بعد عام من التجربة البرلمانية في البحرين، ومع بدء دور الانعقاد الثاني، يبدو أن النواب مالوا ميلة واحدة إلى طرق أبواب المسئولين في وزارات ومؤسسات الدولة، في ظل حديثهم عن دور انعقاد ثان ساخن جدا، ويبدو أن السبب بحسب ما يفهم من تصريحات النواب أن حجم الاستجابة التي يبديها الوزراء والمسئولون للطلبات الخاصة التي يتقدم بها النواب لا تذكر، وأن الكثير منهم يتعلل بالانشغال والاجتماعات كما يفعل مع أي مراجع عادي.

إلا أن المسألة أعمق بكثير من عدم استجابة المسئولين للطلبات الخاصة التي يتقدم بها بعض المواطنين إلى النواب، وأوسع في مرجعياتها من هذا الجنوح الحاد إلى المشكلات الخدمية والسعي إلى تلبية الاحتياجات الخاصة ببعض المواطنين والمعارف، وهي تأخذ نمطين من التفكير في أسلوب عمل النواب وفهمهم إلى أدوارهم وحقيقة التجربة برمتها.

النمط الأول يرى أن الدور الذي يلعبه هو ما يناسبه، ولا ينبغي له أن يتعداه إلى مساحة أوسع من هذا الدور، وبالتالي فكل القضايا الاستراتيجية التي تمثل عمق الإشكالات السياسية والدستورية والاقتصادية لا تشغل باله لا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي فإن أي طموح لرقي المجلس خارج هذا الإطار سيكون محل معارضة شديدة منهم، وهم ليسوا بقليل. أما النمط الثاني، فهو الطرف الذي خسر معركته السياسية داخل الإطار المتجاذب على الموقف من المشاركة والمقاطعة، في ظل عدم وجود رغبة رسمية في إيصال التجربة إلى مستوى القبول، ما جعله يتراجع إلى البحث عن أصوات انتخابية من خلال تقديمه خدمة هنا وخدمة هناك، وفي كلتا الحالتين، فإن التجربة قد تنوء بأعباء تراكم الملفات السياسية والضغط الشعبي، الذي سيفرز قناعات جديدة غير متوقعة في حال استمر الوضع على ما هو عليه، وهو الأرجح.