العدد 3853 - الإثنين 25 مارس 2013م الموافق 13 جمادى الأولى 1434هـ

الشعب يقول لكم: لا تحرقوا الوطن!

عيسى سيار comments [at] alwasatnews.com

-

لقد مر الشعب البحريني بمنعطفات تاريخية نضالية عديدة منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، قدّم خلالها الكثير من التضحيات الجسام تمثلت في كوكبة من الشهداء والمعتقلين والمنفيين والمبعدين والممنوعين من السفر والمحاربين في رزقهم والموضوعين على القوائم السوداء في عدم تقلد مناصب حكومية رفيعة بسبب وطنيتهم ونزاهتهم. ولكن ما تعيشه البحرين منذ حراك فبراير/ شباط 2011 من أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة وضع غير مسبوق في تاريخ البحرين الحديث، حيث تجاوز الوضع بكثير ما أشرنا إليه وأصبحنا مع الأسف الشديد وكأننا شعبان نعيش في وطن واحد!

ولن نتطرق هنا إلى المستفيد الأول والأخير من هذا الوضع المأزوم الذي يعيشه الشعب البحريني لأنهم أصبحوا مكشوفين للقاصي والداني، وهم كوكتيل من مسئولين ونواب ورجال دين وشوريين وبلديين وإعلاميين وقادة مجتمع محلي... إلخ.

إن الحوار الوطني الذي أطلقت عليه حوار الفرصة الأخيرة والذي وصل عدد جلساته إلى تسع جلسات، هو بالفعل الفرصة الأخيرة للفرقاء السياسيين لحفظ الوطن من الانزلاق إلى المحظور وحرق آمال وطموحات الشعب البحريني في نيل حقوقه المشروعة التي نصت عليها جميع الشرائع السماوية ومواثيق الأمم المتحدة من خلال حصوله على الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية. والأخطر من ذلك هو حصول ما لا تحمد عقباه وهو حرق الوطن من خلال الانفلات الأمني وبالتالي المواجهات الأهلية بين مكونات الشعب البحريني كما حصل ويحصل في العراق ولبنان، لأنه لا يوجد مواطن شريف في هذا البلد يتمني حصول ذلك. إذاً ما هو المطلوب من الفرقاء السياسيين حتى نجنّب الوطن وأهله الانزلاق إلى الهاوية؟ لقد تابعت مقابلة تلفزيونية مع مجموعة من الشباب العراقي من الجنسين بمناسبة مرور عشر سنوات على ذكرى الغزو الغربي للعراق وإنشاء نظام ديمقراطي بمواصفات غربية، وقد لفتت نظري وجهة نظر إحدى الشابات الجامعيات وملخص ما قالته انها مع الديمقراطية والتعددية والعدالة والمساواة، ولكننا افتقدنا وأصبحنا نحمل أكفاننا في أيدينا، والميليشيات التابعة للأحزاب والجماعات الراديكالية تجول وتصول في البلاد، فالقتل أصبح على المذهب والهوية، والخدمات التعليمية والصحية والإسكانية وغيرها في تدهور مستمر، والفساد بجميع أشكاله ليس بأقل مما كان عليه سابقاً بل ربما أكثر بكثير. وانتقلنا من الحكم الدكتاتوري الشمولي إلى دكتاتورية الديمقراطية.

إذاً ما فائدة الديمقراطية والتعددية والوطن يحترق بنيران الطائفية والمليشيات والفساد... نحن نريد المصالحة الوطنية والأمن أولاً. هذا ما قالته الفتاة ونتمنى أن نتعظ هنا في البحرين من ذلك.

أكاد أجزم بأن معظم الشعب البحريني مع الحوار البناء والفعال والمنتج الذي يحقق الاستدامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ويجنب البلاد والعباد البقاء في النفق المظلم. ومن هنا يتوجب على الفرقاء السياسيين أن يعوا اليوم وقبل الغد أن الشعب البحريني بجميع مكوناته يتطلع إلى أن يترفع أطراف الحوار عن المصالح السياسية أو الفئوية أو الحزبية الضيقة ويفكروا في معاناة الشعب البحريني الذي يعيش في قلق متواصل على مستقبل البلاد، ومن هنا نوجه الرسائل التالية إلى الفرقاء السياسيين.

بالنسبة للحكومة عليهم أن يدفعوا تجاه إيقاف أو تخفيف القبضة الأمنية على القرى، وأن يثقوا بممثلي الشعب البحريني وبالذات ممثلي المعارضة لأن مطالبهم في المعظم مشروعة وواقعية، وعلى سبيل المثال لا الحصر أكاد أجزم بأن الشعب البحريني بمكوناته كافة لا يختلفون على أن يكون لهم برلمان كامل الصلاحيات التشريعية والرقابية، ويكون نداً قوياً للحكومة وليس تابعاً لها كما هو الحال عليه الآن! وعلى ممثلي الحكومة أن يدركوا جيداً أن الشعب البحريني ليس هو الشعب قبل 14 فبراير، فالشعب أصبح أكثر وعياً بحقوقه السياسية، ولن تنطلي عليه الحلول والمسكنات الترقيعية، ولن يقبل بأن يعود خالي اليدين، والاستدامة السياسية تتحقّق بوجود معارضة وطنية حقيقية وليست شكلية، وإن الرهان على الوقت سيدمّر البلد.

بالنسبة للمعارضة عليهم أن يساهموا في إيقاف العنف في الشارع ومنح فرصة للحوار والتحلي بالبراغماتية والمرونة السياسية دون التخلي عن المطالب المشروعة للشعب البحريني، وأن يفتحوا حواراً جاداً مع التيار السياسي السني بعيداً عن طاولة الحوار والتوافق على ما يريده الشعب البحريني، فهذه الخطوة سوف تقصر المسافة للوصول إلى حل ناجع للأزمة السياسية في البحرين، وسوف تجد الحكومة نفسها في وضع لا تحسد عليه، وسوف توافق على ما يتفق عليه ممثلو الشعب البحريني في طاولة الحوار. ومن هنا نوجه نداءً مخلصاً لشباب 14 فبراير لمنح فرصة للحوار الوطني والذي نأمل أن يلبّي تطلعات الشعب البحريني في الحصول على حقوقه المشروعة.

بالنسبة للتيار السياسي السني الذي يُطلق عليه سياسياً «الموالاة»، عليكم أن تفتحوا حواراً جاداً مع المعارضة وأن تتفقوا معهم على الـ 80 في المئة من المطالب التي أعلنتم عنها وتضعوها على طاولة الحوار، وأن تضعوا مسافة واضحة بينكم وبين الحكومة، فشرفاء الشارع السني الذي تمثلونه لم ولن يقبلوا بأن يكونوا «ريموت كونترول»، أو قطع شطرنج أو دُمى كما صرّحتم، بل الشارع الوطني السني له مطالب لا تقل جذريةً عن مطالب المعارضة، وشرفاء الشارع السني لن يغفروا لكم، فاللحظة التاريخية فقط هي التي وضعتكم على طاولة الحوار. وأقولها لكم بصراحة وثقة مطلقة، لو جرت انتخابات نزيهة لاختيار من يمثّل الشارع السني لما تواجدتم على الطاولة اليوم، فزمن العبودية والخنوع و «الريموت كونترول» ولّى إلى غير رجعة، ولن تبقى إلا أزهار الربيع... أليس كذلك يا أخ أحمد جمعة؟.

أيها الفرقاء وبالذات الحكومة وممثلي الائتلاف الوطني (الموالاة)، عليكم أولاً وأخيراً أن تعرفوا جيّداً بأن البديل عن الحوار الوطني الجاد والمنتج، والاعتراف الصريح بمطالب الشعب البحريني المشروعة وتنفيذها بنزاهة، هو الفراغ السياسي الذي سوف يؤدي إلى حرق البلد، حينها لا ينفع الندم و «كلمة يا ريت عمرها ما عمرت بيت»... فمن يرفع الشراع؟

إقرأ أيضا لـ "عيسى سيار"

العدد 3853 - الإثنين 25 مارس 2013م الموافق 13 جمادى الأولى 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 11:01 ص

      الأخ العزيز عيسى سيار

      الشكر موصول لك سيدي يا أبن البحرين البار ، هذه هي البحرين صغيرة في مساحتها كبيرة بأبناء شعبها. وسلمت الأنامل التي خطت تلك السطور.

    • زائر 26 زائر 25 | 2:17 م

      مالت

      عليك انت وصدام والقذافي محد قتل البشر غيرهم ترى الراضي كالفاعل

    • زائر 24 | 9:14 ص

      الفصل للشعب.

      يجب ان يجتمع السنة مع الشيعة لانهم هم الشعب ، فلو اتفق تيارات وجمعيات الشعب على صيغة واحدة ، بحيث تنبع من الشعب سنته وشيعته ، لما استطاعت الحكومة ان تقف ضد هم سيخرجون البلد من المأزق الذي يعيشه ابناؤه .

    • زائر 22 | 5:39 ص

      من يرفع الشراع

      الاخ سيار المحترم,لذي اقتراح متواضع فماهو رائيك لو تطرحون على عقلاء المجتمع البحريني من هم حريصين على الوطن بأن يجتمعوا من أجل انقاذه بمعزل عن هذا الحوار لانهم وكما ذكرة اليوم الشباب البحريني المتطلع والذي ضحى من أجل الحصول على الحريه والعداله غير قبل 14فبراير2011 ويتفقوا على مطالبهم وتعرض على أستفتاء شعبي ومن ثم تقدم الى جلالة الملك للعمل بهاء وهي بالصل موجودة في الميثاق الوطني.لانه ومن الواضح الذي يصرح بأنه رموت كنترول والمستعد يجلس لأ100سنه هذا لأيمثل الا نفسه والا لماذا يرفض حتى الاستفتاء؟

    • زائر 23 زائر 22 | 6:56 ص

      التيار الديمقراطي هو الحل

      في الحقيقة ان التيارات الاسلامية هي التي قسمت العالم العربي فلوا رجعنا الي التاريخ لم تكن هناك قضايا طائفية في ثورات البحرين عبر خمسون عاما والان الحركات الاسلامية فرزت لنا هدا التصنيف الشيعي والسني رحم اللة صدام حسين وجمال عبد الناصروالقدافي زعماء المواطنة الحقيقية والتيار القومي الحقيقي

    • زائر 21 | 4:09 ص

      تسلم يداك يا ابا عبدالله وطنى واصلى ورجل بمعنى الرجوله

      لكن لى مداخله صغيره ليس هناك سنى شيعى هناك عرف متعارف عليه وطن ومواطنه الكل يرفف بعلم الوطن علما المرضى والحاقدين والمستفيدين من الازمه هم من يلعب بل الطائفيه الحمقاء اتخدوا من بيوت الله ملجا اليهم بقدف الناس بما يحلوا لهم اوامر من اسيادهم فطبع الله على قلوبهم وابصارهم فلهم خزى فى الدنيا وفى الاخره عداب اليم

    • زائر 20 | 3:54 ص

      نعم سيحرقون الوطن لأنهم اختزلوه لهم فقط

      هي الانانية هو الجشع هو الاستحواذ هو الطمع هو كل هذه الامور نعم .
      بسبب الصفات المذكورة اعلاه اختزلوا الوطن فيهم وهم في الوطن فلا غيرهم مواطن ولا خلق غيرهم يجب ان يعيش ولو اتيح لهم ازالة الشعب كله ما خارطة الحياة لما توانوا عن ذلك.
      ما يجري على الارض يوضح مدى استخفاف هؤلاء بخلق الله واعتبارهم اقل قدرا حتى من الحشرات

    • زائر 19 | 3:45 ص

      لن

      عندما تقول الي رجل عنده كرامه كلمه فقط كلمه تحرجه فيها تراه يتغير لونه ويفقد صوابه ، وبعضهم تقول له تيلر من الكلمات ولا يدير لك بال ، رجال يستقيلون لمجرد خطأ بسيط ولانه يخاف علي سمعته والمكان المسؤل عنه مصنع او وزاره او او ، لانهم لا يخافون علي هذا، البلد الجميل سيستمرون في تدميره ، وهذا درب الحسدين والطماعين اكسرون الشيئ ولا يعطونه غيرهم ، ولأنا نحبك ياوطن ما نبيعك رفاعي ستراوي محرقي درازي وكلك حلو ياوطن

    • زائر 18 | 3:35 ص

      الشعب يقول؟ من هو هذا الشعب الشعب نحن ونحن الشعب فقط

      هذه المقولة التي شاهدتها في مسرحية الزعيم هاهي الآن تطبق على ارض الواقع لا شعب الا هم ولا وطن الا وطنهم وباقي مئات الآلاف فليذهبوا للجحيم
      اختزلوا الوطن فيهم والشعب فيهم والباقي فليحرقوا او يطردوا او او
      نعم هو حال الوطن هكذا الآن
      تتكلم عن اي وطن وعن اي شعب والله يستر من القادم

    • زائر 17 | 3:32 ص

      لا يهمهم كلامك هم يريدون ان يحرقوها ويقعدوا على تلتها

      واقع الحال يقول ان البعض يريد ان يحرق البلد ويجلس على تلتها وربما لدى البعض عقدة ديرة مو ديرتك ..........
      على ما يبدو كل الامثال تشير الى هذه النقطة وهي دمار البلد وخرابه من فئات لا تعي الا مصالحها الفردية ويختزلون الوطن في انفسهم ولا كأن هناك مئات الآلاف لهم حقوق في الوطن

    • زائر 16 | 3:31 ص

      لمن يتعض

      اخى الكريم ما يوجد فى الشارع والجميع يعلمه هو احتجاجات سلميه وليست عنف وبخصوص الحوار لو كانت لدى السلطه النيه لعقد حوار جاد وليس مجرد استهلاك اعلامى كما هو حاله الان لكانت مقدمات الحوار تختلف تماما عما نراه الاعتراف بالخطأ اولا ثم محاولة ما يمكن تصحيحه بإطلاق سجناء الرأي وبناء المساجد المهدومه ومحاسبة القتله وترضية عوائل الشهداء وذاك صعب وو

    • زائر 15 | 3:14 ص

      هذه كلمات الشهداء

      تصنع المجد وترفع الراية لا منافق بل بالدم عنوان الشهادة ومجد الارادة ضحوا ليحيا الوطن والمواطن

    • زائر 13 | 3:12 ص

      قال الشهيد حلمت باني

      اقتل والسوزن يخترق قلبي وتحقق الحلم

    • زائر 12 | 3:11 ص

      قال شهيدنا البطل

      نفسي فداء وطني

    • زائر 10 | 1:46 ص

      كثر الله امثالك .

      انت من العمله الناذره, نسال الله ان يكثر امثالك استاذنا العزيزز

    • زائر 8 | 1:33 ص

      اكثر ما اتفق معك فيه هو

      يجب ان يجتمع السنة و الشيعه في مكان واحد

    • زائر 6 | 12:59 ص

      تسلسل

      1- قالوا البرلمان هو الحل ولم نجن منه الا الخيبة ...الأعضاء مهم ريايل2- الميثاق داسوا عليه وفيه الشعب مصدر السلطات وملكية دستورية في الاوراق فقط3- الحوار وعراقيلة وتوقف عجلته بفعل الحكومة والموالاة هم يريدونه لكسب الوقت وتمييع المطالب والهروب من الاستحقاقات 4- نقول لكم معارضة وموالاة وحكومة: في يدينا بقية من بلاد= فاستريحوا كي لا تضيع البقية

    • زائر 4 | 12:10 ص

      حبيبي

      حبيبي الكاتب ماتراه في الشارع ليس عنفا بل احتجاجات سلميه وقوات اللا امن وبأوامر من السلطه هي من تتسبب في العنف والخميس الدامي شاهدا على ذلك. ومع ذلك كلامك كلام انسان مخلص لوطنه وشعبه.
      وفقك الله.

    • زائر 3 | 11:45 م

      لماده لااحد منكم يكتب عن من هدم المساجد اليست جريمه

      حسبي الله ونعم الوكيل{جعفرالخابوري]‏‎ ‎

    • زائر 2 | 11:24 م

      من يرفع الشراع؟

      صباح الخير أخي الكريم أولا, الكل يعلم ان شراع الوطن اصبح ممزقا ولا يجدي معه الترقيع, لأنه مهما رقع فسيبدوا لمن يراه ممزق. شراع الوطن بحاجة إلى تغيير لكي نتمكن من رفعه. يجب على الجميع اصلاح ما في داخله من أجل الوطن ولكي يرفع الشراع وتسير سفينتنا إلى بر الأمان. (محرقي/حايكي)

    • زائر 1 | 10:32 م

      مع الا عنف

      اعجبني مقالك ولكن تبقى ان تذكر ان هناك أكثر من 150 شهيدا سقطوا جراء استخدام السلطة للقوة المفرطة فيما لم تسجل ضد المعارضة اية نقاط تذكر و حتى قضية "المريسي" تم الزج بها لايهام الرأي العام بوجود عنف لدى الشارع. البحرين بحاجة لحوار يعيد الحقوق والمطالب المشروعة وليس لحوار السنانير كما يقال. واي حوار لا يكون للشعب فيه اي قرار فلن يكون محل ترحيب.

اقرأ ايضاً