تدب الكراهية وتتغلغل في جسم الإنسان كدبيب النمل، وشيئاً فشيئاً تصبح كراهية فئة اجتماعية أخرى جزءاً من واقع الحال، بل ومن المسلَّمات، ولا تقتصر تلك المشاعر السلبية على مكوِّنٍ ثقافي محدد، فمبرراتها موجودة، فهي إن لم تكن بسبب العنصر والعرق، فستكون دينيةً أو مذهبيةً، وإن لم تكن كذلك فستكون حول اللون أو الجنس أو اللغة أو الرأي، سياسياً كان أو غير سياسي أو مناطقياً، أو بسبب الأصل الاجتماعي أو الثروة أو غير ذلك.
وتصبح المسألة أكثر خطورةً عندما تتحول إلى نص قانوني ضد فئات بعينها، لتتحول المشاعر، أياً كان تبريرها، إلى تمييز هيكلي تتعزّز فيه الكراهية، ويصبح لها كيان وتأسيس قانوني كما كان الوضع في جنوب إفريقيا.
ولا تقتصر إشكاليات التمييز على الفئة الحاكمة أو المسيطرة أو الأغلبية، بل إن نفس المشاعر تجدها ضمن المكوِّن الثقافي للأقليات المضطهدة التي قد تكون تعرضت لتمييز واضطهاد طويل الأمد ما خلق لديها ردود فعل مشابهة.
التعامل مع تلك المعضلة المتشعبة الضارة والمدمرة لتكوين الدولة الحديثة لابد أن يكون تعاملاً شمولياً تدخل ضمنه مراجعة القوانين واللوائح والنظم التي تشجع أو تسمح بالتمييز أو تقر الكراهية ولا تعتبرها سلوكاً ضاراً، كما تتم فيه مراجعة تراخي السلطة عن القيام بواجبها وحماية الناس ومقدساتها من أي اعتداء.
ومن المؤكد أن الحكومات أحياناً تلعب دوراً أساسياً في تعزيز الكراهية بالمجتمع إن هي تبنّت ذلك في سياستها انطلاقاً من مفهوم «فرّق تسد»، أو أن يتحوّل الاضطهاد لفئات مهمشة إرضاءً لفئات اجتماعية أكبر.
أما المأزق الأكبر الذي يشكّل العبء المرهق على المجتمع فهو مأزق الوعي، وقبول الناس بل اصطفافهم فئوياً ودينياً ومذهبياً للنيل من فئات أخرى ومهاجمتها، وبالتالي خلق وعي كراهية، بدلاً من الدفع إلى التعايش وقبول الآخر واحترام التباين والاختلاف والتعامل مع ذلك الاختلاف على أساس أنه ثراء للمجتمع.
ولعل أخطر الأوضاع هو عندما تستهتر النخب السياسية وتقود، هي ذاتها، إثارة الكراهية، وبالتالي تعزيز حالة الاحتقان التي قد تحتاج إلى شرارة صغيرة لكي يحترق المجتمع.
المخرج من كل هذا الوضع المهترئ يبدأ بنشر قيم العدالة والتسامح، ومن ثم الوعي بأنه لا تستقيم الدولة الحديثة دون قيم التعايش السلمي بين الناس وقبول بعضهم للآخر كبشر، وتعزيز تلك القيم في أجهزة التعليم، وإلا فلدينا نماذج حديثة لمصائر ذهبت فيها شعوب إلى حتفها كرواندا، وشعوب أخرى قررت التصدي بوعي للفتنة كالنرويج، فلكم الخيار، الموت أو الحياة.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 3878 - الجمعة 19 أبريل 2013م الموافق 08 جمادى الآخرة 1434هـ
المصلي
اخي العزيز غانم النجار قرات موضوعك ووددت أن لا اخلص من قرآته ومطلبي من جنابكم الكريم أن تواصلو بنفس الموضوع وعلى نفس الوتيرة وخصوصا عن وضعنا نحن شعب البحرين فقد تربت اجيال تلو الأجيال ومن عقود قليله ماضية على هذه المنهجية بمكر وخبث وقد ارتد هذا المكر ولتف حول رقبة من اسس هذا المنهج السخيف لأن المكر السىء لايحيط الا باهله وهذا ما دعى الجماهير أن تخرج في يوم 14 فبراير منتفضه على هذا الواقع المرير من تمييز وتهميش وطائفية منقطعة النظير
الكراهية والطائفية والعنصرية
القانون و السياسة لهم الدور الاكبر في انتشار الكراهية و الطائفية والعنصرية وذلك عندما الدولة تفضل طائفة معينة على الاخرى وذلك بأعطائهم امتيازات في مجال العمل و المكانة الاجتماعية فنشاهد المجتمع يتربى بثقافة ان الطائفة التي تفضلها الدولة تكون متكبره و افضل من الاخرى و الطائفة الاخرى تحس بالنقص الدول عليها الاعتماد على الكفائات الوطنية و ليس الاصول القبلية او العرق و اللون