية تجريحية تلاسنيّة قبيحة، بدلاً من تركها لتكون أداة تثقيفٍ سياسي ومصدر معلومات صحيحة ذات دلالات سياسية توعوية.
وإذا كانت حكومة تدّعي أنها ديمقراطية، كحكومة الولايات المتحدة الأميركية، قد ضغطت على شركات التواصل العنكبوتي وأخافتها، وحصلت منها على مجمل المعلومات الشخصية عن كل مواطن أميركي بل عن ملايين المواطنين في العالم، فإن أنظمة الحكم العربية لن تعدم الوسيلة. إنها ستطوّر أنظمة رصد ورقابة أكبر للنشطاء الفاعلين من الشباب، وستخلق أنظمة تجسُّس وقمع من خلال اقتفاء آثار تنقلات وتعبيرات كل مواطن، عن اتصالاته السياسية، عن التجمعات التي ينتمي إليها، عن تصويته في انتخابات نقابته أو حزبه أو جمعيته المهنية، خصوصاً وأن الكثير من الأنشطة السياسية تتمً عبر الشبكة العنكبوتية، تعبيراً واتصالاً وتصويتاً.
وسائل تشويه وحرف وتحييد وتزوير الوسيلة الجديدة لممارسة الديمقراطية الشعبية العادلة التي ترنو لها ثورات وحراكات الربيع العربي ستكون كثيرة وشيطانية. في مواجهة ذلك سيحتاج شباب الغد العربي المشرق، الذي بهر العالم بإبداعاته، أن يستمر في خلق وسائل جديدة لإبطال سحر الساحر، وأن لا يتراجع قط عن كسر حاجز الخوف إلى الأبد.
أما أنظمة الحكم ومعها المتشككون الوجلون، فعليهم التوقف عن النواح بشأن الأخطار التي قد تأتي بها التغييرات العربية المبهرة الحالية، إذ الإدعاء بقبول تغيير بلا أخطار هو تجديف وخرافة.
إقرأ أيضا لـ "علي محمد فخرو"العدد 3947 - الخميس 27 يونيو 2013م الموافق 18 شعبان 1434هـ
بين العدوانيه والعبرانيه وشعرة معاويه- دهاء ليلى والزئبق
كيف يكون حلم بالحريه وآخر بالديمقراطيه الانظمة عندها تشبع بالبيروقراطيه ، بينما بدون عداله إجتماعيه؟ أزمات إقتصاديه وأخرى ماليه وحروب ونزاعات وعملات ورقيه لا قيمة لها الى في تدوير السلع والبضائع والمنتجات والخدمات الاخرى التي يتم إبتكارها بين الحين والآخر مثل إنفلونزه الخنازير أو الطيور وبيع الناس منتج لكي يساعدهم ويمنع عنهم مرض. الفكره ليست صعبه لكن الناس لا تدري ما تحيكه حكومه السريه في نادي باريس أو مجموعة الثمان. لا تحب الشعوب لكنها تحتاجهم لإستهلاك منتجاتها مثل السياحه وما شابه. أليس عبري؟
حلم البشر
الديموقراطية حلم البشر. لم يتحقق حتى الآن فى اى مكان على هذه الكرة الأرضية. هناك فئة تحكم العالم ككل. هناك فئات تحكم كل دولة. كل ما يعملونه هو تأسيس نظام يمكنهم من خلاله قانونية تصرفاتهم. منذ تأسيس أول حكم على هذه الكرة و حتى الآن لم يتغير الأصل هذا. كلما تغير هو أوجهه. لذلك الديموقراطية تبقى حلما للبشر و أغنية تصلح لتسهيل النوم.