يحكى أن الاقتصادي أبوجحة ولد في قرية يعتمد اقتصادها على الزراعة، وتفاقمت المشكلة عندما أصبحت أغلب أراضيها غير صالحة للزراعة، يشتكي سكانها من تدهور خصوبة الأرض، وعدم قدرتهم على منافسة المزارع الصينية.
أفلس من أفلس، وغرقت القرية في بحر الفقر والجوع، لعدم وجود اقتصاد مع انهيار خصوبة الأرض. ولتحريك الاقتصاد وانتشال القرية من الفقر، طرح أبوجحة نظريته الاقتصادية قائلاً: «لا نحتاج إلى أراض زراعية خصبة في القرية، كل ما نحتاج اليه هو إعادة برمجة العقول من جديد».
النص الأدبي لنظرية أبوجحة هو أن «كل المزارع في العالم تعمل لصالحنا». فذهب إلى مزرعة في الصين وطلب 100 طن جح (بطيخ احمر)، وصدّرها إلى الخليج، ثم توجه إلى اليابان وطلب من مزرعة يابانية 200 طن جح، وصدّره إلى أوروبا. ثم يحوّل صافي الأرباح والأموال إلى قريته التي تحولت إلى وعاء تتدفق فيه النقود.
وأصبحت المزارع في كل العالم تعمل لصالح قرية أبوجحة. فأحدثت ثورة وتطورا اقتصاديا هائلا في القرية التي لا تمتلك أراضي خصبة، وإنما سخرت كل مزارع العالم لخدمتها، ولهذا السبب سمي ولقب هذا المفكر الاقتصادي بـ «أبوجحة».
هذه القصة، أتذكرها، كلما سمعت التجار والمستثمرين في البحرين يشتكون من قلة الأراضي الصناعية. باعتقادي أنه ليس كل مشروع بحاجة إلى أرض صناعية في البحرين. فيمكن أن نسخر كل مصانع العالم لخدمتنا، كما سخر أبوجحة مزارع العالم لخدمة قريته!
فكرة تسخير كل مصانع العالم لصالحنا، تتطلب منا فكرة المنتج، وتصميمه، والتخطيط، ومن ثم البيع والتوزيع. على سبيل المثال، مشروع بيع الكراسي البلاستيكية، هناك خياران، اما أن أقيم مصنعا في البحرين يصنع الكراسي، وهذا سيتطلب رأس مال ومعدات، وآلات، وتكاليف كبيرة، وقد لا تحصل على أرض صناعية.
والخيار الثاني، يمكن أن تصمم المنتج، وتأخذ هذا التصميم إلى مصنع في الصين أو اليابان، وتطلب منه صناعة 10 آلاف كرسي، ومن ثم تقوم بتسويقها في البحرين ودول الخليج، والشرق الأوسط أو تصدرها إلى أي دولة في العالم.
وهذا الخيار أنت لا تحتاج فيه إلى معدات وآلات ولا أرض صناعية.
للعلم، أن معظم الماركات العالمية، ليست لديها مصانع، وإنما يقومون بتصميم المنتج، بمواصفات ومزايا، ويطلبون من المصانع في مختلف أنحاء العالم، صناعتها لهم، ومن ثم يقومون ببيعها في مختلف أسواق العالم. وهذا هو المستقبل الحقيقي للاقتصاد، فالعالم تغير وقواعد اللعبة الاقتصادية تغيرت بشكل هائل.
لماذا لا يكون شعارنا في البحرين، «كل مصانع العالم في خدمتنا»، وتصبح البحرين وعاء تتدفق فيه النقود العالمية، كما تحولت قرية أبوجحة إلى وعاء لتدفق النقود. لماذا لا نعد العدة إلى «بحرين ما بعد النفط».
إقرأ أيضا لـ "عباس المغني"العدد 3781 - السبت 12 يناير 2013م الموافق 29 صفر 1434هـ
موضوع ممتاز
عطنه المال وعدل قنون {سوق العمل} ونطور العمل ...عباس الذهب
مقال جميل
أحسنت لهذا المقال
مقال رائع
افكارك موفقة جدا وانصح الجميع بقرائتها
شكرا لقلمك