يعيش سامي في قرية أراضيها متدنية الخصوبة للزراعة، ومياهها قليلة تميل للملوحة، ما يجعل إنتاجها للطماطم قليلاً ومكلفاً نسبياً، بينما قرية أبويحيى المجاورة أراضيها خصبة وغنية بالمياه العذبة، ما يجعل الإنتاج فيها وفيراً وبتكاليف أقل. ونتيجة لذلك فإن قرية أبويحيى هي المسيطرة والمهينة في المنافسة. فأدرك سامي أن منافسة قريته بنقاط ضعفها، للقرى الأخرى في نقاط قوتها هو أمر لا يصل إلى الطموح.

فطرح سامي فكرته «التكامل والاستفادة من قوة الأقوياء»، وخاطب قريته للاستفادة من قوة قرية ابويحيى في إنتاج الطماطم، من خلال إنشاء صناعات مكملة، فأخذت قرية سامي تشتري إنتاج قرية ابويحيى، وتصنع به عشرات المنتجات منها: معجون طماطم، صلصة طماطم، عصير طماط، مخلل طماط، سلطة طماطم، بيتزا طماطم، خلطة طماطم للمشويات، صالونة طماطم، رز بالطماطم إلى جانب عشرات المنتجات. وهو ما أحدث ثورة اقتصادية في صناعة الطماطم، أدت إلى ازدهار الزراعة في قرية أبويحيى، وازدهار الصناعات المكملة في قرية سامي، وهكذا استفادت القريتان.

الحكمة هي في الاستفادة من نقاط قوة الأقوياء، وتسخيرها لصالحنا من خلال التكامل، وتعميم الفائدة للطرفين.

وفيما يتعلق بالمنافسة على المركز التجاري الإقليمي في المنطقة، فإن دبي أصبحت المسيطر والمهيمن على التجارة في المنطقة، كما أن كثيراً من تجار البحرين يستوردون البضائع عن طريق دبي، ويبيعونها في السوق المحلية، ومن الصعب على البحرين توفير بنى تحتية مثل التي في دبي من مطارات وموانئ ومناطق حرة ولوجستية تستوعب حجم تجارة تقدر بمئات المليارات من الدولارات.

لا أؤمن بالمستحيل، فإذا أرادت البحرين أن تصبح المركز التجاري الإقليمي فهي قادرة، لكن من الحكمة المقارنة بين التكاليف والنتائج، والخيارات مفتوحة، والبحرين لها مطلق الحرية في خياراتها.

الميزة التي تتمتع بها البحرين حالياً، هي أن التكاليف في البحرين أقل من دبي، وهذا أدى إلى انتقال العديد من الشركات إلى البحرين، ويستند البعض إلى هذه الميزة في جعل البحرين المركز التجاري الإقليمي. لكن هذه الميزة عكسية، بمعنى أن سبب ارتفاع التكاليف في دبي هو تكاليف إنشاء البنية التحتية، فإذا أنشأت البحرين بنية تحتية مثل التي في دبي، فإن التكاليف فيها ستكون أعلى بكثير من دبي، وخصوصاً إذا ما أخذنا الزمن والظروف الاقتصادية التي تم فيها إنشاء البنى التحتية.

وقد يكون أفضل خيار للبحرين هو التكامل مع دبي والاستفادة من نقاط قوتها... على سبيل المثال، تاجر بحريني يريد إرسال بضائع من الصين إلى دبي، ثم من دبي إلى أسواق المنطقة. وفي النهاية يقوم التاجر البحريني بتحويل أرباحه من الصفقات إلى البحرين، أي أن تكون البحرين وعاء لتدفق النقود.

نستفيد من البنى التحتية التي في دبي، في تعزيز التجارة الدولية للبحرين، بحيث يكون دور التجار ورجال الأعمال في البحرين هو البيع والتصدير بين دول العالم، ومن ثم تحويل الأرباح إلى البحرين. دبي ستستفيد من نشاط التجار البحرينيين كونها مركزاً تجارياً إقليمياً، والبحرين ستستفيد من تدفق الأموال إليها كونها وعاءً للنقود.

المطلوب هو التفكير، في كيف نستفيد من البنى التحتية في دبي ونحقق الاستفادة العملية القصوى. وكيف نستفيد من نقاط قوة دبي، ونحوّلها لصالح البحرين من خلال التكامل وقاعدة «فيد واستفيد». وهذا يتطلب فكراً اقتصادياً جديداً، وتأسيس قواعد جديدة للتجار في البحرين.

وهذه لا يعني أن تتخلى البحرين عن خطط تطوير مطاراتها وموانئها. بل على البحرين أن تستمر في تطوير مطاراتها وموانئها والمناطق الحرة واللوجستية، لزيادة القدرات التنافسية وفق استراتيجيات تتطلبها مرحلة «بحرين ما بعد النفط».