العدد 3900 - السبت 11 مايو 2013م الموافق 01 رجب 1434هـ

مظاهرةٌ ضد التعذيب؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في سياق تغطيتها للحدث البحريني، نشرت وكالة (أ ف ب) مساء الجمعة تقريراً خبرياً بعنوان «المعارضة البحرينية تتظاهر ضد التعذيب».

التقرير تحدّث عن «تظاهر الآلاف من أنصار المعارضة قرب المنامة ضد التعذيب الذي يتعرض له معارضون معتقلون... وأفاد الشهود أن آلاف الرجال والنساء تجمّعوا قرب بلدة الديه وحملوا أعلام البحرين وصوراً عليها عبارة «المنامة عاصمة التعذيب». ونقلت الوكالة عن بيانٍ للمعارضة، أن «التعذيب منهجية متجذّرة بالأجهزة الأمنية ومترسّخة مع العقيدة الأمنية... التي تعادي المواطن بدلاً من حمايته ورعاية حقوقه، وأصبحت واحدةً من أبرز السلوكيات التي تمارسها الأجهزة الأمنية ضد المواطنين».

التعذيب ظاهرةٌ عامةٌ في الدول العربية لم يتوقف منذ ستين عاماً، وإذا كان المناضلون العرب لاقوا بعض أنواع التعذيب أثناء فترة الاستعمار، إلا أن المعارضين للأنظمة، قوميين ويساريين ووطنيين وإسلاميين، لاقوا من أصناف العذاب وفنون التنكيل أضعافاً مضاعفة، في عهد حكومات ما بعد الاستقلال.

التعذيب في ديارنا لم يتوقف منذ خمسين عاماً، وبينما كان المعتقلون في العقود السابقة يمثّلون نخبةً من المنتمين للحركات السياسية المنظمة المعارضة، وبأعداد محدودة، فإن توسع قاعدة العمل المعارض في الثمانينيات ونزوله إلى الشارع، زاد من أعداد السجناء والمعتقلين. وتضاعفت تلك الأرقام في أعقاب حراك فبراير 2011، حتى بات لدينا 2000 معتقل حالياً، في بلدٍ لا يزيد سكانه المحليون عن 700 ألف، هذا غير الاعتقالات المتفرقة طوال هذين العامين، مع تواصل عمليات دهم المنازل والملاحقات الأمنية للحقوقيين والسياسيين.

هذا العدد الكبير من السجناء والمعتقلين، يعني وجود قاعدة واسعة من العوائل التي تتحوّل آلياً إلى المعارضة، حتى وإن كان كثيرٌ منها بعيداً عن السياسة وأجوائها. فأنت حين تعتقل شخصاً واحداً، فإنك تحوّل عشراتٍ من أفراد عائلته الأقربين إلى معارضين، من الطفل الصغير إلى الشيخ الهرِم، ابناً وأخاً ووالداً وجداً. كما أن قضيته تصبح متداولةً في محيطه الجغرافي، بين الأقارب والجيران. هذه النظرية الأمنية القديمة في القمع، لم تؤد إلى نتيجةٍ غير توسيع قاعدة المعارضة وزيادة دائرة الاحتجاجات، بدليل ما حدث في مختلف دول الربيع العربي (تونس، مصر، ليبيا... وغيرها).

قبل ثلاثة عقود، كانت تفرض عزلة تامة على السجناء عن العالم الخارجي. وفي التسعينيات، حين سُمح بوصول بعض البطاقات والرسائل من المواطنين الغربيين المتعاطفين الذي قرأوا عن مآسي السجناء بفضل تحرك جمعيات حقوق الانسان، اعتبر ذلك خرقاً كبيراً للعزلة. اليوم، أصبحت هذه الأنظمة تحت المراقبة الدولية، تصدر بشأن انتهاكاتها التقارير من عواصم الدول الكبرى، ومن المنظمات الحقوقية الرصينة. وهو ما تقابله بشن حملات مضادة تتهمها بالانحياز أو التدخل الخارجي، وتمنع موفديها من زيارة السجون للتحقق من دعاوى الانتهاكات. وكان آخرها دعوة وزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري البحرين بتحسين احترامها لحقوق الانسان.

شريف بسيوني في تقريره الشهير، أقرّ بقتل ما يقارب 35 مواطناً بحرينياً، في نوفمبر 2011، واليوم تؤكد الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان بأن «80 شخصاً على الأقل قتلوا منذ انطلاق الاحتجاجات في المملكة الخليجية الصغيرة». بينما يتساءل البعض بلا وعي: لماذا تتظاهرون ضد التعذيب؟

المراقبون يرون أن هناك صراعاً في البحرين بين الغالبية السياسية المطالبة بالتحوّل الديمقراطي وبين المتشددين الذين يرفضون أي تغيير حقيقي. بينما تجري تسريبات عبر الصحف منذ أسابيع، بأن أقصى ما يمكن تقديمه مجرد إعادة الحقوق المدنية بعيداً عن أية إمكانية في النظر بإجراء أي إصلاح سياسي.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3900 - السبت 11 مايو 2013م الموافق 01 رجب 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 6:41 ص

      غير صحيح وشوله تتظاهرون؟؟؟؟

      شريف بسيوني في تقريره الشهير، أقرّ بقتل ما يقارب 35 مواطناً بحرينياً، في نوفمبر 2011، واليوم تؤكد الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان بأن «80 شخصاً على الأقل قتلوا منذ انطلاق الاحتجاجات في المملكة الخليجية الصغيرة».

    • زائر 12 | 4:11 ص

      albeem

      السياسه يا أخ أن تكون كاذب و لا تقول الحقيقه ( تقول ما لا تفعل و تفعل ما لا تقول)

    • زائر 11 | 2:14 ص

      هنا مربط الفرس

      المراقبون يرون هناك صراعاً في البحرين بين الغالبية السياسية المطالبة بالتحوّل الديمقراطي وبين المتشددين الذين يرفضون أي تغيير حقيقي. وهذا ما لا يريدون ان يعترفوا به ولذلك يصرون على ان الخلاف طائفي بين السنة والشيعة

    • زائر 10 | 2:06 ص

      التعذيب لم يختفي قط

      التعذيب ممارسة ممنهجة...

    • زائر 9 | 1:58 ص

      الدكتور طه الدرازي أنموذجا

      فأنت حين تعتقل شخصاً واحداً، فإنك تحوّل عشراتٍ من أفراد عائلته الأقربين إلى معارضين، من الطفل الصغير إلى الشيخ الهرِم،
      هذا الكلام ينطبق على الدكتور طه الدرازي استشاري المخ والأعصاب الذي لم يكن له دخل في السياسة لا من بعيد ولا من قريب ولم توجه إليه تهمة ولم يعتقل زلك يشارك في الاحتجاجات ولكنه أوقف عن العمل وبعدها فصل أو أجبر على التقاعد فما كان من ذلك الوضع إلا أن تحول الدكتور الاستشاري إلى معارض وكان من بين وفد المعارضة في جنيف.
      سياسة الحكومة تحول الساكتين إلى معارضين دون وعي منها.

    • زائر 8 | 1:58 ص

      التعذيب من الصغر

      عندما كنا اطفالا نذهب الى المطوع لتعلم القران الكريم،فاذا تخلف احدنا عن الحضور يرسل المطوع اثنين او ثلاثة من الاطفال من هم اكبر سنا الى منزل ذلك الطفل ويجلبونه بالقوة ويقوم المطوع بربطه من رجليه ويرفعه الي اعلى ويقوم بضربه امامنا ويسمى هذا العقاب بالفلق ويبث الرعب والخوف فينا

    • زائر 7 | 1:34 ص

      شلت اياديهم

      الله ياخذ حق الناس من كل من امتدت يداه على الابرياء ويومهم قريب باذن الله وسيلاقون جزاء مااقترفتهم اياديهم وقلوبهم السوداء الحاقدة وسيعرفون

    • زائر 6 | 1:25 ص

      فجر جديد

      اجيال من المعذبين من ايام الاستعمار الى أيام الاستقلال.

    • زائر 5 | 1:18 ص

      الحق والباطل

      الحق والباطل واضح في البحرين، و التعذيب في البحرين أثبتته التجارب في السجون بموت 4 شهداء وخارجه بأكثر من مئات الفيديوات التي فعلا تثبت بأن البحرين عالصمة التعذيب، و ختاما حسبي الله ونعم الوكيل في كل من ينكر هذه الحقيقة

    • زائر 4 | 12:41 ص

      الثقافة المعاصرة تعذيب في عواصم ثقافة الحرية

      قد لا يختلف إثنان على مفهوم الثقافة لكن لا يختلفون على معنى الثقافة الاقطاعية و القديمة الجاهليه فهذه من نوادر جحا. فالاخيرة لا تقيم وزنا للانسان أما الاولى فقيمة الانسان بما لديه من دنانير أو عقار أوماشابه. هذه الثقافة ليست جديدة ولا مطورة فالتعذيب يتذكر الكثيرون بلال وكا يجلد، كما يتذكر معضم الناس فيلم الجذور وتجارة العبيد في أمريكا الشماليه صاحبة تمثال الحرية للدعاية والاعلان عن حرية ولا حرية. فهل تختلف المنامه عن نيويورك؟

    • زائر 2 | 12:32 ص

      من الفتن ما ظهر وما بطن سري وليس جهر

      ليس كسل من المذنبين مدينة النشطاء والناشطين في حقوق الانسان، إذ لا يرون من منظار التجارة شطارة لأنهم يعرفون جيداً أن الشيطان شاطر، ولا يرون بعيون الجيش السري وبالمناسبة لما الحاجة ملحة ومصرة أن يكون جواسيس عسكريه يثياب مدنية ولوفريه Law Far(خارج القانون,يتجسس على الناس بدون تخويل من القانون). هل العسكري بثياب مدنية متخفي ومندس بين الناس ونسي قوله تعالى لا تجسسوا ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين. أووا ليس الاعتداء فيه تجسس وفتنة والفتنة أشد من القتل. فهل التجسس من الفتن ومقتنين بعملة وبجمله؟

    • زائر 1 | 10:49 م

      غير صحيح

      التعذيب ظاهرة قديمة و بدأ منذ تأسيس أول نظام مدنى على هذه الكرة و مستمر حتى الآن فى كل العالم بما فيها الدول الديموقراطية. بمرورالزمن تغيرأسلوبه بتطور البشر. راجع الكتب التى تبحث تاريخ التعذيب باللغة العربية و الإنجليزية. الضعف فى تطبيق العدالة او إتباع المنطق والحق و لقانون، يجيزللقوى أن يستعمل التعذيب. يبدأ فصل التعذيب من ضرب الأولاد فى البيت لفرض رأى الوالدين و يستمر فى المدرسة و المجتمع و الدولة و الإنسان الذى لم تتغير طباعه يفرض التعذيب حسب إمكانياته و قدراته و ما يقع بين يديه من القوة.

اقرأ ايضاً