لكي يسير العمل التربوي في الاتجاه الصحيح، لابدَّ أن تتحرَّر مؤسساتنا التعليمية من ذهنية ردات الفعل في التعاطي مع المفاهيم والقضايا الأممية التي أصبحت محطّ اهتمام الأوساط الدولية.
سيظل الحديث عن تطوير منظومة التعليم حاضراً بقوة إذا أردنا حقيقة بناء دولة حديثة قائمة على احترام مبادئ حقوق الإنسان.
يوم الأحد الماضي 24 مارس/ آذار 2013، نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية مقابلة مع الرئيس السابق للجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق محمود شريف بسيوني، ذكر فيها توصيات لم يتم تنفيذها بعد؛ نظراً لأنها ـ حسب بسيوني ـ تأخذ وقتاً طويلاً في التنفيذ، منها (تطوير المناهج التعليمية في المدارس والجامعات) ويعني بسيوني بذلك التوصية (1725) أ: «وضع برامج تعليمية وتربوية في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية لتشجيع التسامح الديني والسياسي والأشكال الأخرى من التسامح، علاوةً على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون».
ولئلا يكون الكلام في الهواء أو المطلق ونحن نتطلع إلى مستقبل أفضل لأبنائنا وبناتنا، فإن النهوض بالعملية التعليمية وفق مبادئ حقوق الإنسان العالمية هو خيارنا الاستراتيجي الذي لا بديل عنه.
يحق للبعض أن يسأل: يا تُرى... إلى أين سيأخذ بنا تعليم حقوق الإنسان؟ هذا السؤال يجرُّنا إلى طبيعة «التقويم التربوي» كأحد الأدوات والمكوّنات الأساسية للمنظومة التعليمية في عملية الرصد والتشخيص والعلاج وتقديم التغذية الراجعة لتوجيه بوصلة التعليم وزيادة فعاليته وتطويره تحقيقاً للأهداف المرجوة.
لضمان عدم التحيُّز في إصدار الأحكام على المتعلمين طبقاً لمعايير حقوق الإنسان وتعزيزاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية، فإننا نطرح البورتفوليو (Portfolio) كمفهوم متطور لقياس أداء الطلبة ووعيهم بحقوقهم ومدى ممارستهم لها في الفضاء المدرسي.
باختصار، «البورتفوليو» هو ملف يخصُّ إنجازات المتعلم ويضمن حقوقه كاملة، فهو يحوي المهام والمشروعات التي قام بها مع زملائه، سواءً التقارير والتعيينات (الواجبات المنزلية) والاختبارات الشفهية والتحريرية والتطبيقات، والتعليقات على الأنشطة والبحوث والصور والفيديوهات، وتوظيفه للتكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي والمقالات والتعليقات وغيرها من قبل المعلم وولي الأمر والمتعلم نفسه، بحيث يتم تقدير هذه الأعمال من خلال معايير مسبقة واضحة، بهدف توضيح مستوى أدائه وتقدمه.
بعض التربويين يشبه «البورتفوليو» بكرة الثلج التي تبدأ صغيرة الحجم وسرعان ما تتحوّل إلى كرة كبيرة الحجم، ومن هنا نرى عدم جدوى الطرق التقليدية السائدة في عملية التقويم، كالامتحانات النظرية القائمة في كثير من الأحيان على التذكر والحفظ أو انطباعات المعلم الذاتية التي قد تشعر الطلبة بأن التقييم من قبل المعلم غير موضوعي ولا يعكس بالضرورة مستوى أدائهم.
للبورتفوليو أهمية كبيرة على الأطراف المعنية بالعملية التعليمية (المتعلم ـ المعلم ـ أولياء الأمور). فالـ «بورتفوليو» يقدّم للمتعلمين مهام وأعمالاً مشوّقة وذات قيمة ومناسبة لحياتهم، ويعدُّ مؤشراً حقيقياً على النمو والتقدم الحاصل، وهو سجلٌ لتحليل الذات وللخبرات في مجالات مختلفة، كما يمنح المتعلم فرصةً لتنمية مهارة التعلم الذاتي بالرجوع لمراحل تجميع ملفه، كما يجعل المتعلم أكثر جديةً واستمتاعاً ووثوقية عندما يراجع ويتأمل في معنى ما توصل إليه وبأن أعماله تؤخذ بعين الاعتبار.
وبالنسبة للمعلم، فإن «البورتفوليو» مفيد له للوقوف على جوانب أداء المتعلم وأبعاد شخصيته ونموه، ويمنحه الجدية في البحث والتخطيط والإعداد الجيد للدرس، ويوفّر له المعلومات التي يحتاجها لمراقبة التقدّم الحاصل في التعلم وتقويم استراتيجيته التدريسية؛ ليكون المعلم أكثر اندماجاً في عملية التقييم، ليس فقط كمصمم لها وإنما كمقوِّم لها.
أما أهمية «البورتفوليو» لأولياء الأمور، فهو يشجّعهم على المتابعة اليومية لأبنائهم ومساءلتهم، والنظر إلى ما هو أبعد من الدرجات والامتحانات والشهادات العلمية؛ ليتم التركيز على أثر التعلم في سلوكيات أبنائهم، فهو يعتبر أداةً فعّالةً للتقييم والتواصل مع الآباء وكافة المعنيين بالعملية التعليمية.
إن «البورتفوليو» يمثّل تقييماً شاملاً في تعليم حقوق الإنسان، وبالتالي فنحن أمام مفاهيم ومقاربات تتعدى أطر المؤسسات التربوية والتعليمية، لتشمل الجوانب الحقوقية والسياسية والاجتماعية والفلسفية والاقتصادية وغيرها.
بمعنى آخر، فإن تقييم تعليم حقوق الإنسان عبارة عن حزمة (Package)، ومن الأهمية بمكان أن يشترك فيها جميع الفاعلين في تنمية الوعي بثقافة حقوق الإنسان من طلبة ومعلمين وإداريين وقيادات تربوية ومنظمات ومؤسسات مجتمع مدني وغيرها، ويكون المعلم أحد أبرز الموجهين والملهمين لها.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3858 - السبت 30 مارس 2013م الموافق 18 جمادى الأولى 1434هـ
«البورتفوليو» في تعليم حقوق الإنسان
«البورتفوليو» في تعليم حقوق الإنسان: الاجترار في مقاربة حقوق الإنسان بهذه الكيفية " التلصيقية" التلفيقية يمس مصداقية التناول ويضر بافق التداول، أستاذنا الفاضل، عقدان ونصف وهذا البورت فوليو يوجع معلما يلتمس الاعتراف بحقوقه المهنية، بوصفه إنسانا، سلبها إياه التنظير اجاهل !! والتوجيه الفاشل للمدعو البورتفوليو من قبل أناس تحكمهم فوقية التسلط وانعدام الوازع الإنساني في سَلَطَة الوصاية " غير الديمو قراطية" على التربية وانت أستاذنا أحد ضحايا هذا التسلط، وفقك الله.