العدد 3928 - السبت 08 يونيو 2013م الموافق 29 رجب 1434هـ

المبدأ ليس ثوباً نَـتَـزيَّن به

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

المبدأ الفكري والسياسي، هو الميزان الدقيق الذي يزن الأمور والأحداث في كل مفاصلها ودقائقها وتنوعاتها المكانية والزمانية، ومؤتيها من البشر في أي مساحة أرض، صغرت أم كبرت. ومبدأ الدولة المدنية، من أهم المبادئ التي يتلبسها الكثير من أولئك الطائفيين، فيبدلون لباسها ما بين موقف تأييد هنا، ومعارضة ذات الموقف بثوب آخر هناك.

الدولة المدنية تمتاز بالعدالة والمساواة وعدم التمييز، في الحقوق والواجبات، وتمتاز بالمؤسسات والقانون، وتمتاز بالديمقراطية الحقة، التي تُقَيِّم المواطن بالكفاءة وتساويه بالصوت السياسي الواحد لكل مواطن، سواءً في التصويت والانتخاب، بغض النظر عن طائفته الدينية والاجتماعية والسياسية، وعن مساحة منطقة سكناه، فالوطن واحدٌ لا يتجزأ، والمواطن أصله ومرده.

والوطن يتقاسمه جميع مواطنيه سواسية، على رغم تفرعاتهم، العقائدية والسياسية والاجتماعية، في ظل احترام كافة هذه التفرعات، فيمنع الدستور والقانون والعقوبات، أيّ مسٍّ بها، فلو أن هناك فرداً يختلف عمّن سواه من المواطنين المتكتلين في منظومات مختلفة، يظل رغم فرديته، مصونة حقوقه وكرامته.

والديمقراطية في الدولة المدنية، يحكمها ويحميها شعبها عبر صناديق الاقتراع، ولا ينبري لي أحدكم بالقول أن شعب البحرين جاهل، وتحكمه طائفته، فلن يعيش أفراد طائفةٍ ما لم يعش أفراد الطائفة الأخرى، ولسوف تتآخى الطوائف، حين يرى أفرادها أنهم رقم محسوب حسابه في القرارات المصيرية، ولن يستطيع أحدٌ أن يميّز نفسه على غيره، وإلا فاحت روائح طائفيته، ما يقود المجتمع إلى ما وصل إليه في 14 فبراير 2011، ما يجعل الميزان يعتدل من جديد.

لذا بات لزاماً أن نتعقل المبدأ الفكري والسياسي، بدلاً من جعله ثوباً نتزين به في المحافل، ونخلعه حين التصادم، ومن أمثلة خلع ثوب المبادئ، ما نراه اليوم في مجتمعنا من الدعوات إلى عدم التدخل في شئوننا المحلية من قبل أي طرف خارجي، وأننا عائلة نتكفل بحلّ مشاكلنا، وجميلٌ هذا القول والثوب، ولكن نجد في المقابل من يتدخل ويحرض على التدخل في شئون خارجية أخرى، ويدفع شباب الوطن إلى ذلك، ونجد السلطات الحكومية، تشارك في ذلك، في أقله عدم منع المنتسبين لها من السفر إلى سورية، سواء مباشرة أو عبر المرور بدولة أخرى، كما منعت مواطناً من السفر إلى جنيف عبر دبي، لعدم حصوله على ترخيص بالسفر، كونه محسوباً على أحد الأجهزة، وكما تمنع منتسبيها من اختيار شريكة العمر للزواج بمن أحب، ما لم توافق له السلطات على ذلك. ونرى أيضاً من يمنح نفسه رتبة قاضي القضاة العالمي، حين التدخل في شئون إيران الداخلية، بالإعابة على نظامها السياسي الذي أطاح بالشاه بهلوي، والانسياق وراء تشويه المعارضة الوطنية البحرينية، سواءً بعلم منه أو جهل حسن النية، عبر ربطها بسياسة إيران التوسعية كما تقديره، ويطلب البراءة للمعارضة الوطنية البحرينية، بالطلب من إيران الكفّ عن التحذير من التطاول على العقيدة.

وهناك من الطائفيين المتزينين بثوب مبدأ المواطنة المتساوية ومحاربة الطائفية، من نراه، حين يبادره أحد الطائفيين من طائفة، بموقف طائفي، أو يبدو له ذلك، فيتحول بقدرة قادر إلى أسوأ طائفي، فينبري برد الصاع بعشرة وبطائفية سافرة، ويبرّر فعله الشنيع، الماحي لما يعلنه، من رفض الطائفية، بأنه يدلل على أنه قادرٌ على أن يكون طائفياً حتى النخاع، بدلاً من توبيخ ذاك الطائفي وإرشاده، ولنا في الموقف من التطاول على سماحة الشيخ عيسى قاسم، بمداهمة منزله في غيابه، عبرةً وتقييماً لأولئك المتزينين بثوب رفض الطائفية، حين ينبري واحدهم، بقول ما لا يؤمن به، بأن «لا أحد فوق القانون»، وأي قانون ذاك الذي يبيح للعاملين في الأمن، مداهمة بيت سماحة الشيخ، وكسر باب غرفة مكتبه الخاص، ومن دون إذن قضائي، بناءً على الظن وليس اليقين باحتمالية وجود هارب من العدالة، وبعد التيقن من خلو بيته ممن ادّعوا عليهم، يمضي الموضوع حتى دون اعتذارٍ رسمي، وكأن الفعل تنفيذٌ لقانون، لا أحد فوقه، والذي ينص على أن «للبيوت حرمة لا يجوز دخولها دون إذن أهلها ...»!، إلا أن العاملين في الأمن هم مَن فوق الدستور والقوانين، فكل شيء لهم مباح، طالما أنهم يتعاملون مع غير الموالين للسلطات.

ويغيب عن أولئك أيضاً، أن العالم أضحى قريةً، ويقبل تدخلات الأطراف الإقليمية والدولية التي تأتي بما في نفسه، ويأباها إن حادت عن ذلك، فكأنه هو محور الحق، وغيره محور الباطل.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 3928 - السبت 08 يونيو 2013م الموافق 29 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 19 | 10:05 ص

      المبتدأ والخبر والمبدأ

      طاحون وطاحوا في الناس كلام مثل تحت رعاية فلان وتحت رعاية علان، بس ما سألو بعض عن من راعيها ومن مو راعيها. القوي الأمين يعني راعيها ويدري ويعرف أن نفسه قيمتها عند الله خالقها واجد عاليه الثمن و المربوطه في عنقه وعليه أن يحافظ عليها. ويش راعيها أو مراعيه في جزر الواق واق ومزارع الدواجن؟

    • زائر 18 | 9:54 ص

      الآنسه أليسا في جزر الدار وجزر أمواج

      ليس غريب تقول أليسا أن من الناس من يحرم الخمر ولا يحرم الدم ولا الاعتداء على العرض ولا الاعتداء بالضرب والشتم و... يعني كرامة الانسان التي المولى عز وجل أعطاها النسان وقال للملائكه إسجدوا لآدم. ويش إتشوف أليس مو عدل ما هي مستغربه بعد.. بتتسبح وتتشمس .. ويا شمسي يا شموسه وشوية سمبوسه ولحيه إسبايكي وقام الدور. ويش مو عدله وما في عدل؟

    • زائر 16 | 7:16 ص

      Supper new &Supper Market وسور برلين وقلعة البحرين

      يعتقد البعض ويضن الآخر أن قلعة دلمون بناها الدلمونيون بينما وكر الجواسيس أو قلعة البحرين التي بناها هندرسون يان علت أسوارها بعد هدم سور برلين سيدوم طويلاً. لكن عندما يعلم ويتيقن الجميع أن الله قال لا تجسسوا قد لا تكون للجواسيس في هذه القلعة حصن وإنما بالقانون خرجوا وضلوا واتبعوا الشيطان وخطواته ومصيرهم العقاب في الدارين. الدنيا والآخره. ويش تهمه أو جنايه أو عنايه قصوى أو طوريء بترقص ورقاصه وهزي يانواعم خصرك الحرير ويش علاقته بطريق الحرير أو الحريم؟ هذه مسأله للمفكرين؟

    • زائر 15 | 7:09 ص

      هدا اللي دبحنا " اسمحوا لي الدال اللي عليها نقطة لا تعمل في لوحة المفاتيح"

      اللي دبحنا يا خوي الناس اللي جدامك منظره ووراك مقص, ظنا منهم أن كل شيئ سيبقى على حاله, ولكن دوام الحال من المحال. الأزمة التي نحن فيها طلعت الخنين والخاي..... {أجلكم الله}. هناك من باع ضميره لكي يقتات على فتات الأزمة ناسيا العيش والملح الدي بينه وبين الآخرين, وهدا قمة الندالة. افيقوا من سباتكم وعودوا الى رشدكم. (محرقي/حايكي)

    • زائر 14 | 7:07 ص

      قناص

      شكرا استاذنا العزيز على كل كلمة خطيتها باناملك الشريفة واود ان ابين ان هناك كثير من المتسلقين ذوو النفوس المريضة الذين ان رأيتهم تحسبهم يشرا وهم في واقعهم غير ذلك حيث يتهمون الاخرين بالخيانة و يطنون انهم الوطنيين المخلصين وبما انهم ليسوا من نسيج هذا الشعب الاصيل يعتقدون ان الوطنية هي الولاء للسلطة ولكنهم لا يعلمون ان السلطة ان لم تكن عادلة ليست لها نصيب في الوطنية وانما الوطنية لهذه الارض الطيبة ولشعبها الاصيل من جميع مكوناته .

    • زائر 13 | 4:54 ص

      صح الله لسانك

      أصيل ولله ولكن وين الذي يسمع ولايستجب وكم يقول هاانت تناذي هائلاء لنك تحسبهم احياء وهم اموات ولاحياة لمن تنادي. لان هائلاء ماتت ضمائرهم وقد باعوا حتى اخرتهم واصبحوا لايفكرون الاء في كم يكسبون من شرهات من الاراضي اذا بقيت هناك اراضي وارضدتهم في البنوك وليس في الاخرى.

    • زائر 12 | 4:11 ص

      مقال مكرر

      لا نريد مقالات تدغدغ مشاعرنا تكررت مرات كثيره نريد حلول لمصيبة أصابت أبنائنا في مقتل من توقيف عن العمل ..الخ ،،نريد أن ترجع البحرين بلد التسامح والتآخي كما كانت ،، أوجدو حلولا لنا لا دعدغة مشاعرنا

    • زائر 11 | 3:48 ص

      القول الصادق يكذب احيانا

      من أدق التفاصيل والتي بثت من كاميرات والأمن يشارك ويسرق وينهب ومع هذا كله يصرح ...هؤلاء ليسوا من الأمن وإنما لباسهم فقط .! وهم فوق أي قانون لمحاربة المعارضين للحكومة حتى من تلفيق التهم وناهيك عن الإنفجارات التي هزت البحرين من وقعها .! والأحداث مازالت جارية لكيل التهم الخالية لمواطنين

    • زائر 9 | 3:18 ص

      المبدأ ليسى ثوبا

      صباح الخير : اغبطك وأشكرك يا استاذ سيادي على هذا المقال المتميز والتشخيص لحالة بلدنا الغالي ، وهذا التحليل الراقي الذي لا يع له الا ابله او يعيش في غياهب العصنصرية ودهاليز التعصب الطائفي وفقك الله ورعاك وكثر من أمثالك لكشف الحقائق والدفاع عن المظلومين في الوطن . بحريني أصيل

    • زائر 7 | 2:55 ص

      جحا وجحه في حيرة من أمرها

      بات وأمسى اليوم ما حد يفر من العداله. والعقاب ما من سرق العراق مصيره مصير من سرق بيضه أو باق جمل. تحويل العام الى خاص فتح المجال للنهب الفوري لكل مقدرات الشعوب بسم حكم وكرسي مدعوم بديوان أو مجلس شيوخ أمريكي. لا له علاقه لا بالدستور ولا بالقانون. ويش بعد جيش سري خارج عن الشارع ومجالس ها الناس بس تعقر وتعكر وأحيانا شعر نبطي. يعني مو طرفه إبن العبد شاعر بحريني أصيل، وسعيد العويناتي مات تحت وطأت التعذيب بعد كان شاعر. ليش الشعر النبطي من وين جاء؟

    • زائر 6 | 2:48 ص

      مغريات الكرسي وباب المندب

      المباديء كثيره منها السببيه أو السبب الأثر. فالعله تعرف متى ما عرف أصل سبب المشكله. من مؤرخات التاريخ تقول أن الحضارمه وح يهود مثل يهود خيبر. الجنرال هندرسون يان ما قصر وجاب في ها الديره أهله من الحبشه كما جاب من اليمن، بس لبسهم عقله وثيباب بيضه ورقصة مو من بندرعباس الليوه لكنها عرضه مالت بدو. إشلون عاد هذي بتصير؟. المصادر تقول إن من اليهود بعد سكنوا العراق كما سكنوا العراق وكل تجارة وفي الذهب ما يصوغون بس يتاجرون. فما كانت وظيفة هندرسون يان في البحرين؟ مو توظيف ناس ويعطيهم معاش مقابل قعهده

    • زائر 5 | 2:19 ص

      درر يا أستاذ درر

      يا ليت كل أبناء بلدي يتحدثون بنفس منطقك السوي وينظرون للأمور بهذه الروح الموضوعية والمنطقية، لكانت أزمتنا تفككت عقدها واستطعنا الخروج بحل عادل لمشاكلنا ومطالبنا العادلة.
      يا ناس اقرأوا واتعلموا واستفيدوا وبطلوا هالمخوخ المقفلة وشيلوا النظارات السودة اللي على اعيونكم والقطن من أذاينكم واخذوا كلام هالرجل دليل للتفكير السليم

    • زائر 4 | 2:04 ص

      حرباوات المجتمع

      احسنت ايها الأبي..هذه المخلوفات تعتاش من تغيير الوانها حسب البيئة المحيطة وخطورتها انها سهلة الأندماج للعين غير المدربة علي الفحص.وقبحها لايظهر الا بعد سقوط الوانها وقد يستغرق ذللك طول حياتها لأنها اعتادت..وما اكثرهم...

    • زائر 3 | 1:39 ص

      أحسنت يابن سيادي

      مقال في الصميم

    • زائر 2 | 1:13 ص

      شكرا يقعوب أنت في القلب دائما

      نحمد الله إن في البحرين كتاب لا يحيدون عن الحق ولا تأخذهم في الله لومة لائم، تشخيص الواقع البحريني بموضوعية هي المبتغى والنظرة من جميع جوانب هذا الواقع هي ما نأمله من بقية الكتاب والصحفيون، اقول لبعضهم ابتعدوا عن الطائفيية عندما تشخصون الحالة البحرينية وقولوا منطقا وغير متحيزا لطرف على الآخر وخافوا الله في هذا الشعب وستكونون في قلب الناس بدل أن تكونوا بعيدين كل البعد عنهم، الدنيا تدور ولا تبقي أحد على حاله ولا يبقى إلا العمل الصالح والكلمة الطيبة، شكرا يعقوب تشخيصك وتحليلك يريح الجميع .

    • زائر 1 | 10:33 م

      ........

      أفحمتنى بمقالك. ماذا أقول ؟ بافكار شخصيات مثلك، نحن بألف خير.

اقرأ ايضاً