الإنسان كائن مبرمج يتبرمج سلوكه على ما يتشربه ويتعلمه منذ ولادته حتى مماته، وتتكون شخصيته بما يضاف له من برامج في علقه، ويتحكم في سلوكه.
مثال البنت في الأسرة المسلمة، يتم ادخال برنامج في عقلها بأن عفتها وجمالها وطاهراتها في الحجاب، وبذلك هي عفوياً وبطريقة آلية ترتدي الحجاب وتحافظ عليه.
بينما البنت في الغرب، يتم ادخال برنامج في عقلها بأن الحجاب مسألة شخصية، ومصدر العفة والطهارة هو القلب وليس الحجاب، وبذلك هي عفوياً وبطريقة آلية لا ترتدي الحجاب، وتُظهر شعرها. فالسلوكيات التي يمارسها الفرد هي نتيجة برامج في عقله، تم إدخالها في عقله أما عن قصد أو عن غير قصد.
السؤال، ما هو تأثير البرامج التي تدخل عقل الإنسان على المستقبل السياسي للبلدان؟ الجواب، إن حياة الإنسان مرتبطة ارتباطاً كبيراً بالبرامج التي أدخلت في عقله، فإذا تبرمج على النظافة فإنه سيكون نظيفاً، وإذا تبرمج على الصدق، فإنه سيكون صادق، وهو ما يعني أن التغيير الحقيقي من داخل الذات البشرية وليس من خارجها. مثلاً، الحكومة، من هم المسئولون في الحكومة؟ أليس هم أفراد من المجتمع؟ وبالتالي فإن الحكومة هي نتاج المجتمع. للتوضيح، عندما طرق باب المنزل، ذهب الطفل إلى أبيه، وقال له: بابا، جاسم يريدك، فقال الأب للابن: قل له البابا غير موجود، فذهب الابن إلى الباب، وقال له: «أبويي غير موجود».
هذا الابن عندما يشاهد أباه عدة مرات يفعل هذا السلوك، بأن يقوله له أن يخبر طارق الباب بأنه غير موجود، سيحدث في عقله برنامج يحدد سلوكه، فهذا الطفل في المستقبل قد يصبح مسئولاً في الدولة، عندما يجلس في مكتبه، سيقول للسكرتيرة: إذا جاء مواطن أو مراجع أخبريهم أنني غير موجود في المكتب.
مثال آخر، عندما يقدم الزوج وعوداً كاذبة لزوجته من أجل إسكاتها، وأنه سيفعل كذا، ويأتي اليوم ولا يحصل شيء، ويقدم وعوداً أخرى، وهكذا. الطفل في هذه الأسرة عندما يشاهد سلوك أبيه من تقديم وعود كاذبة من أجل إسكات الأم، سيتكون له برنامج في عقله لذات السلوك. وفي المستقبل قد يصبح هذا الطفل مسئولاً في الدولة، والنتيجة أنه سيقدم وعوداً كاذبة إلى المواطنين من أجل إسكاتهم، كما فعل أبوه مع أمه.
مثال آخر، عندما يسمع الطفل قول أبيه بأنه سيأخذه إلى الحديقة عصر اليوم، وعند العصر لم يفي الأب بوعده، وفي اليوم التالي والثالث وهكذا، الأب لا يفي بوعده للطفل، هنا سيتكون برنامج في عقل الطفل، فعندما يصبح هذا الطفل في المستقبل مسئولاً أو وزيراً، هل سيفي بوعوده؟!
الخلل السياسي الذي تعاني منه البلدان المتخلفة سياسياً هو نتيجة خلل في المنظومة الفكرية والثقافية التي تكونت من خلالها برامج في العقل تؤدي إلى الضياع، وتأخذ البلد إلى طرق الانحطاط. فأهم عامل للتغيير هو تغيير الذات، عندما نكون صادقين مع أنفسنا، سيتبرمج أطفالنا وأسرنا ببرامج الصدق، وهؤلاء في المستقبل قد يصبحوا مسئولين في الدولة.
الوزراء والمدراء والمسئولون، بمختلف إدارتهم، لم يأتوا من المريخ، بل هم أفراد عاشوا في المجتمع، والحكومة هي نتاج المجتمع في الديمقراطية أو الديكتاتورية، في الازدهار أو الانحطاط، في التقدم أو التخلف. وأداء المسئول الحكومي، هو انعكاس للبرامج التي دخلت عقله منذ ولادته حتى اليوم، فإن كان المجتمع مزدهر بالصدق والإنجاز والإخلاص فإن المسئولين سيكونون كذلك، وبذلك يكون المستقبل في غاية الروعة، وإن كان العكس فعلى الدنيا السلام.
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3929 - الأحد 09 يونيو 2013م الموافق 30 رجب 1434هـ
تنويه
مع أن الكاتب استدل به كمثال ولكنه أخطأ التوضيح في جزء منه" تعليم سلبي":
الحجاب لا يقصد به غطاء الرأس فقط ، وإنما تغطية وستر جميع ما يلزم على المرأة شرعاً تغطيته من بدنها ، بما فيه شعرها.
صحيح
كل ما كتبته يا غالى صحيح. أنا الضعيف فهمتك. هل فهمك القوى؟
إضافة: السبب الرئيسى فى بطئ التقدم البشرى هو بناء كل القرارات على الفكر المبنى فى المخ . حيث يقيس الأمور على ما يعرفه و كل جديد يرعبه حيث لا يوجد له برنامج مسبق فى مخه.