أفضل المشاكل هي التي تخلق الدافع لدى الإنسان لابتكار حلول تنقله إلى مرحلة تحولات جذرية وتغيّر حياته للأفضل.
مشكلة تكدس الشاحنات على جسر الملك فهد الذي يربط بين البحرين والسعودية، تظهر إلى السطح بين الفينة والآخرة، وكأنها جرس إنذار للبحرين لتعيد النظر في كيفية تحويل هذه المشكلة إلى نقاط قوة للاقتصاد البحريني.
يتسبب تكدس الشاحنات لفترات طويلة تصل إلى أسبوع بأضرار كبيرة، أهمها الميزة التنافسية للشركات الصناعية وشركات المواصلات، لأن من أهم عوامل إرساء المناقصات هو الالتزام بالوقت، لذا فإن التأخير عامل مضر جداً، قد يبعد الشركات البحرينية عن حصولها على عقود ومناقصات.
للتوضيح على سبيل المثال، لو أن مصنعاً في السعودية بحاجة ضرورية إلى كمية ألمنيوم بعد 4 أسابيع، ونقل هذه الكمية عن طريق الشاحنة من البحرين إلى السعودية يستغرق 5 أسابيع، بسبب التعطل على جسر الملك فهد، بينما وصول هذه الكمية من الصين إلى السعودية 4 أسابيع. فمن الطبيعي أن المصنع السعودي سيتعاقد مع الشركة الصينية، وبذلك تخسر الشركة البحرينية هذه العقود.
هذا المثال يوضح جزءًا بسيطاً من الأضرار الناتجة عن تأخر الشاحنات على جسر الملك فهد. وإذا كانت هناك مشكلةٌ على الجسر يصعب حلها، فمن المفترض التفكير بإيجاد منفذٍ ثانٍ بدلاً من الاعتماد على منفذ واحد. وإذا كان إيجاد المنفذ البري الآخر، مثل جسر البحرين قطر، يحتاج إلى وقت طويل للتنفيذ، قد تكون المنافذ البحرية حلاً أسرع.
هناك «دُوَب» وهي مسطحات عملاقة فوق سطح البحر، كان يتم بها نقل الكنكريت من رأس الخيمة إلى البحرين، هذه «الدوب» متوقفة في وسط البحر، والشركات المالكة لها بحرينية تتكبد خسائر نتيجة توقفها. لماذا لا تستغل هذه «الدوب» لنقل الكثير من البضائع عن طريق البحر، بحيث أن شركات المواصلات أو أصحاب الشاحنات يقومون بنقل المنتجات من المصانع البحرينية إلى الميناء، ثم تنقل هذه البضاعة عبر الدوبة، إلى ميناء في السعودية، ثم تقوم شركات النقل السعودية بتحميل البضائع من الميناء إلى الشركات المشترية.
وبذلك، ملاك الدوب الذين كانوا يتكبدون خسائر، أصبح لهم سوق جديد مربح، وأصحاب الشاحنات سيحصلون على نصيبهم على قاعدة «الربح القليل خير من الخسارة»، والمصانع البحرينية تضمن الحفاظ على الميزة التنافسية فيما يتعلق بالالتزام بالوقت.
ربما هذا الخيار، فيه نوعٌ من التكاليف، لكنه قد يكون أفضل على قاعدة «أهون الضررين»، فحركة الدوبة في البحر من البحرين إلى السعودية تستغرق أقل من يوم، بينما الشاحنة على الجسر قد تستغرق أسبوعاً وأكثر.
حتى لو كان هذا الخيار مكلفاً، لكنه سيؤسس إلى قواعد جديدة في المستقبل، وعلى البحرين التفكير في كيفية تحويل هذه المشكلة إلى نقاط قوة، وتطورها شيئاً فشيئاً، وتضيف لها أبعاداً إستراتيجية جديدة لتصبح مركزاً قوياً للنقل البحري في المستقبل بما يتماشى مع مرحلة «بحرين ما بعد النفط».
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3816 - السبت 16 فبراير 2013م الموافق 05 ربيع الثاني 1434هـ
المسألة لا علاقة لها بفنون ادارة الشحن والنقل...هناك ارادة سياسية متبلدة لا اكثر !!!
هل تعتقد ان الأمة التى فتحت جيوشها يوما امبراطورية فارس وثغور الأندلس عجزة عن حل تنقل شاحنات بين الدول الشقيقة...لا..اقرأ العنوان اولا...
فكرة رائعة
معجب بأفكارك استاذ عباس وفقك الله وسلم قلمك