كما يبدو هناك علاقة طردية مؤطرة، يمكننا استنتاجها بين علاقة الأنظمة بالشعوب، وهذه العلاقة ترتكز على أنه كلما ارتفعت كرامة المواطن وزادت سقوف حريته واعتباره وكرامته في وطنه، كلما ارتفعت قيمة وعلو دولته بين الأمم.
بالمقابل نجد كلما ازدادت أية سلطة في قمع شعبها واضطهاده، كلما نقصت سقوف هيبتها واحترامها بين الأمم، وعندما تقوم السلطة بزج سياسة البلد بقضايا لا تقبلها وتستنكرها المنظمات الدولية، كنظام التمييز بين المواطنين برفع قَدَر ثلةٍ ضد بقية المواطنين، كلما نزلت قيمة المواطن التي تؤدي في النهاية إلى ضعف النظام. كما أن التمييز ضد فئات مستهدفة تجعلها تزدري النظام، وتدفعها لاتخاذ موقف متوجس من قوانين وأنظمة البلد، حينما يرى الشعب هذه القوانين لا تتماشى مع القيم والأخلاق والقوانين الإلهية أو الوضعية.
هذه السياسة التمييزية تجعل المواطن يقاوم مَن يسحق حقوقه، فيبقى في ديناميكية حركية لا تستقر، فيطالب بالعدل والتصدي للظلم الذي يقع عليه. أما إذا رأى الناس القانون يسود على الجميع، وليس هناك إقصاء أو انتقاص ضد أي فرد أو مجموعة، فإنه يقوم بحماية نظامه، كما هي فطرة المواطن الصالح ذي الولاء المطلق للأرض، فيدافع عن النظام حينما يحميه ويحفظ حقوقه ويصون المال العام ويطبق القانون على الجميع من دون تمييز.
وعندما يلحظ الشعب المفسدين يسرقون خيرات البلد، ويفسدون في الأرض من غير محاسبة، ويتقاسمون مواردها العامة من غير وجه حق، فسيأخذ موقفاً معارضاً، ويدعو لمناهضة الفساد، ويعمل على فضح ممارسات النهب والاختلاسات حتى لا تصبح البلد مرتعاً للسلب، من دون قانون رادع. فيرى المواطن في هذه الحالة أن من واجبه المطالبة بمحاكمة من أفسد وسرق، ولم يراعِ حق الشعوب، ولم يحافظ على المال العام.
من هنا نصل لاستخلاص مؤكد، بأن كرامة الوطن من كرامة المواطن. فالنظام الذي يهتم ويداري ويدافع عن مواطنيه عند تعرضهم للأذى خارج بلدانهم مثلاً، ترتفع بورصته في العالم، وعلو درجة النظام تزداد بين الأمم، بسبب ما يحصل عليه من مؤازرة في الشدائد من شعبه فيقويه عند تعرضه لأي تهديد خارجي محتمل. وعلى العكس حين تعمل الأنظمة ضد توجهات شعوبها، فإنها لن تحظى بالاستقرار، حتى لو تسلحت بأعتى الجيوش والأسلحة والمرتزقة لحفظ أمنه، كما حصل في ليبيا عندما جلب معمر القذافي محاربين أجانب لقتل شعبه.
الأنظمة السياسية في هذا العصر، تبتعد عن سياسات التمييز والفساد والتفرقة، كتفضيل فئة على أخرى، لأن نتيجتها إضعاف الدولة والنظام العام، فتتمرد عليه الفئات المستهدفة ممن يقع عليها الحيف والظلم، كما حصل في مصر وتونس وليبيا، فتسعى للاحتجاج وتغيير واقعها، مهما امتلك النظام من قوة ذاتية أو إقليمية أو دولية، لأن القوى الخارجية ستتخلى عنه وتسلمه إلى مصيره كما حصل في مصر واليمن.
إن التجارب توجب على الأنظمة الانفتاح على شعوبها والاستماع لصوتها، وعدم الاستعلاء والاستمرار في الاستئثار بالقرار على حساب الشعوب، فهذه السياسات تولد الكراهية وتحفز على المعارضة بما ينتهي إلى ضعف النظام.
في هذا الزمن الجديد، تتجه الأمم إلى احترام حقوق الإنسان الواردة في المواثيق والعهود الدولية، التي وقعت عليها أغلبية دول العالم، وتسعى إلى ترسيخها كثيرٌ من المنظمات الدولية العاملة في مجال حماية حقوق الإنسان.
همسة مواطن: عندما أختلي بنفسي تراودني فكرة: هل نحن مرضى أخلاقياً وسلوكياً؟ وتخالجني همومٌ من بشاعة ما يحدث في بلدي، فلماذا يتم التعامل مع المواطنين بهذه الطريقة الوحشية من تعذيب وانتهاكات لحقوق الإنسان؟ فهل نحن حقاً في دولة مؤسسات أم في حلبة صراع لا تحكمنا قوانين ولا قيم ولا مبادئ؟ فكل أمانينا أن يتغير هذا السلوك إلى الأفضل، للوصول إلى الأمن المطلوب للجميع.
إقرأ أيضا لـ " أحمد العنيسي"العدد 3791 - الثلثاء 22 يناير 2013م الموافق 10 ربيع الاول 1434هـ
الأنظمة الوراثية
هذه الانظمة ما زالت تحكم بطرق تتنافي مع الشريعة والدساتير وأبسط حقوق الإنسان وما نتعرض له في البحرين شيء بشع يا ريت يا استاذ تكتب عن قضية التوطين التي نعاني منها
مواطن بلا هيبة = وطن بلا هيبة
الأب الذي لا يزرع في ابنائه عزة النفس والكرامة لا يمكن للاولاد ان يكون لهم وزن او قيمة اجتماعية طالما ان الاب يستهين بكرامة ابنائه والبيت الذي يخرج ابناء مسلوبي الكرامة والعزة هو بيت واهن
وكذلك الحال بالنسبة للوطن فهل تستطيع حكومة البحرين ان تظهر للعالم بمظهر الواثق من نفسه ألم تؤثر الاحداث على شخصية المسؤلين في الخارج
المسألة مترابطة ومن يهن يهن ومن يعن يعن
الشعب عايش بكرامه
الظاهر اللي يحس نفسه ما عنده كرامه يظن الشعب نفسه ... عقدة النقص متأصله فيه ... الثله التي تتكلم عنها هم الاصل وانتم المستوردون
مضحك
هل ما تقدمه المنظمات الحقوقية وغيرها من الدول العظمى من تقارير وضغوطات افتراء ؟
يسلبون هيبة المواطن ثم ينشدون هيبة الوطن كيف يكون ذلك؟ في البحرين فقط
هيبة الوطن هل هي هيبة الارض ام هيبة الدولة الاعتبارية وهل هيبة المواطن خارجة عن هيبة الدولة الاعتبارية ام انهم كلهم جميع جزء لا يتجزء؟
من يفصل هيبة المواطن هن هيبة الوطن فإنما ينشد المستحيل لأن الوطن بلا مواطن لا قيمة له وارض فاضية اترى لو ذهب انسان الى الصحراء قاحلة وأراد ان ينشد هيبة دولة في الصحراء القاحلة فماذا سيجد ومن سيرد عليه.
عندما يهان المواطن في وطنه فلا قيمة للوطن بأكمله هذه زبدة الكلام
وعليه النظر اذا اقتصر للماديات دون وجود الانسان فإننا نتحول الى جمادات
مبدع يا الستراوي
هذه السياسة التمييزية تجعل المواطن يقاوم مَن يسحق حقوقه، فيبقى في ديناميكية حركية لا تستقر، فيطالب بالعدل والتصدي للظلم الذي يقع عليه. أما إذا رأى الناس القانون يسود على الجميع، وليس هناك إقصاء أو انتقاص ضد أي فرد أو مجموعة، فإنه يقوم بحماية نظامه، كما هي فطرة المواطن الصالح ذي الولاء المطلق للأرض، فيدافع عن النظام حينما يحميه ويحفظ حقوقه ويصون المال العام ويطبق القانون على الجميع من دون تمييز.
تسلم. مقال رائع
دائماً ما تبهرنا بأسلوبك الراقي في الطرح موضع رائع وخصوصا ان معظم الناس فقدت كرامتها في ظل أوطانها وكما عهدناك مبدعا دائماً وكلنا في سترة نفتخر بطريقة عرضك للأمور بشكل هادئ وسلس ولكنه في الصميم