طالما كانت الباكستان والولايات المتحدة حليفتين تعانيان من الاضطراب.

في العام 2011 وبعد حادثة ريموند ديفيس ومقتل أسامة بن لادن، وصلت العلاقات بين الدولتين إلى أسوأ مستوياتها، إلا أن كلتا الدولتين استثمرتا الوقت وعملتا بجهد لاستعادة العلاقات الضائعة. وقد بدأت علاقتهما تُظهِر مؤشرات تعافٍ إيجابية، وخصوصاً في مجالات التنمية والتعليم.

تحافظ الدول على مستويات متعددة من الارتباط، وليست المجالات السياسية والدفاع والارتباطات الإقليمية والاستراتيجية هي الوحيدة التي يجب أن ننظر إليها. فمن مصلحة التفاهم الأفضل أن تعطى المجالات حيث التعاون أكثر سلاسة ويوفر فوائد واضحة، «معاملة مماثلة» في الإعلام الشعبي. هناك حاجة إلى ذلك حتى يتمكن جمهور الإعلام من توسيع آفاقه ومداركه.

ويتجاهل العديد من النقّاد الباكستانيين والأميركيين بشكل مناسب حقيقة أن لكل من البلدين تاريخاً طويلاً من التعاون المتبادل، مثل تدريب المعلمين من خلال مشروع تعليم المعلمين الذي تنظمه الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وبناء سد ساتبارا في جيلجيت - بلتستان، وتوفير الدعم الأساسي لأهداف كل من البلدين الإقليمية والسياسية، مثل ضمان الأمن والاستقرار والسلام في أفغانستان، وخصوصاً بعد الانسحاب المبرمَج للقوات الأميركية والائتلافية العام 2014.

يبدو أن كلا البلدين، الولايات المتحدة وباكستان، يتشاركان في أمور أكثر من تلك التي يختلفان فيها. تقوم الولايات المتحدة حاليّاً بمساعدة الباكستان في العديد من مبادرات التنمية الاجتماعية والمؤسسية، من دعم البرامج التشريعية إلى إصلاحيات قطاع التعليم.

ويُعتبر الالتزام الجديد نسبيّاً والمرحّب به من قبل الولايات المتحدة تجاه الديمقراطية في الباكستان، والذي يتم جزئياً عبر مشروع الدعم التشريعي للباكستان، الذي تقوم به الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، مشجعاً جداً. ومن الجدير بالذكر أنه رغم كون الديمقراطية في الباكستان ليست جديدة، إلا أنها المرة الوحيدة في تاريخ الدولة التي تتم فيها حكومة ديمقراطية مدتها القانونية بدلاً من نظام عسكري.

الباكستان حالياً هي المستفيدة الكبرى في العالم من برنامج «فولبرايت»

الذي تديره المؤسسة التعليمية في الولايات المتحدة. هناك 569 طالباً باكستانياً يدرسون في الولايات المتحدة في جامعات أميركية من اختيارهم.

إضافة إلى ذلك، ساهمت أميركا مؤخراً في تحديث النظام التعليمي في الباكستان. وقد شاركت أربع جامعات رئيسية مع نظيراتها الباكستانية لتشكيل برامج التعليم عن بعد باستخدام الإنترنت.

على سبيل المثال، وقّعت جامعة ولاية سان هوزيه يوم 3 فبراير/ شباط 2013 مذكرة تفاهم مع جامعة علاّمة إقبال المفتوحة لتحديث أساليب الدراسة لطلبة كل منهما عبر برامج التعليم عن بعد. ومن بين المجالات المتعدّدة لهذا المشروع إجراء بحوث مشتركة وتحديث المناهج وبرامج تبادل أعضاء الهيئة التدريسية. كما استفادت سبع جامعات أخرى من البرنامج.

قبل ذلك، دخلت جامعة فاطمة جناح للفتيات والجامعة الوطنية للغات الحديثة وجامعة قائد عزام وجامعة الشهيدة بناظير بوتو للفتيات في شراكات مع جامعة تكساس وجامعة شمال تكساس وجامعة بول ستيت والجامعة المنهجية الجنوبية بالترتيب. ويُتوقّع أن تضخ مذكرات التفاهم هذه حوالي 9 ملايين دولار في الجامعات الباكستانية المرتبطة الآن مع نظيراتها الأميركية. وسوف يمكّن هذا التبادل الأميركيين كذلك من التعلّم عن بلد يحصل عادةً على تغطية صحافية سلبية، وعن شعبه كذلك.

على مستوى آخر، تقوم الولايات المتحدة بتوفير معونة مالية للعديد من برامج الحكومات الإقليمية التي تقوم بتعليم أكثر من 3,2 مليون طفل في الباكستان. وقد ساعدت أميركا 16 جامعة حكومية في الباكستان على بناء مرافق لتدريب المعلمين. إضافةً إلى ذلك توفّر برامج تعليمية أخرى بعثات التعليم العالي لحوالي 12,000 طالب باكستاني. وبينما تكافح الباكستان لتحسين مستويات التعليم ونوعيته، تعمل نشاطات كهذه على تحسين وضع آلاف الطلبة الباكستانيين.

من المشجّع إلى أبعد الحدود أن الولايات المتحدة اختارت التعاون في مجال التعليم، ضمن مجالات أخرى، كوسيلة أساسية للمشاركة بين الدولتين. يجب أن تجري مأسسة ذلك على المدى البعيد، حيث أن ذلك لا يقوّي الباكستان فقط، وإنما يربط كذلك الشباب الباكستاني مع نظرائه الأميركيين.

الحديث عن السياسة والدفاع والارتباط الاستراتيجي أمور لها أهميتها، ومن المفيد إبراز هذه المجالات الحاسمة من التعاون أيضاً.