كنا صغاراً نصنع قوارب من براميل الزيت ومن الخشب العادي، وقد صنعها الصيادون والمهتمون بالبحر وصيد السمك كهواية ورزق وحب لا ينخلع من القلب. وكان لي صديق اسمه مبارك ساعدته في صنع قارب خشبي صغير نسبياً يكفي لخمسة أو ستة أشخاص. وكنا نذهب معاً وبعض الأصدقاء إلى مجموعة مناطق لصيد السمك مثل البقعة وشتنيه وفشت العظم. لم يستمر ذهابي معه لظهور قوارب الفايبر لدي بعض الأقارب والأصدقاء، عدا ذهابنا أحياناً في محمل لصديق من الحد للصيد ثم نعود معه ليباري حضور السمك الخاصة بهم. وأتذكر أنني ذهبت مع هذا الصديق، واسمه محمد، أنا وأخوي وثلاثة من أبناء أخي في رمضان وفي عودتنا ضرب فشت (حجر) المحمل فتسرب الماء إليه وكانت مجموعة مآسٍ بالنسبة لنا أولها حياتنا وثانيها المحمل لكننا نفذنا منها وعدنا بعد أسبوع مع هذا الصديق للحداق وفي المحمل نفسه الذي صلحه دون عظة أو تفكير.
الأسماء والألقاب كانت قديماً فردوس من المحبة والتقدير والاحترام لا فرق بين غني أو فقير، فكنا نسمي أي شخص كبير في السن أبوي أو يبا محمد ويبا علي، والنساء يما فاطمة ويما شريفة. أما أبناء الجيران فلهم أكثر من اسم فمحمد يطلق عليه الحمد للمحبة وحمود مقرونة بالزجر وحمادي مرتبطة بالدلال. أما البنات فكانت شريفة إن كانت قريبة للقلب والعائلة وشرفوه كنعت للشقاوة أو قلة الشأن أحياناً. أما الوافدون على الفريج أياً كانت منزلتهم ولضعف العلاقة الحميمية بينهم فهم بوحمد وبومهنا، أما النساء فهم أم حسين وأم أحمد وهكذا. كما لم تدخل البصقة أو المعايرة بالأصل واللون والتندر بفقر أحدهم أو ضعف أصله في قواميسنا فهي مصيبة وجريمة يعاقب عليها المذنب من والديه وينظر إليه بنوع من الحقد لتقليله شأن أياً كان من الفريج لذا كنا في حذر من الوقوع في هذا المطب حتى كبرنا ونحن لا نفرق أو نتندر على شأن أو أصل أو مذهب أو طائفة لأيٍّ كان من البشر. لم يكن في الفريج فقراء بمستوى الحاجة أو مد اليد، إلا في حالات أكثر من نادرة ويكون الفريج بأكمله داعماً لهذا الفقير ومخففاً عنه شر السؤال ومذلته، لذا كان الكل للكل وكأننا عائلة واحدة، وربما هذه واحدة من أسباب قلة الزواج من بنات الفريج الذين كانوا تحت بصرنا وشقاوتنا ومناكفتنا لهن، فلم تخلق أي عاطفة أو ود خاص، فهذه في النهاية فطوم بنت محمد أو شرفوه بنت مريم بدون أي شعور خاص، فهي بنيه من الفريج.
إقرأ أيضا لـ "عبدالجليل السعد"العدد 3801 - الجمعة 01 فبراير 2013م الموافق 20 ربيع الاول 1434هـ
الله يرحمك يابي
رحم الله أيام زمان
تدركني أخي العزيز بالمحرق أيام زمان عندما كانت البيوت مفتوحة على بعض. عندما كنا نلعب في كل فرجان لمحرق لا نعرف كلمة شيعي أو سني بل أخوي وأختي, ليس للطائفية البغيضة مكان بيننا. ما أدري شلي غير قلوب البعض. (محلرقي/حايكي)
ثقافات الفرجان
ثقافات الفرجان متمايزة في هذه العلاقة بين منطقة واخرى في بلادنا حيث تكمن خصوصيات الموروث الشعبي على الرغم من ترابطها المعرفي والنشأة ضمن المسيرة التاريخية في تشكل مكونات المنظومة المجتمعية في بلادنا.
وانا سعيد ان اقرأ ما يكتبه الاخ عبد الجليل السعد ونتمنى ان يتداعا المهتمين لابراز ثروة الاحياء وثقافاتنا المجتمعية الثرية بحكاياتها وموروثها القيمي.