قبل أن نشرح وظيفة الهواء داخل الرئة يتعين علينا معرفة دورة الدم داخل جسم الإنسان حيث يدفع القلب الدماء إلى الشرايين ثم الشعيرات حتى يصل إلى جميع خلايا الجسم ليمدها بالغذاء والحيوية والنشاط ثم يعود الدم من خلال الشعيرات عن طريق الأوردة إلى القلب ثانية ثم يدفعه القلب عن طريق الأوردة الرئوية إلى الرئتين. وهكذا يبدأ الدم رحلته من الشرايين أحمر قانٍ نظيف ومشبع بالأوكسجين النقي ثم لا يلبث أن يعود ملوثاً أزرق اللون معتماً ومحملاً بالفضلات الفاسدة من خلال رحلته داخل الجسم.
هذا الدم الفاسد يدخل إلى الأذين الأيمن، وعندما يمتلئ الأذين ينقبض فيدفع الدم إلى البطين الأيمن الذي يدفعه بدوره إلى الرئتين فيسير خلال ملايين الشعيرات وصولاً إلى الحويصلات الهوائية. وعند استنشاق الهواء ووصول الأوكسجين إلى الحويصلات الهوائية فإنه يخترقها ويختلط بالدم الفاسد، فيحدث نوع من التفاعل الكيميائي حيث يمتص الهيموجلوبين في كريات الدم الحمراء الأوكسجين ويتحرر ثاني أكسيد الكربون المتولد من العضلات والسموم المحملة في الدم أثناء رحلته وهكذا تتم عملية تنقية الدم وتحميله بالأوكسجين ليعود ثانية إلى القلب نقياً أحمر فيدخل الأذين الأيسر ثم يندفع إلى البطين الأيسر الذي يدفعه من خلال الأورطي إلى جميع أجزاء الجسم ليعيد الدورة مجدداً.
يُشار إلى أن الرئة يدخلها مقدار 35000 خمسة وثلاثين ألف ليتر من الدماء على مدى 24 ساعة تتعرض خلالها كريات الدم الحمراء للأوكسجين وتتخلص من ثاني أكسيد الكربون فإذا لم تكن كمية الأوكسجين الواصلة إلى الرئة كافية فلن يستطيع الأوكسجين تنقية الدم الفاسد وعليه يعود الدم الى أعضاء الجسم وخلاياه ملوثاً غير نقي؛ ما يؤذي الصحة نتيجة لتسمم الدماء فيذبل الجسم ويؤدي ذلك إلى ظهور أمراض كثيرة ومختلفة في الجسم كأمراض الصدر والأعصاب والغدد والجهاز الهضمي، لذلك نلاحظ أن أصحاب الرئة الضعيفة يعانون من سوء الهضم وأمراض الصدر وتوتر الأعصاب.
وفي هذا السياق تطلعنا «اليوغا» على أمر آخر بالغ الأهمية يجب فهمه والتقيد به أثناء ممارسة هذا العلم العظيم وهو «البندات الثلاثة» وقد رأيت من الواجب ورَداً على استفسارات أحد القراء الأعزاء أن نذكرها بالتفصيل.
جالانيدرا بندا
وهي أولى البندات التي يجب على التلميذ إتقانها والتقيد بها؛ ويعني الشق الأول (جالا) الشبكة، وعند تطبيق الجالانيدرا يتصل العنق والبلعوم في حين يستقر الذقن فوق الصدر في منطقة القص.
تحديداً في المنطقة التي تتوسط المسافة بين عظمتي الترقوة وأعلى عظمة الصدر وهذا الأمر يتحقق بالكامل عند ممارسة تمرين الوقوف على الأكتاف حيث يضغط الذقن على عظمة القص، أما وظيفة «الجالانيدرا» فهي ضبط تدفق الدم والطاقة إلى القلب والغدد في العنق والرأس بما فيه الدماغ. وعليه عند ممارسة «البراناياما» بدون التقيد بتطبيق «الجالانيدرا» يشعر التلميذ الممارس في الحال بالضغط في القلب والمنطقة خلف كرة العين وفي فراغ الأذن كما يشعر بثقل الرأس لذا فـ «الجالانيدرا» أساسية في جميع مراحل التنفس الشهيق والزفير وحبس النفس (كومبكا).
مولا بندا
وتعني الجذور أو المصدر أو السبب أو الأساس. والـ «مولا بندا» هي منطقة تقع بين السرة والخصيتين وعند تقليص هذه المنطقة وسحبها للداخل فإن «الابنا فايا» الطاقة الموجودة في الأعضاء السفلى والتي تختص بذلك المكان تحلق عالياً كي تتحد مع طاقة «برانا فايا» أو طاقة فايا والتي تقع في منطقة الصدر. و «المولا بندا» يجب ممارستها عند حبس النفس بعد أخذ الشهيق (أنترا كومباكا) حيث تقلص وتسحب المنطقة بين السرة وفتحة الشرج إلى الداخل باتجاه العمود الفقري ومن ثم للأعلى في اتجاه الحجاب الحاجز. إن التدرب على ممارسة تمرين أسفيني وهو سحب الشرج وتقليصه يساعد على سرعة إتقان ممارسة «المولا نبدا»
uddyana bandha أوديانا بندا
والفرق بين «مولا بندا» و «الأوديانا بندا» أنه في حالة الثانية تسحب المنطقة من السرة إلى الحجاب الحاجز صعوداً للقص أو عظمة الصدر للأعلى في اتجاة الحجاب الحاجز، أمّا في «المولا بندا» فإن الجزء البطني السفلي من منطقة فتحة الشرج إلى السرة تسحب أولاً بالكامل في اتجاه العمود الفقري، ومن ثم للأعلى في اتجاه الحجاب الحاجز.
إلا أن ممارسة «يوديانا بندا» بالخطأ ودون إشراف تؤدي إلى فقد الهمة وفقد النشاط، بينما ممارسة «المولا بندا» بالخطأ فإنها تضعف الممارس وتؤدي إلى فقد النشاط والهمة، بل حتى ممارسة «المولا بندا» بطريقة صحيحة قد ترفع الطاقة الجنسية عالياً أحياناً ما يدفع إلى سوء استخدامها.
وسوف نوجز في وصلة «البور بوينت» تمريناً تنفسياً يجمع بين سهولة الممارسة والمنفعة العظيمة على أن لا تغيب عن بال القارئ العزيز التعليمات التي أتينا على ذكرها فبدونها لن نجني ثمار هذين التمرينين.
إقرأ أيضا لـ "عدنان الموسوي"العدد 3926 - الخميس 06 يونيو 2013م الموافق 27 رجب 1434هـ