إن الاهتمام بالقيم ظل خاضعاً للتأملات الفلسفية زمناً طويلاً، وبعيداً عن الدراسات العلمية الموضوعية، وربما كان السبب وراء ذلك كما يرى سعيد الراشدي، (وهو أستاذ التعليم العالي بكلية علوم التربية في جامعة محمد الخامس) في كتابه «النظام التربوي المغربي... دراسة تحليلية للقيم الموجهة للسياسة التربوية بالمغرب ما بين 1956 و1999» بأن دراسة الأحكام القيمية تقع خارج دائرة الفحوص التجريبية، وبالتالي لا يمكن إخضاعها للمعالجة التجريبية.
وبحسب الراشدي؛ فإن دراسة القيم بمناهج علمية إنما ظهرت في ثلاثينات القرن العشرين، انطلاقاً من أن هناك علاقة وطيدة بين ما يحمله الإنسان من قيم والتنشئة الاجتماعية، وأن ثمة علاقة بين قيم الفرد والوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه.
ربما كانت الإشكالية التي يجب الإحاطة بها، هي موقعية القيم بين النسبية والإطلاق، فالصدق بوصفه قيمة أخلاقية (فضيلة) بحد ذاته ويقابله الكذب (رذيلة)، والمطلوب منا تشجيع أبنائنا وبناتنا على الصدق، في الوقت الذي قد يكون الكذب أمراً مشروعاً ولابد منه عندما تتعلق المسألة بقيمة كبرى أهم كإصلاح ذات البين أو كشف الحقيقة لأعداء الأمة، وهنا لا نتحدث عن استثناءات بقدر ما نؤكد نسبية القيم، حتى قيم السماء.
من المبادرات والمشاريع الأهلية الشبابية المتميزة لجمعية الهملة الثقافية الخيرية الاجتماعية التي جاءت كترجمة عملية لرسالة الجمعية «السعي نحو تنمية بشرية من خلال شراكة مجتمعية» مشروع (مسرح الطفل المتنقل) ـ الحائز مشروع المنحة المالية لوزارة التنمية الاجتماعية ـ وهو عبارة عن مسرحية أطفال متنقلة بين قرى ومدن مملكة البحرين في عطلة نهاية كل أسبوع، تحمل رسالات لقيم إنسانية عبر مسرحيات كوميدية للأطفال بنمط حديث. فهناك شخصيات حيّة في المسرحية، وشخصيات على شكل دُمى، وشخصيات إلكترونية، وتعرض من خلال العارض الرئيس على شاشة مشابهة لشاشة العرض بدور السينما، وحتى الديكور إلكتروني، إلى جانب الأناشيد المرتبطة بأهداف المشروع.
تتلخص أهداف مشروع (مسرح الطفل المتنقل) في زرع القيم الإنسانية في نفوس الأطفال (كالصدق والأمانة والنظافة وحب الوطن والتصدي للطائفية والانحياز وغير ذلك)، ونقل رسالة المحبة إلى القرى والمدن في مملكة البحرين، وتنمية تفكير الطفل وشغل وقت فراغه ببرنامج مفيد، وخلق بيئة فرحة وممتعة للأطفال.
وُفِّقت الجمعية في توظيف الكادر البشري المتخصص في هذا المجال من دون اللجوء إلى شركات تنظيم الفعاليات، وهذه نقطة إيجابية يُحسب لها، ففريق العمل (من مخرج وممثلين ومصممين إلكترونيين) هم هؤلاء الشباب البحريني المتطوع، وجُلُّهم معلمون جدد من خريجي كلية البحرين للمعلمين (BTC) والذين يمتلكون معارف وخبرات في تنفيذ هذا النوع من المسرحيات، وخصوصاً أن مجال تخصصهم (معلم فصل).
لا يتوقف المشروع على العرض فقط، وإنما هناك أنشطة مختلفة تقوم بتقييم الأطفال لمدى استيعابهم للقيمة الإنسانية المعروضة وتقبلهم لها.
استطاعت المسرحية بثيمتها المقاربة لمنظومة القيم أن تصنع بيئة تفاعلية مرحة ومشوقة للأطفال، من خلال التفاعل المباشر بين الممثلين والأطفال وجهاً لوجه، واستنطاقهم بقبول أو رفض بعض السلوكيات المجتمعية.
وبما أن المشروع سيستمر لمدة عام؛ فإنني سأركز على بعض الملاحظات التي أتمنى أن ينظر إليها القائمون على المشروع بعين التفهم، وهي:
أولاً ـ أثر إطلاق «قناع الشر» كمسمىًّ للمسرحية ربما يترك إيحاءً سلبيّاً لدى الأطفال.
ثانياًـ بالنسبة إلى التوقيت: حيث كان من المفترض أن يكون زمن العرض ساعتين؛ إلا أنه كانت هناك فعالية أخرى في المكان نفسه في النصف الآخر من الزمن المخصص لعرض المسرحية، وتلك نقطة يجب الالتفات إليها، وخصوصاً نحن نهدف إلى غرس قيمة احترام الوقت.
ثالثاً ـ غياب فئة الأطفال من الجنسين (ذكوراً وإناثاً) كشخصيات رئيسة ضمن طاقم التمثيل في عمل المسرحية، وخصوصاً أنهم الفئة المستهدفة من المشروع.
رابعاً ـ ضرورة اهتمام اللجنة المنظمة في العروض المقبلة بشكل أكبر على النظام وجلوس الأطفال في المقاعد المخصصة بهم، ومراعاة النظافة كقيمة حضارية يجب الاعتناء بها، وهنا يتحمل أولياء أمور الأطفال هذه المسئولية (مسئولية متابعة أبنائهم) بشكل أكبر بدلاً من انشغالهم بأمور أخرى.
خامساً ـ وضع خطط بديلة في حال حدوث أي خلل أو طارئ، كما حدث بشكل مفاجئ في الصوتيات بالعرض الأخير، إذ بالإمكان تدارك مثل هذه المواقف والاكتفاء بأصوات الممثلين الفعلية أثناء الحوار.
سادساً ـ تقديم الهدايا والجوائز إلى اأطفال بعد الانتهاء من العرض وإجابتهم عن الأسئلة المتعلقة بالقيم المعروضة في المسرحية؛ بقصد تشجيعهم على تمثُّل القيم وممارستهم لها في حياتهم اليومية.
لقد أدركت جمعية الهملة بمشروعها المسرحي النوعي الهادف، أن تنمية الوعي بالقيم هي أساس التماسك الاجتماعي في المجتمع البحريني.
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3851 - السبت 23 مارس 2013م الموافق 11 جمادى الأولى 1434هـ
بلا لعبة بفلوس الناس
بلا لعبة بفلوس الناس حبايب قلبي يا الهملة. روحوا للفقاره والمفصولين وعوائل المعتقلين والارامل واعطوهم كسوتهم واعطوهم فلوس يعيشون بها وبلا مسرح ومسرحيه وبطيخ
شكرا لكم استاذ فاضل على تشريفكم المسرحية وحضور الفعالية الاخرى رضاك امي ..
سعدنا بوجود الجمهور
ووجودفئة النخبة من المثقفين والمهتمين بمجال تنمية جيل الغد
شكرا استاذ فاضل ونسعد بتشريفكم واطلالاتكم ونقدكم البناء ..
تحية مني لكادر المسرحية واهلا وسهلا بكم بوسط اسرة العمل التطوعي خصوصا من سواعد الشباب..
الغد المشرق ..
نتمنى ان نشاهد هذه المسرحيه
نتمنى اخبارنا فبل الموعد لمشاهدة هذه المسرحيه المتنقله ولكم جزيل الشكر
مسرح الطفل المتنقل
ان المسرحيه في حد ذاته سواء كان بالدمى او باشكال اخرى يعتبر شئ ملفت للاطفال ويترسخ القصص في اذهانهم الى الكبر ....ونتمنى زيادة عمل المسرحيات بشكل اكثر في البحرين وبالاخص في المدارس لانه مؤثر لنمو شخصياتهم