كان المؤتمر الدولي الذي نظمته مجموعة 29 حول البدون (قبل أيام) فرصة جيدة لإعادة النقاش والتفكير في كيفية حل مأساة مستمرة مضى عليها أكثر من نصف قرن.
ولعل اختيار منظمي المؤتمر لمصطلح «عديم الجنسية»، وهو المصطلح الوحيد المستخدم دولياً، بدلاً من المصطلح الركيك والمتناقض الذي تستخدمه الحكومة «مقيم بصورة غير قانونية» يمثل خطوةً في الطريق الصحيح.
وكم كان مؤسفاً رفض الجهاز الرسمي الحضور والمشاركة في المناقشات، فلو حضروا لوضَّحوا بعض ما التبس أو استمعوا لفكرة جديدة، خاصة أن عدداً من المنظمات الدولية غير الحكومية والأمم المتحدة كانت مشاركة في المؤتمر، مع أن الجهاز الرسمي للبدون كان قد شارك في المؤتمر الصحافي الذي عقدته «هيومان رايتس ووتش» قبل سنة تقريباً في الكويت.
حل مشكلة البدون لن يتم إلا بالتوافق على الأرضية الإنسانية لا على الأرضيتين الأمنية والسياسية، اللتين يبدو أن الحكومة ماضية فيهما غير عابئة بالأذى النفسي والاعتبارات الإنسانية الضاغطة على مَن يزيد عددهم على 100 ألف إنسان. يعيشون بيننا، ويحق لهم، بالمطلق، مجموعة من الحقوق، بالإضافة إلى الحق في الجنسية للمستحق دون إبطاء أو تأخير، والتي حدّدها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في 19 ديسمبر/كانون الأول 2011 بالحقوق السياسية، والحق في حرية التنقل، والحرية، والحق في التقاضي بدون تمييز والحق في الحياة الأسرية، والحق في العمل والأجر العادل، والضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والسكن الملائم، والتعليم مع إعطاء اهتمام خاص للطفل والمرأة وهما الفئتان الأكثر تهميشاً وتضرراً.
تلك هي القواعد الحاكمة الدولية التي يجب أن تراعيها الدول مع عديمي الجنسية المحرومين منها تعسفاً أو البدون إن شئت.
المحزن أن السلطة ومن يرى رأيها، لا توجد لديهم رؤية شاملة، وهم يراهنون على الزمن وهو رهان ساقط لا محالة، ويضع البدون ذاتهم والمجتمع في مهب الريح.
المعايير الدولية للبدون تأتي من الأمم المتحدة، وهي بالمناسبة ذات الجهة الدولية الضامنة لحدودنا بعد الغزو، التي استندنا عليها وأسميناها الشرعية الدولية، ولذا لم يكن مستغرباً ونحن غارقون في هذا التناقض أن نطلق عليهم المسمى المتناقض «مقيم بصورة غير قانونية»، ومن ثم يتم منح هوية رسمية لذلك الكيان غير القانوني، في تناقض واضح.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 3883 - الأربعاء 24 أبريل 2013م الموافق 13 جمادى الآخرة 1434هـ