لم يكن لدينا من مهرب بعد ارسين لوبين سوى الروائيين المصريين القدامى التقليديين ومنهم نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي وغيرهم، ثم عالميات الأدب مثل البؤساء وباردليان وفوستا والفرسان الثلاثة، والأخيرة كانت حلم للكثير منا كشخصيات وأحداث وشهرة.
كانت رواية نادية ليوسف السباعي تعذبنا وتؤرقنا ونقرأها مرات عديدة ونحزن كثيراً ونبكي أحيانا لاحتراق وجه نادية لطفي. كما كان إحسان عبدالقدوس رائدنا في قضايا العلاقات العاطفية وغيرها، وكانت رواية «في بيتنا رجل» دليلاً للوطنية والحب والتضحية، وكان عبدالله الجودر (رحمه الله) يفرحنا بابتسامته وبحثه معنا عن الكتب التي نريدها ويفرح بتطور نوع القراءة لدينا، وعندما بدأنا في قراءة سلامة موسى ونوال السعداوي كان يعطينا الكتب وكأنها ثروات ممنوعة وكتب محظورة أو منشورات أحزاب، وابتسامته الهادئة جدا لا تفارق ثغره. كان موقع دكانه عند السوق والعطارين والبوتيكات البدائية ببضائعها البسيطة والمتواضعة والرخيصة نسبيّاً. وكان لأحد ابناء عمي بوتيك وكان يديره شخصيّاً هو وابن عمه، وقتها لم تكن هناك عمالة في كل مكان؛ فالبوتيك والمطعم والعطار وأغلب المحلات يديرها أصحابها. كان لي مشوار ما بين عدة أيام أقرر فيها زيارة المكتبة العصرية بعد أن يتجمع لدي بعض النقود، فأمر على بيت عمي ثم أنزل إلى فريج الخاطر وأعبر الداعوس حتى آخره حيث تقبع المكتبة العصرية، وتكون إما فرجة أو شراء كتاب، ثم أمشي حتى دكان ابن عمي لأسلم عليه وأعبره حتى دكان بوعابد. يقع دكان بوعابد في آخر السوق وقرب تجمع مجموعات رياضية لأعضاء في نوادي كرة وحاملي الأثقال وفتوات المحرق الطيبين والمتعاونين وكما يقولون أهل الفزعة. هؤلاء الفتوات كانوا بعيداً عن الإجرام والسرقة وأمراض أخرى، فكانوا مفتولي العضلات نتيجة ممارستهم حمل الأثقال والتدريبات. وكان الجميع يقف ويتجمع أمام دكان بوعابد الذي كان يبيع الفستق بطريقة مبتكرة وربما كانت الأولى والأخيرة، فكان يضع الفستق في صندوق مغطى بالزجاج من أطرافه كافة والغطاء من خشب ومثبتة به لمبة تظل والعة طول الوقت. وكان يبيع الفستق بالمبلغ وليس بالوزن، فإذا طلبت فستقاً بروبية أحضر كيساً ورقي ووضع فيه ما يري انه بروبية. ولايزال مذاق هذا الفستق في فمي لمذاقه الطيب وتمليحته وتحميصه غير المسبوق وقتها. كانت لدكان بوعابد ذكرى خاصة في حياتي وذلك في العام 1965 وفي عز المظاهرات المشهورة في أرجاء البحرين كافة.
إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"العدد 3815 - الجمعة 15 فبراير 2013م الموافق 04 ربيع الثاني 1434هـ
الله يرحمك يابوي
جميل
مقال حلو وممتع يعطيك العافيه
غذاء الروح
كتب سلامة موسى وجورج حنا خبز طفولتنا وغذائنا الروحي كما كنت ياصديقنا العزيز تجمع الروبيات لتشتري الكتب كنا نعمل عصرا بعد نهاية الدوام المدرسي وايام الجمعة ونجمع ما نحصل عليه من المال ونذهب الى المكتبة العامة في المنامة ويستقبلنا ذلك الرجل الوقور ، ونظل نبحث في ارفف المكتبة نختار الكتب القريبة من روحنا وكانت كتب سلامة موسة التوجيهية للشباب وقصص جورج حنا في مقدمة ما كنا نقتنيها ، وكنا نفضل اقتناء الكتب الادبية وكم كن نسعد بقرائتها.