خطوة رائدة ونوعية تشكل إضافةً مهمةً إلى مشاريعها الاستراتيجية لتعزيز مقومات نهجها التنموي، خطتها دولة الإمارات العربية المتحدة بتشييدها مشروعها الحضاري للطاقة الشمسية «شمس-1».
والمشروع في جوهره يؤكد ثوابت السياسة التنموية الرصينة للإمارات في إيجاد مصدر جديد للطاقة يعضّد من قدراتها الاقتصادية ويؤمن مصدراً بديلاً ومتجدداً للطاقة والدخل الوطني، وذلك ما نتبينه من كلمة رئيس دولة الإمارات في حفل تدشين المشروع حيث أكّد «أن مشروع (شمس 1) للطاقة الشمسية المركزة يمثل إنجازاً بارزاً ضمن رؤية دولة الإمارات الرامية إلى تنويع اقتصادها ومواردها من الطاقة».
ان المقوم الاستراتيجي لفلسفة المشروع ترتكز على نهج التحول التدريجي إلى الطاقة النظيفة والاعتماد على مصادر الطاقة الصديقة للبيئة وتنويع مصادرها، وتلك ميزة تحسب للإمارات وتجعلها في موقع الحدث الدولي البيئي، وذلك ما يؤكد عليه رئيس دولة الإمارات حيث يشير إلى «ان محطة (شمس 1) تعد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية المركزة العاملة على مستوى العالم وتسهم في إنتاج 100 ميغاواط من الطاقة الكهربائية النظيفة بما يكفي لإمداد 20 ألف منزل في الإمارات، والمحطة تمثل خطوة أساسية في سعي الإمارات إلى بناء اقتصاد متنوع وضمان تحقيق أمن الطاقة على المدى البعيد، وتمثل استثماراً استراتيجياً في مسيرة التطور والازدهار الاقتصادي والاجتماعي والبيئي التي تشهدها الدولة، كما يسهم إنتاج الطاقة المتجددة محلياً في إطالة أمد الموارد الثمينة من النفط والغاز».
الاعلان عن المشروع كسر نظرية التشكيك في إمكانية جدوى التحول إلى الطاقة الشمسية في الدول العربية على المدى البعيد، حيث تشير دراسة صدرت العام 2004 حول «الطاقة والتنمية المستدامة في الدول العربية»، إلى «ان البلدان العربية غنية جداً بمصادر الطاقة الشمسية، إلا ان استعمالات الطاقة الشمسية لاتزال محدودة في العالم العربي نتيجة لبطء تطوير التكنولوجيا المتعلقة بها واستعمالاتها ومحدودية اقتصاديات الطاقة الشمسية». وتؤكد أن «توفر الوقود الأحفوري بكميات كبيرة وبأسعار مدعومة في كثير من الحالات في جميع الدول العربية، لا يدع إلا مجالاً محدوداً لأي تطوير جدي اقتصادي للطاقة الشمسية... ونظرا لغنى المنطقة العربية بالنفط والغاز فلا يتوقع أن تجد مصادر الطاقة الشمسية استعمالات جدية كثيفة خلال المستقبل المنظور حتى العام 2020».
المشروع يشكل إنجازاً مهماً في تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للبيئة في الإمارات التي جرى وضع جزئها الاول «أولويات العمل البيئي- أجندة الحادي والعشرين الوطنية في ديسمبر/1998»، وجزئها الثاني «الاستراتيجية الوطنية البيئية- الاهداف والسياسات في نوفمبر 1999». وتشير هذه الاستراتيجية في محور قطاع الطاقة إلى مؤشرات مهمة في اتجاهات العمل المؤسس لتنويع مصادر الطاقة والتحول الممنهج إلى الطاقة المتجدّدة والصديقة للبيئة، ويجري وفقها معالجة أولوية العمل البيئي لتبني سياسة وطنية للطاقة وحصر الأهداف الموجّهة للعمل في مجال تحسين كفاءة إنتاج وتحسين الطاقة، وخفض التأثير البيئي المباشر لتحويل الطاقة.
وفي السياق ذاته، يجري معالجة أولويات العمل البيئي للطاقة المتجددة، وتحديد الأسباب المزكية للتحول إلى هذا النوع من الطاقة، وتتمثل في أنها توفر إمداد طاقة آمنة على المدى الطويل، وبأن لها تأثيراً قليلاًً على البيئة، والإمارات غنية بمصادر الطاقة الشمسية، وهناك إمكانية لتطويرها لتكون دعماً للبترول. ويجرى وفق ذلك تصنيف الأهداف في إنجاز العمل، بمتابعة التطورات بما يخص الطاقة الشمسية، وتشجيع أبحاث تطويرها في السوق المحلية. وللتمكن من إنجاز الأهداف تجري سياسة العمل على تشجيع الأبحاث وتطوير الطاقة الشمسية، وتقديم الإعانات لاستخدام الطاقة المتولدة من مصادر متجددة.
زبدة القول ان المشروع يرتكز على ثوابت مبادئ العقد الدولي البيئي للتنمية المستدامة المتمثلة في حماية البيئة، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ويسهم في توفير المقومات العلمية المؤسسة للتنمية المستدامة بمواصفات عصرية تضمن تحقيق الأمن البيئي للإمارات. ويشكّل المشروع تجسيداً فعلياً لرؤى المرحوم الشيخ زايد في بناء الدولة العصرية المرتكزة على ثوابت التنمية المستدامة والمعيشة الكريمة والآمنة لإنسان الإمارات. وهو مشروع طموح من الطبيعي أن يحصد ثماراً مهمة في تحقيق الطفرة النوعية للمشاريع التنموية والبيئية للإمارات.
إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"العدد 3863 - الخميس 04 أبريل 2013م الموافق 23 جمادى الأولى 1434هـ
حضارة المشاريع ومشاريع الحضارة الاستثماريه
ليس بجديد ما تحدث عنه ابن خلدون وهيقل عن تاريخ الفلسفة وفلسفة تاريخ العمران. فبتوطين مشاريع وتسكينها على أنها مهمة الانسان وزيادة العمران واغفال تربية وتنمية الانسان قد يكون مختلف عليه. لكن المبادرات وإن كانت قليله لكنها لا تقترب ولا تنتى الا الى خلق بيئه تجاريه واستثمارية والتنمية المستدامة في الدول النامية التي نامت ولم تنمو منذو زمن بعيد. فنلاحظ العمران ولا نلاحظ الا النمو في أعداد السكان. لكن التنمية الحقيقيه لا نشهدها. فهل دول العالم الثالث ناميه أم غافله؟