الخلط بين سلوك الحكومة الأميركية والمنظومة الدولية هو خلط مفهوم، فأميركا هي الدولة العظمى الوحيدة في العالم منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي، وبالتالي فإن حصتها من التأثير أكبر من غيرها، ولذا يحدث الخلط تأسيساً على أن المنظومة الدولية مرتهنةٌ للولايات المتحدة. وهي مسألةٌ تحتاج إلى مزيدٍ من النقاش، ربما كان أبرز من أسهم في ذلك النقاش هو البروفيسور جوزيف ناي عن القوة الناعمة وعن محدودية القوة.
وكذلك فإن أميركا تتحدث كثيراً عن احترام حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته ترتكب الانتهاك تلو الآخر في بلدان العالم المختلفة، والأمثلة على ذلك مشهورة من غوانتانامو إلى باغرام إلى بوغريب، فكيف يستقيم ذلك التناقض؟ كما أن واشنطن تقف موقفاً غير ودي، إن لم يكن عدائياً ضد المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، فأميركا هي الدولة الغربية الوحيدة التي رفضت ومازالت ترفض التوقيع على معظم الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، حيث لم تنضم إلى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب.
ومن طرائف الأمور أنه في حين أن كل دول العالم تقريباً قد انضمت إلى اتفاقية حقوق الطفل إلا أن الدولتين اللتين مازالتا تمتنعان عن ذلك هما الصومال وأميركا، وقد أثرتُ موضوع عدم توقيع الصومال مع الرئيس الصومالي أثناء لقائنا في مقديشو في سبتمبر/ أيلول 2001، في بداية تسلمي لملف الصومال الحقوقي، فأجاب ساخراً: «لو وقعنا على الاتفاقية، فإن ذلك يعني أننا سنفقد الشبه الوحيد الذي يجمعنا بأميركا».
كذلك شاهدنا بوضوح الجهد الكبير الذي بذله الوفد الأميركي بقيادة جون آشكروفت (وزير العدل لاحقاً) لإعاقة أو على الأقل إضعاف المحكمة الجنائية الدولية، وحتى بعد أن صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اتفاقية روما 1998، المنشئة للمحكمة، استمرت أميركا في عقد الاتفاقيات الثنائية مع الدول لإضعاف المحكمة. وربما كان من المضحكات المبكيات أن أميركا وإسرائيل والدول العربية اتفقت ضد المحكمة الجنائية الدولية.
من المؤكد أن كل تلك الحقائق لا تضع أميركا في موقع المدافع المبدئي عن حقوق الإنسان، إذاً فكيف تقوم تلك الدولة العظمى بالحديث عن حقوق الإنسان وتطلب من دول أخرى احترامها؟ وهل يحق لها ذلك؟
الأمر بالتأكيد أكثر تعقيداً مما يبدو، ومرتبطٌ بشكلٍ مباشرٍ بطبيعة العلاقات الدولية، لأنها علاقات تحكمها القوة لا المبادئ الحقوقية، فهي علاقاتٌ ليست لمنظمات خيرية، كما أن الأمر، مرتبطٌ بتطور النظام الأميركي، وتنامي دور المجتمع المدني، والإعلام، ومؤسسات التعليم، في إحداث تحولات مؤثرة على توجهات السلطة الأميركية كما سنرى.
إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"العدد 3785 - الأربعاء 16 يناير 2013م الموافق 04 ربيع الاول 1434هـ
حقوق الانسان اذا اصبحت في ايد تتلاعب بها لمصالح فردية
حقوق الانسان ومنظمات حقوق الانسان كلها امور من اجل خلق اعذار للسيطرة والضغط على الحكومات التي لا تمشي في الفلك الامريكي والغربي فلو أن بلدا
يرضي الغرب والامريكان وداس على كل حقوق الانسان فلن يحرك هؤلاء ساكنا
ابدا طالما مصالحهم مضمونة ومنذ ان يبدأ نظام بالتفكير في الحد من المصالح
الغربية والامريكية فإنهم سوف يرفعون سلاح حقوق الانسان في وجهه.
اذا فحقوق الانسان كالسكين او السلاح ترفع في وجه من لا يطيع الاوامر فقط
انها لعبه امريكيه خبيثه
هذا دليل علي ان للقوه بريق يعمي الكثير من الانضمه ممايجعلها لاتبصر الي الي المنطق وان كان وضوح الشمس ، اسطاعت امريكا بسطوتها ان ان تحرف كثير من من دول العالم عن طريق المنطق الي طريق القوه والهيمنه لتمير سياستها وتحقيق مصالحها