العدد 383 - الثلثاء 23 سبتمبر 2003م الموافق 27 رجب 1424هـ

لا فوز من دون ديمقراطية

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

لي حفيد لا يزيد عمره على سنة ونصف السنة لكن كل المؤشرات تقول إنه سيصبح لاعب كرة قدم بارزا وإذا كان الاتحاد يرغب في شخص له مستقبل في مجال هذه الرياضة فعليه تسجيل اسمه... فهو على رغم صغر سنه فإنه لا يسير إلا والكرة معه، وينام والكرة معه، ويصحو باحثا عن الكرة، ويبدو أن هذا الطفل شعر أننا في زمن الكرة وأن مستقبل الإنسان هو في كونه لاعب كرة فالعلم والثقافة والفكر أمور (ما توكِّل خبز).

إن أي مدرب أجنبي (كحيان) يأخذ مئات الألوف إن لم نقل الملايين من الدولارات مقابل موسم أو موسمين في التدريب.. (وصاير ضرب الكف عليهم) ويتحدثون عن ضم لاعب لمجرد موسم أو موسمين ببضعة ملايين من الدولارات، وليت هذه البدعة الضالة تتركز في أوروبا لهان الأمر، لسبب واحد، هو أن أوروبا بملايينها قد تجاوز مواطنوها مشكلاتهم الحياتية وقد جاء وقت الترف، والفرق الكروية هناك محترفة ومدخولها من كل مباراة بالملايين ولكن في دول الخليج لا مدخول ولا هم يحزنون.

إن معظم الفرق الخليجية تفعل ذلك للمنافسة المحلية فهم يعتبرون فوز فريق على فريق إنجازا تاريخيا وكأنه انتصر على العدو الصهيوني، فيملأ جمهور الفريق الشوارع صخبا وضجيجا (بهرنات) سياراتهم التي تجوب المدينة وهي بدعة منتشرة في كل البلاد العربية، فقد صادف أن وصل أحد السفراء الأوروبيين الجُدد صباحا إلى القاهرة وفي المساء شاهد الآلاف من جمهور الفريق الأهلي وهم يلبسون قمصانا حمراء يملأون شوارع القاهرة ضجيجا وهتافا فأبرق إلى دولته (أن هناك ثورة بلشفية في القاهرة)، ومع ذلك لم نسمع على رغم كل هذه الكُلَف أن فاز فريق عربي على المستوى الدولي.

لقد بلغ جنون المسئولين في دول الخليج وَهَوَسَهم بهذا الموضوع أن أهملوا الثقافة والفكر وصاروا يعطون كل ناد كروي أرضا لمبناه توازي مساحتها مساحة قرية كاملة، بينما لا تجد مؤسسة ثقافية أو فنية أو أدبية أو مسرحا يملك مقرا له.

إنني أؤكد أن الفرق الرياضية العربية لن تنجح يوما في الحصول على ميداليات ذهبية أو غيرها لأن لاعبينا يعتقدون أن الانتصار يأتي من خلال قوة الأقدام وعضلات الفخذ أو اليد متناسين أن عضلات بدون فكر لا يوصل الإنسان إلى الفوز ومعظم لاعبينا رؤوسهم خالية، فأنا لم أجد يوما لاعبا مرموقا يحضر ندوة أو محاضرة.

إن الإنسان لن يكون قويا إلا إذا كان يعيش في جو من الحرية والديمقراطية الحقيقية، وما دامت ديمقراطيات هذه البلدان شكلية فإما مجالس شورى أو (ابنة عمها) فإنه لا ينفع معها لا مدرب انجليزي ولا مدرب ألماني ولا كرواتي

العدد 383 - الثلثاء 23 سبتمبر 2003م الموافق 27 رجب 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً