العدد 3809 - السبت 09 فبراير 2013م الموافق 28 ربيع الاول 1434هـ

البلابيل والإسهال

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

ذكرت وكالة الأنباء العالمية «رويترز» قبل يومين أن رئيس الوزراء المصري هشام قنديل الذي كان سابقاً وزيراً للري يواجه اتهامات بعدم إلمامه بجوهر الأزمة في بلاده خلال الظروف التي تواجهها حالياً بعد تصريحات نقلها عنه التلفزيون وألقى فيها باللوم في مرض الأطفال على الأمهات اللائي لا يغسلن الثدي قبل إرضاع الصغار.

جاءت هذه التصريحات لقنديل - بحسب الوكالة - خلال اجتماع مع صحافيين على شاشة التلفزيون الحكومي الأسبوع الماضي عندما حول كلامه إلى الحديث عن مآسي الحياة في ريف مصر. وقال إنه خلال عمله زار ريف مصر وقال إن هناك قرى في مصر في القرن الحادي والعشرين «العيل بيجيله إسهال لأن أمه بترضعه من غير ما تنظف صدرها».!

وأثارت تصريحات رئيس الوزراء عاصفة من الانتقادات معظمها يعكس حالة الاحتقان السياسي والاقتصادي الذي يخيم على البلاد منذ الانتفاضة التي اندلعت قبل عامين وأطاحت بحكم حسني مبارك. وتساءلت مذيعة قناة التحرير المستقلة دينا عبدالفتاح عن السبب الذي يدعو رئيس الوزراء إلى الحديث عن هذه الأمور بينما مصر في «حالة هياج».

يحق لمذيعة قناة التحرير أن تستغرب، بل وتستنكر، وأيضاً تشجب تصريحات رئيس وزراء الثورة عن «غسل الثدي قبل إرضاع الطفل» بينما دماء المصريين تغسل الشوارع، فهذه التصريحات تزامنت مع مقتل 59 شخصاً على الأقل خلال عشرة أيام من الاحتجاجات التي بدأت نهاية الشهر الماضي!

تصريحات رئيس الوزراء المصري ذكرتني بمناقشة مجلس الشورى البحريني لأزمة انقراض البلابيل في البحرين، في منتصف التسعينات من القرن الماضي بينما كانت الأزمة السياسية حينها تطحن البلاد والعباد ولكن البلابيل وقتها كانت على رأس الأجندة الوطنية، تماماً كما تصدر «إسهال المواليد» أجندة رئيس الوزراء المصري، في الوقت الذي كان فيه قصر سيادة الرئيس مرسي محاطاً بحشود المتظاهرين!

دس الرأس في التراب على طريقة النعام هي ماركة مسجلة للدول النامية في مواجهة المشكلات السياسية التي تعصف بها، وهي العلاج الأول والأخير، على رغم أنه لم يحقق نجاحاً في تاريخ هذه الدول قط، لذلك فإنها ستراوح مكانها إلى أن تأذن لنفسها بالتعاطي بواقعية وشفافية مع مشكلاتها وأزماتها.

ستبقى شعوب العالم الثالث بعيدة عن منافذ الحل لأزماتها مادامت هذه الشعوب تتابع تفاصيل ما يحدث بداخلها عبر الإعلام الخارجي، لأن إعلامها المحلي مشغول بحريق في غابات السافانا في جنوب إفريقيا، أو بفيضان على ضفة نهر الكونغو، أو بشجار في شمال موناكو!

لعلاج أية مشكلة نحتاج أن نضع يدنا على الجرح بصدق، فمرض القلب لا ينفع معه تقطير الأذن، وتمزق رباط الركب، لا ينفع معه مرهم العين، وأول العلاج أي علاج هو القناعة بوجود المشكلة، وإلا فإننا سنظل ننتج أزمة تلو الأخرى إلى أن تتكسر كل مفاتيح الحل!

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 3809 - السبت 09 فبراير 2013م الموافق 28 ربيع الاول 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 7:03 ص

      نظام بائس

      مادامت هذه العقول هي المسيطرة علي الشعوب على ثرواتها واقتصادها وتاريخها ومستقبلها فلن تتطور الدول العربية

    • زائر 8 | 7:02 ص

      نظام بائس

      مادامت هذه العقول هي المسيطرة علي الشعوب على ثرواتها واقتصادها وتاريخها ومستقبلها فلن تتطور الدول العربية

    • زائر 5 | 6:30 ص

      نظام بائس

      مادامت هذه العقول هي المسيطرة علي الشعوب على ثرواتها واقتصادها وتاريخها ومستقبلها فلن تتطور الدول العربية

    • زائر 4 | 1:50 ص

      توصيف مميز و كاتب راق

      شكرا لك على هذا المقال الذي كما قلت انت فيه وضع الاصبع على مواضع الألم و تشخيص المشكله نص الحل كما يقولون .. فمعتقلي الرأي و قتل المساجين و تعذيبهم فيها و سحل المواطنين في الشوارع و الاهانات و الصفعات و المفصولين و القضاء المسيس و اهانة الاطباء و المعلمين و الطلاب و هدم المساجد و اطلاق الغازات الخانقه على البيوت بساكنيها من الكبار و الصغار و النساء و المرضى و الهجوم على البيوت في انصاف الليالي و التحرش بالنساء و سرقة اموال الناس لا تحتاج لجلسات حوار في العرين لكي يتم الكف عنها و معاقبة الجاني

    • زائر 3 | 1:26 ص

      هذا هو حالنا في الدول العربية

      البلد تشتعل على صفبح ساخن والتلفزيونات الرسمية تغني وترقص ، ومذعي العازة مبتسمين ويقولون البلد بخير ولا في شي ، وهذول شوية مخربين ، لما طارت روس .

    • زائر 2 | 10:56 م

      الاخ عقيل مع أن موضوعك المضحك المبكي .. ذكرنا بالبلابيل

      فأرجوك أن لا تلومني إذا أخبرتك بأن ( بلبولي ) الذي قضى معي في البيت 4 سنين انتقل إلى رحمة الله أمس ولا أعرف بأنه برمج رحيله ليكون في فترة (الحوار) كي أحزن عليه ولا أحزن على نتائج الحوار التي لا أعتقد أنها سترجعني إلى وظيفتي التي فُصلتُ منها ظلماً وجوراً .. وشكراً وسامحنا إذا رحنا بعيد.

    • زائر 1 | 10:33 م

      كفو عليك والنعم

      لقد وضعت النقاط على الحروف يا ولد عمي ، الحلول الجذرية لاي مشكلة هو عين الصواب . ربما يكون البتر لعضو من جسم المريض أجارنا ااااه وإياكم خير من وضع لآخر المراهم حداثتا وانتاجا وسمعة . ولكن ماذا نقول لامة ضحكت من جهلهل الامم .
      ((( م . الــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــــلادي )))

اقرأ ايضاً